الديوان » لبنان » المفتي عبداللطيف فتح الله » سائق الأظعان عرج منعما

سائِق الأَظعانَ عَرِّج منعماً

وَاِجتَهد في السّيرِ وَقتَ الغَلسِ

فَإِذا صِرتَ نَزيلاً في الحِمَى

نِلتَ ما فيهِ سُرورُ الأَنفُسِ

إِنْ تَصِرْ في إِضَم ثمّ العَقيقْ

أَو تَصِرْ قُربَ بَقيعِ الغَرقَدِ

فَاِبتَهِج وَاِرفَع دُموعاً كَالعَقيق

وَاِركَعَنْ ثَمَّ بِشكر وَاِسجدِ

وَاِسهَرِ اللّيلَ وَكُن مِمَّن يَفيق

لا تَنَم وَاِترُك لَذيذَ المَرقَدِ

وَكُنِ الصبَّ المُحبَّ المُغرما

بائِعَ النّفسِ عَديم النَّفَسِ

إِنَّما الصبّ الّذي قَد حَرّما

نَومه ثَمَّ وَطيبَ النّعسِ

وَاِشهَدِ النّورَ كَبرقٍ لَمَعا

مِن نَواحي طيبة ذاتِ الفَخارْ

يَتَلالى فَوقَها مُرتَفعا

يخجلُ البدرَ كَذا شَمسُ النّهار

كُلّما مِنها خَليلي سَطَعا

فَعَنِ الشّمسِ كَفى تِلكَ الدّيار

يا لَهُ نوراً أَضاءَ الظُّلما

وَعَنِ البدرِ كَفى في الحندسِ

فَلَهُ خِلِّي بِجدٍّ يمِّما

وَضياءَ العَينِ منهُ اِلتَمسِ

فازَ مَن حَطَّ لَدَيها رحلَهُ

وَإِلَيها يَنتَهي مِنهُ الرّحيلْ

وَرَمى ثمَّ لَدَيها حِملَهُ

واقعَ الأَعتاب مِنها وَدَخيل

ناسِياً ثَمَّ لَدَيها أهلَهُ

ذاهِلاً عَن كلِّ خِدنٍ وَخَليل

وَاِقصرِ الفِكرَ عَليها تَغنَما

فَلبيبٌ مَنْ لأَهليه نَسِي

وَاِحذَرَنْ حينَئِذٍ أَنْ تَندَما

فَلَئِنْ تَندَمْ تَكُن عَينَ المُسي

مَرِّغِ الخَدَّينِ مِنها بِالتّرابْ

وَاِكتَحل مِنهُ فَذاك الإِثمدُ

فَتَرى حينَئِذٍ رَفع الحِجاب

عَن سَنى الحُسنِ الّذي لا يُجحدُ

وَاِستَمِع حينَئِذٍ مِنها الخِطاب

كَم لِسَمعٍ طابَ مِنهُ المَورِدُ

قَسَماً بِاللَّهِ مَن قَد أَقسَما

جَلَّ مَجداً بِالجوارِ الكُنَّسِ

إِنّها في تُربِها تَجلو العَمى

مِن عُيونٍ فيهِ كانَت تَكتسي

فَاِدخُلنها بِوقارٍ وَخُضوعْ

مُظهِرَ التّعظيم في كلِّ اِحتِرامْ

مُطرِقَ الرَّأس بِذلٍّ وخُشوع

تَدخلَنْها بِأَمانٍ وَسَلام

وَاِنتَشِقْ مِنها شَذى نَفحٍ يَضوع

مُنعِش الأَرواحِ شافٍ لِلزّكام

وَاِدخلَنْ مِنها خَليلي حَرَما

فاقَ فَضلاً حَرماً في القدُسِ

وَاِشهَدِ النورَ كَبَرقٍ بَسَما

وَبِمَرآهُ اِبتَهِجْ وَاِسْتَأْنِسِ

وَاِدخُلِ الرّوضَةَ عِندَ المِنبرِ

فَهيَ قَطعاً مِن رِياضِ الجنَّةِ

رَوضَةٌ فَيحاء نور المَنظَرِ

قَد تَسامَت يا لَها مِن رَوضَةٍ

فَاِرَكعَنْ فيها وَسَبِّحْ وَاِذكُرِ

مُخلِصاً للَّهِ مَولى النّعمَةِ

وَلَها بِالقَصدِ كُن مَنْ يَمَّما

وَأَقِمْ فيها دَواماً وَاِجلِسِ

لا تَكُ المَحرومَ من قَد حُرِما

إِذ رَآها وَبِها لَم يَجلِسِ

وَاِلْتَفِتْ مُتّجِهاً مُستَقبِلا

حُجرَةً قَد بُنِيَت مِن شَرفِ

وَتَردَّت بِالمَعالي حُللا

وَتَحلَّت بِحليّ الطُّرفِ

مِن جَمالٍ وَكَمالٍ كَمُلا

وَسَناءٍ ظَاهرٍ غَير خَفي

فَلَها قَبِّلْ ذَليلاً وَاِلثِمَا

يا خَليلي ذَيلَ ذاكَ الملبسِ

تُطِبِ القَولَ بِهذا وَالفَما

وَتَنلْ مِنهُ بَهاءَ اللّعسِ

حَيثُ فيها بُقعَةٌ قَد عَظُمَت

وَتَحَلَّت بِمَعالٍ وَجَمالْ

وَتَعالَت شَرَفاً حَيثُ سَمَت

وَتَجلَّت بِجَلالٍ وَكَمال

وَبِعزٍّ وَبِمَجدٍ فَخمت

وَتَخلَّت عَن نَظيرٍ وَمِثال

تَفضل العَرشَ وَأَرضاً وَسَما

لا تَقِسْ شَيئاً بِها لا تقِسِ

مَن يَقِسها بِسواها عدما

عَقلُهُ فَهوَ خَدينُ الهَوسِ

بُقعَةٌ ضَمّت أَجَلَّ المُرسَلينْ

صَفوةَ اللَّهِ وَذا الخُلقِ العَظيمْ

رَحمَةً أَرسَلَهُ لِلعالَمين

وَدَعاهُ بِرَؤوفٍ وَرَحيم

وَعَلَيهِ نَزَل الروحُ الأَمين

بِكِتابٍ هُوَ قُرآنٌ كَريم

وَبِهِ لِلأَنبِياءِ اِختَتَما

وَحَباهُ بِالمَقامِ الأنفَسِ

وَلَهُ بِالفَضلِ فيهِم حَكَما

حكمهُ المَرفوعُ فَوقَ الأرْؤُسِ

أَحمَدُ الهادي خَدينُ المُعجِزاتْ

بَعضُها كانَ اِنشقَاق القَمرِ

سَيِّدُ الرّسلِ وَفَخُر الكائِنات

وَالرّسولُ المُجتَبى مِن مُضَرِ

مَن أَتانا بِالهُدى وَالبيِّنات

مِثلَما جاءَ بِآي السُّوَرِ

وَحَباهُ اللَّهُ مِنهُ حِكَمَا

صَبَّها في صَدرِهِ المستأنسِ

حينَما الصّدرُ بِشَقٍّ وُسِما

مِن يَدي جِبريل روحِ القُدُسِ

آخِذٌ جِبريلَ في رَأسِ البُراقْ

آخِذٌ ميكالَ مِنهُ بِالرِّكابْ

وَاِرتَقى فيها إِلى السّبعِ الطّباق

وَإِلى العَرشِ لَدى رَفعِ الحِجاب

وَرَأى اللَّه بِوَجهٍ فيهِ لاق

عِندَ ذا أَسمَعَهُ مِنهُ الخِطاب

وَلَه حَيّا بِما قَد كَلَّما

وَحَباهُ بِالدنوِّ المونِسِ

حينَئِذْ خَرَّ سُجوداً محكما

خاشِعاً في ذا المَقامِ الأَقدَسِ

وَلَهُ قالَ اِرفَعِ الرّأسَ وَسَلْ

تُعطَ ثمّ اِشفَع تُشَفَّعْ يا حَبيبْ

قالَ رَبّي أُمّتي ثمّ الأَمل

مِنكَ تَشفيعيَ فيها يا مُجيب

فَحَباهُ كلَّ ما مِنهُ سَألْ

وَبِما يُرضيهِ مِنهُ قَد أُجيب

وَلَهُ في كلِّ عِلمٍ أَعلما

وَكَساهُ بِالكَمالِ الأكيسِ

وَلَهُ اللَّهُ أَحلَّ المَغنَما

وَحَباهُ حَظّه في الخُمُسِ

لُذْ بِهِ فَهوَ لَنا خَيرُ مَلاذْ

وَهُوَ الحِصنُ إِلَيهِ نَلتَجي

مِن هُمومٍ غَيَّرت طعمَ المَلاذْ

وَنَأى عَنها حُصولُ المخرجِ

وَاِرْجُهُ فيها تَنلْ مِنها النّفاذ

فَهوَ كرمٌ لا يردُّ المُرتَجي

بَحرُ حلمٍ حِلمه لَن يُحرَما

مُذنِبٌ قَد كانَ يَجني وَيُسي

كَم عَفا عَن مُجرِمٍ قَد أَجرَما

مِثلَ كَعبٍ مِنهُ بِالعَفوِ كُسي

يا رَسولَ اللَّهِ يا خَيرَ الأَنامْ

مَلجأ العافي وَكَهفَ اللّائذِ

مَن يَعُذْ فيكَ فَحاشا أَن يُضام

أَنتَ وَاللَّهِ مُجيرُ العائِذِ

سَيّدي خُذ بِيَدي يَومَ الزّحام

أَنتَ وَالرّحمنِ أَسنى آخذِ

في حِماكَ السامي مَن حَلَّ اِحتَمى

مِن يَدِ القَهرِ ولم يُفتَرَسِ

مَنْ إِلى ساحَةِ علياكَ اِنتَمى

يشرُفِ الدّهرَ ولَم يَتَخسَّسِ

أَنتَ بابُ اللَّه منه يُدخلُ

أَنتَ عِندَ اللَّهِ ذو الجاهِ العَريضْ

سَيّدي غَوثي وَأَنتَ المَأملُ

صِرتُ بَعدَ العزِّ في أَدنى الحَضيض

حَلَّ بي أَمرٌ وَما إِن يحملِ

أَذهَبَ العَقلَ وَخَلّاني المَريض

لَيسَ لي غَيركَ أَرجوهُ لما

أَخذَ النّفسَ بِضيقِ النّفسِ

مِنهُ أَدركْ قَد كَساني العَدما

وَرَمَتني كَفّه في الفَطَسِ

مَن يُدانيكَ لِكَي أَسْتَشْفعا

أَنتَ وَاللّه الشَّفيعُ الأعظمُ

سَيّدي ذُخري تَشَفَّع وَاِشفَعا

لِيَ عِندَ اللَّهِ فَهوَ الأكرمُ

مُدلَهِمٌّ نابَني بي وَقَعا

وَبِهِ قَد ذابَ مِنّي الأعظُمُ

هَل لَهُ غَيرك أَسنى الكَرما

رافِعٌ عَن ذَلكَ المُبتَئِسِ

أَمَلي في رَفعِهِ أَن تُكرِما

وَالرّجا مِن رَفعِهِ لَم ييأسِ

فَعَليكَ اللّهَ رَبّي بِالصّلاهْ

مَنَّ إِحساناً وَقَد والى السّلام

كُلّ حينٍ وَعَلى الغُرِّ الجباهْ

آلكَ الجُودِ كَذا الصّحبِ الكِرام

ما سَرى ريحٌ وَما رَقَّت صَباه

وَتَغنّى في الرّبى وُرقُ الحَمام

ما سَماءُ الأُفقِ أَبدَت أَنجُما

زَيّنَتها وَحَلت بالخنّسِ

ما اِبنُ فَتحِ اللَّهِ مَدحاً خَتَما

بِقَريضٍ مُستطابٍ سلِسِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن المفتي عبداللطيف فتح الله

avatar

المفتي عبداللطيف فتح الله حساب موثق

لبنان

poet-Mufti-Fathallah@

1294

قصيدة

3

الاقتباسات

91

متابعين

عبد اللطيف بن علي فتح الله. أديب من أهل بيروت، تولى القضاء والإفتاء. له نظم جيد في (ديوان -ط) و(مقامات -خ)، و(مجموعة شعرية -خ) بخطه، ألقاها في صباه سنة 1200ه‍في ...

المزيد عن المفتي عبداللطيف فتح الله

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة