الديوان » لبنان » المفتي عبداللطيف فتح الله » أقسمت بالسحر بين الكحل والوسن

عدد الابيات : 80

طباعة

أَقسَمتُ بِالسّحرِ بَينَ الكحلِ وَالوَسنِ

وَالصّارِمِ المنتضي مِن طَرفِهِ الوَسِنِ

وَالبدر مُزدَهِياً في شَرقِ جَبهَتِهِ

وَالشّمس طالِعَة في وَجهِهِ الحَسَنِ

وَعَقرَب الصدغِ حاذى قَوسَ حاجِبِهِ

بُرجَ المَحاسِنِ حاذَى جَبهَةَ الحُسُنِ

وَرَوضِ وَجنَتِهِ المُزري بِرَونَقِها

مِن بَهجَةِ الوردِ زَهر الرّوضِ وَالفنَنِ

وَمِسكِ شامَتِه في وَردِ وَجنَتِهِ

يا حَبّذا المِسك فَوقَ الوردِ وَهوَ جَني

وَآسِ عارِضِهِ تَسقيهِ وَجنَتُهُ

ماءَ الحَياءِ وَماءَ الوَردِ لا المُزُنِ

وَاللّيل مِن فَرعِه يَبدو تَلامعُهُ

مِنَ السّوادِ كَمِثلِ البَرقِ في الدُّجُنِ

وَبَدرِ غُرَّتِهِ الغرّاءِ يَكنفُها

صُبحا الجَبينَينِ بَينَ الأُذنِ والأذُنِ

وَلَمعِ طرّتِهِ مِن بَدرِ غرّتِهِ

فَلا اِحتِياجَ بِها لِلدَّهنِ وَالدُّهُنِ

وَالدُّرِّ مِن ثَغرِهِ الدُّرِّيّ مُبتَسِما

وَلَيسَ يحصَرُ بِالتّثمينِ في ثَمَنِ

عَلَيهِ بابٌ مِنَ الياقوتِ مُنتَظِمٌ

يا حُسنَ درٍّ لَدى الياقوتِ مُختزنِ

وَخَمر ريقَتِهِ مَمزوجَةً عَسَلاً

مِن غَيرِ مَزجٍ وَلَكِن خلق ذي المِنَنِ

تَقَرقَفَتْ سَلسَلاً في كاسِ مَبسِمِهِ

وَقَد تَبَدَّت بِرَشفِ الوهمِ تُسكِرُني

وَالجيدِ تَحتَ مُحيّاه المُضيءِ زَها

ما أَضوأَ الجيد تَحتَ الوَجهِ وَالوجنِ

فَإِنّهُ كَعمود الصّبحِ ضاءَ وَقَد

عَلَتْهُ شَمسُ الضُّحى في أَحسَنِ الزِّينِ

وَالصّدرِ مِن تَحتِهِ لَو بانَ مُنكَشِفاً

لَغَابَ بَدرَ الدّجى خَسفاً ولم يَبِنِ

فَالوَجهُ وَالصّدرُ ثمَّ الجيدُ بَينَهُما

شَمسانِ أَسفَرتا بِالحُسنِ في زَمنِ

وَالصّبح بَينَهُما أَبدى تَلألُؤهُ

وَمثل ذا الصّبحِ كالشّمسَينِ لَم يكنِ

وَالرّمحُ مِن قَدِّهِ الميّاسِ في أَودٍ

مُزري الرّياح وَخودِ البانِ وَالغصنِ

وَرقّةِ الخَصرِ عقد العَشرِ مَنطقهُ

كَذاكَ وَالبطنِ يَحوي أَحسنَ العُكَنِ

وَكُلِّ ما فيهِ مِن خَلقٍ وَمِن خُلُقٍ

وَماءِ لُطفٍ جَرى في ذَلكَ البَدَنِ

لا شَيءَ يَحويهِ مَن خَلق وَمِن خُلُق

بِغَيرِ أَسنى وَأَعلى الحسنِ لم يُزَنِ

وَاللَّهُ صَوَّرهُ لِلنّاسِ فِتنَتَهُم

نَعَم وَصَيَّرَهُ مِن أَكبَرِ الفِتَنِ

إِنَّ التغزُّلَ في أَضرابِهِ حَسَنٌ

فَما التغزُّلُ في الأَطلالِ وَالدمنِ

هَويتهُ وَفُؤادي بِالهَوى وَلِهٌ

وَقَد رَماني هَواهُ في يَدِ المِحَنِ

وَسَلَّ عَقلي وَلُبّي في مَحَبّتِهِ

وَأَوجَبَ البُغضَ بَينَ الجفنِ وَالوَسنِ

وَعَذَّبَ القَلبَ إِبعاداً بِلا سَبَبٍ

وَقَد كَسا الجسمَ ثَوبَ السّقمِ وَالحَزَنِ

فَصِرتُ في يَومِ غَيمٍ كَالخيالِ بَدا

لَولا خِطابي مَنْ خاطبتُ لَم يَرني

وَهِمتُ فيهِ خَليعَ العَقلِ عادِمه

أُبدي الصّبابَةَ في سِرٍّ وَفي عَلَنِ

لا أَكتُمُ العشقَ كَيفَ العِشق أَكتُمُهُ

وَبي شُهودُ الهَوى وَالعِشق تَفضَحُني

يا عاذِلي خَلّني وَالنّصحَ في عَذلي

فَالعَذلُ ينمي الهَوى لَو كنتَ تَنصَحُني

ما كنتُ يا عاذِلي بِالعَذلِ مُنتَصِحاً

أَيَقبلُ النّصحَ صَبٌّ بِالغَرامِ فَني

فَاِرتَحْ وَلا تَنتَظِر نيلَ المُحالِ فَمَن

يَرجو المُحالَ عَديمُ العَقلِ وَالفِطنِ

خَرجتُ عَن مُهجَتي في حُبّهِ وَلهاً

وَعَن صَديقي وَعَن أَهلي وَعَن وَطَني

وَرُمت وَحشَ الفَيافي أَن أُصاحِبَهُ

وَاِختَرتُ فيهِ الفَلا وَالقفرَ عَن سَكَني

ذَبَحتُ طَيفَ الكَرى في مُقلتَيَّ لَهُ

تَقرُّباً مثلَ مُهْدِي الهَدْيِ والبُدُنِ

أُراقِبُ النّجمَ طولَ اللّيلِ مِن سَهَرٍ

وَالنّجمُ لي رَأفَةً فيّا يُساهِرُني

ما شِمتُ في النّجمِ كَالمِصباحِ مُزدَهِياً

كَكَوكَبِ الصّبحِ يَزهو غَير مُكتَمنِ

ما شِمتُ فيهِ عليّاً قَد عَلا شَرَفاً

إِلّا عَليّاً أَبا مِصباحه الحَسنِ

بَدر المَعالي وَشَمس المَجدِ في شَرفٍ

مِن ذَروَةِ العِزِّ بِالعَلياءِ مُقتَرِنِ

رَضيع ثَديِ العُلى مِن حينِ مَولِدِهِ

وَأَرضَعَتْهُ العُلى مِن أَطيبِ اللبنِ

وَكانَ شبلَ العُلى يُدعى اِبنَ بَجدَتِها

وَكانَ بِالمَجدِ فيها خَير مُحتَضنِ

عَليُّ ذاتٍ وَقَدرٍ في ذُرى شَرفٍ

وَاِسمٍ وَصيتٍ حَميدٍ طَيِّبٍ وَسَني

عَليُّ جاهٍ عَريض لا نَظير لَهُ

عَليّ فِعلٍ جَرى في مُستوى سنَنِ

عَليُّ خَلقٍ فَخُلقٍ مِن مَحاسِنِهِ

إِتيانُهُ فيهِ طبقَ الفَرضِ وَالسّننِ

الأَمجَدُ الأَفخَمُ المَشهورُ سُؤدُدهُ

في كلِّ قطر كَمثلِ الشّامِ وَاليمنِ

السّيّدِ الأَسعَدِ المَسعودِ طالِعُهُ

في جَبهَةِ السّعدِ وَالإِسعادِ واليُمُنِ

مُبارَكُ الاِسمِ وَالمَيمونِ طائِرهُ

رَبّ الحُظوظِ الّتي في الدَّهرِ لَم تَكُنِ

البارِعُ المَاهِرُ الفَهمُ الفَريد ذَكا

في كُلِّ نادِرَةٍ وَالحاذِق الفَطِنِ

الثّاقِبُ الفِكر لا تَخفاهُ غائِبَة

بِرَأيِهِ الصائِبِ المَحفوظِ مِن غبنِ

رَبّ اللّسانِ الّذي صاغَت بَلاغَتَه

يَدُ البَديعِ بِأَغلى عَسجَدِ اللّسنِ

المُعربِ القَول فاضَت عَينُ حِكمَتِهِ

سِحرُ البَيانِ يُجافي اللّحنَ بِاللّحنِ

بَحر النّدى لَم يَكُن بَحرٌ يُشابِهُهُ

بِالجودِ وَالبَذلِ وَالإِعطاءِ وَالمِننِ

وَالبشر كَالضّوءِ يَعلو فَوقَ جَبهَتِهِ

عِندَ العَطاءِ كَضَوءِ البَدرِ في الدّجنِ

ما جاءَهُ لنَدَاه خدنُ متربةٍ

إِلّا وَقَد شِيمَ بَعدَ الفَقرِ راحَ غَني

عَفُّ الإِزارِ وَما أَسنى العَفاف بِهِ

وَاِزدانَ فيهِ فَأَضحى خَيَر مُتَّزنِ

الأَبيض العِرض مِن عَيبٍ وَمِن دَنَسٍ

وَالأَبيَض القَلب مِن حِقدٍ وَمِن ضغنِ

مَن لَيسَ تُحصرُ تِعداداً خَصائِله

بَل لَيسَ يُحصَرُ مِنها العشرُ في ثُمُنِ

لَو كانَ آلى اِمرُؤٌ أَنْ لا نَظيرَ لَهُ

بَرّ اليمين فَلَم يَحنُث وَلَم يَمِنِ

لَيث الشّرى الأَسد الرّئبال مَنْ هَلَكَتْ

مِن صيتِهِ الأُسْدُ في البَيداءِ وَالقننِ

الفارِسُ البَطلُ السّامي مَنِ اِعتَرَفَت

لَدَيهِ طَوعاً لُيوثُ الغابِ بِالجُبُنِ

إِن جالَ لِلحَربِ وَالهَيجا بِمَعركةٍ

أَبدى العَجائِبَ مِن رمحٍ وَمِن قرنِ

إِن بارَزَ القَومَ لا قِرن يُكافِئهُ

وَلَيسَ في حَربِهِ قَد كانَ بِالقمِنِ

فَأَي قِرن عَلى جَهلٍ يُبارِزُهُ

يَصيرُ مَيتاً أَوِ المَشدودَ بالفَرَنِ

إِذا عَلا الأَحمر الدّرويش قُلتُ فَسَل

هَل في السّماءِ لِهذا اللّيثِ مِن وَطَنِ

أَراهُ صَيَّر هَذا الطِّرف سَلَّمَهُ

يَبغي الصّعودَ إِلَيها وَهوَ ذو أَرَنِ

أَحسِنْ بِذا الطِّرفِ مِن بَحرٍ ومكتنزٍ

طَويل ساقٍ طَويل العنقِ والأُذُنِ

قَصير بَيتٍ شكالٍ مثل عُصعصهِ

قَصيرَ ظَهرٍ وَسامي الأَصلِ غَير دَني

كَبيرِ عَينٍ وَأَنفٍ مثل حافِرِهِ

مَعروق وَجهٍ عَديم الشّكلِ في الحُصُنِ

وَواسِعِ جَبهَةٍ كَالبطنِ مَع كَفلٍ

بِحُلَّةِ الحُسنِ في كَيس وَفي سِمَنِ

وَأَحمَرُ اللّونِ بَل سودٌ مَعارِفُهُ

كَذَيلِهِ مثلهُ في الخَيلِ لَم يكنِ

أَغَرَّ تَحلو بِتَحجيلٍ قَوائِمُهُ

بِيُمنِ وَجهٍ بِخير الخَيرِ مُقترِنِ

تَراهُ في حينَما يَعلوهُ مضطَرِباً

وَفَوقَ مَريطه كَالتّائم الوَسِنِ

يَنقادُ بِالقَولِ في عَدوٍ وتَوءدة

لَولا التّكلّم أَجراهُ بِلا رَسنِ

ما الرّيحُ تَسبِقُهُ حتّى وَلَو عَصَفَت

بَل يَسبِقُ الرّيحَ في عَدوٍ وَفي ظعنِ

إِذا عَدا لَم يَضَع في العَدوِ حافِرهُ

إِلّا عَلى الرّيحِ دونَ الأَرضِ وَالحُزنِ

لَو أَنّهُ سارَ مِن صَنعا إِلى عَدَنٍ

لَعادَ حالاً إِلى صَنعاء مِن عَدَنِ

وَإِنّه لَم يَلقَ إِلّا لِفارِسِهِ

خدن المَعالي أَبي مِصباحها الحَسَنِ

لا زالَ أَوج المَعالي مُرتقىً لَهُما

وَلَم يَزالا جَمالَ الدَّهرِ وَالزّمنِ

ما لاحَ بَرقٌ وَما غنَّت مُطوَّقةٌ

بِحُسنِ شَدوٍ رَخيم مُذهب الشَّجَنِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن المفتي عبداللطيف فتح الله

avatar

المفتي عبداللطيف فتح الله حساب موثق

لبنان

poet-Mufti-Fathallah@

1294

قصيدة

3

الاقتباسات

91

متابعين

عبد اللطيف بن علي فتح الله. أديب من أهل بيروت، تولى القضاء والإفتاء. له نظم جيد في (ديوان -ط) و(مقامات -خ)، و(مجموعة شعرية -خ) بخطه، ألقاها في صباه سنة 1200ه‍في ...

المزيد عن المفتي عبداللطيف فتح الله

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة