الديوان » لبنان » المفتي عبداللطيف فتح الله » راق الزمان وبالجمال الأنفس

عدد الابيات : 62

طباعة

راقَ الزّمانُ وَبِالجمالِ الأنْفَسِ

وافى الرّبيعُ فيا سُرورَ الأنفُسِ

أَحيا الرّبيعُ شَبابَهُ وأَعادَهُ

بَعدَ المَشيبِ رِدا الشّبيبةِ يَكتسي

وَعَلى الرّياضِ اِنصَبَّ حتّى خلتُه

إِذ صَبَّ خيطانَ اللُّجَينِ الأنفسِ

نَسجَت بِها أَوراقها وَزُهورها

وَتَشكَّلت بِمنوّعٍ وَمُجنَّسِ

مِن أَزرقٍ مَع أَبيضٍ مع أحمرٍ

مَع أَخضرٍ زاهٍ وَأَحمرَ ألعسِ

فَكلازَوردٍ فَاللّجين فَعَسجدٍ

فَزمرّدٍ مع أَحمرٍ من سندسِ

وَلِجِ الرّياضَ تَرى الزّهورَ جَواهِراً

قَد كُلِّلَت أَشجارُها في الأرؤُسِ

فَاِجْنِ الورودَ بِناظِريك مُحدِّقاً

وَمُقبِّلاً وَجناتها بِالمعطسِ

ثمَّ اِعتَنِقْ فيها عَرائسَ زهرها

وَتَجاهرنَّ على عيونِ النرجسِ

وَاِملَأ كؤُوسَ الصفوِ أُنساً وارتشِفْ

خَمرَ المَسرَّةِ مِن شِفاهِ الأَكؤسِ

وَاِدخُل بها تيكَ الرّياضَ مغرِّداً

وَاِجلِس إِلى ندمانِها وَاِستَأنسِ

وَمُطارِحاً أَكياسَهم خَبرَ الهوى

أَحلى الحديث معَ النديمِ الكيِّسِ

فَالورد مُنفَتِحاً عَلى أَغصانِهِ

مِثلُ النّجومِ تُضيُء جُنحَ الحِنْدسِ

أَزرارُه قببُ العَقيق إِذِ اِعتَلت

عمَدَ الزمرُّدِ تاهَ كلّ مهندسِ

وَالياسمينُ دَراهمٌ نُثِرَت عَلى

كِلَلِ الزمرُّدِ بَهجَةً لِلأَنفُسِ

وَالأقحُوان فَكالثّغورِ بَواسِماً

فيها الرّياضُ وجوهُها لَم تعبسِ

ثُمّ الشقيق الغَضَّ كلّ شقيقةٍ

فُنجانُ ياقوتٍ بَديعٍ أكيسِ

قَد خِلت حبّته كَنُقطَةِ عَنبَرٍ

قَد أَمسَكَت بِشِفاهِ أَشنبَ ألعَسِ

وَالبانُ أَورَقَ يَعتَليهِ زَهرُهُ

في مَنظَرٍ بَهجٍ وَأَلين مَلمَسِ

فَفَتائِلٌ مِن عَسجَدٍ قَد عُلِّقَت

بِسَناجِقٍ خُضرٍ غَدتْ من سندسِ

حَيثُ الحَمائمُ وَالهزارُ صَوادِحٌ

يَصدَحنَ بَينَ مبكِّرٍ وَمُغلِّسِ

حَيثُ الطّيورُ بِذي الرّياضِ رَواتِع

مِن ناطقٍ شادٍ وآخَر أخرسِ

وَالرّاحُ تُبدي في الدِّنانِ فَواقعاً

وَلِسانُها أَضحى يَقولُ قمِ اِحتَسِ

فَاِجعَلْ أَباريقَ المدامِ رَواعفاً

ذوبَ العقائِق مِن قناءِ المعطسِ

وَاِسكُب دَمَ العنقودِ في الجاماتِ مِن

غالي اللُّجينِ تُصاغُ أَحسنَ أَكؤُسِ

وَاِشرَب وَلا تَخشَ المَلامَةَ مُسرفاً

وَقتَ الصَّبوحِ إِلى الغَبوقِ فَما تَسي

وَتَناولَنْها مِن يَدِ البدرِ الّذي

خَلَس العُقولَ وَقبله لَم تُخلسِ

وَالرّاحُ شَمسٌ وَالمناول بدرُنا

وَالشّمسُ مِنهُ رِدا الخَجالَةِ تَكتسي

لِتَرى اِقتِرانَ النيّرينِ بِمَجلس

وَبِيَ اِقتِرانُ النيّرينِ بِمَجلسِ

وَليَبتَدِئ بِالشّربِ وَاِشرَب سُؤرَهُ

سُؤرَ الحَبيبِ بِهِ شِفاءُ الأَنفسِ

وَاِشرَب عَلى وردِ الخُدودِ فَإِنّها

وَجَمالَها لِلوردِ أَفضلُ مغرسِ

وَكَذا عَلى آسِ العِذارِ وَنَرجسٍ

في طَرفِهِ الوَسْنان لَو لَم يَنعسِ

فَأَلذُّ شربِ الراحِ بَل أَحلاهُ ما

يَبدو عَلى وَردِ الخُدودِ وَنَرجسِ

فَإِذا تَمَكَّن سُكرُه فَبِثغرهِ

ماءُ الحَياةِ إِلَيه بادِرْ وَاِحتَسِ

فَلَئِنْ ظَفرتَ بِرَشفَةٍ مِن ريقِهِ

تَحيا الدُّنى وَلَكَ الرّدى لَم يمسَسِ

وَاِنظُر أَساليبَ المَدائِحِ راكِباً

أَوجَ البَلاغَةِ وَالبديعِ الأَنفَسِ

وَمُبالِغاً مِنها بِمَدحِ أَخي العلى

عَبد الغنيِّ الكيِّسِ اِبنِ الكيّسِ

رَبّ العلومِ أَخي المَعارفِ مَنْ لَهُ

قَد دانَ كلُّ مؤلّفٍ ومدرّسِ

المُتقِن الثّقة الصّدوق أَخي التّقى

حَسنِ الحَديثِ وَلَم يَكُن بِمدلّسِ

العالِم الحَبر الفقيه الشّافعي

بَحر لَدَيهِ كلُّ بَحرٍ قَد نُسي

مَولىً هُمام لَوذَعيّ عِندَهُ

أَهلُ الفَضائِلِ أَطرَقَت بِالأَرؤُسِ

الأَفخم الشهم المَهيب أخو العلى

صدرُ الصدور بمحفلٍ وَبِمَجلِسِ

الكامِل النّدْب الوَجيه وَسامةً

مَنْ بالمحاسِنِ والمَهابَةِ يكتسي

ما بانَ في أَقرانِهِ إِلّا اِغتَدى

كالشَّمسِ ما بين الجواري الكُنَّسِ

لَم يُشبِهُوهُ وَإِنّه لَرئِيسُهم

لَيسَ الرّئيس كَمِثل مَن لَم يَرئسِ

رب الفصاحة والبلاغة والذكا

شُوسُ القوافي طوعَه لم تشرس

أَزرى بَديعُ قَريضِهِ وَبليغِهِ

بِقَريضِ سَحبانٍ وَبِالمُتَلمّسِ

لَو أَنّهُ طَرَقت مَسامع يَعربٍ

أَلفاظُهُ لَوَصفتهُ بِالأَخرسِ

يا أَيّها النَّدْبُ الفريدُ نَباهةً

بِكَمالِ إِتقانٍ وَحُسنِ تفرُّسِ

أَهدَيتَني بِخَريدَةٍ حَسناءَ مِن

نفَسٍ عليٍّ طاهرٍ وَمُقدَّسِ

غَيداءَ بِكرٍ غادَة رُعبوبَة

في غَيرِ فِكرك مِثلها لَم يهجسِ

ما مِثلها تَلدُ القَرائِح غادةً

تَسْبي العُقولَ لَدى اِبتِهاجِ الأنّسِ

تَكسي الفَصاحَةَ وَالبَلاغَةَ حُلَّةً

نَسج البديع لِغَيرها لم تلبسِ

نِعمَ الفَصاحة وَالبلاغة حُلّةً

أَندِرْ بِها مِن حلّةٍ في المَلبَسِ

أَخْدَمْتها مِن فِكرَتي بِوَليدةٍ

تكسى العَباءة لا شفوفَ السندسِ

سُمْها بِحُسنِ السَّومِ وَاِجبُر قَلبَها

لا تَبخَسَنْ أَشياءَها لا تبخَسِ

وَاِنظُر إِلَيها بِالقّبولِ تَفضُّلاً

إِنّ القَبولَ لَها أَجلّ مونّسِ

وَاِخلَع علَيها منّةً خِلَعَ الرِّضا

منكَ الرّضاء أَجَلُّ شَيءٍ تكتسي

وَاِسلَم وَدُم بِالعزِّ مِن فَلَكِ العلى

في ذَروَةِ الفلكِ الرّفيعِ الأَطلَسِ

ما اللّيل جاءَ وَما الظّلام يَحلّه

ما الفجر قَد يَمحو ظَلامَ الحِنْدسِ

ما هَبَّ ريحٌ ما تَغنَّى بلبلٌ

ما ماسَ غُصنٌ بِالقوامِ الأملسِ

ما في اِمتِداحِكَ طابَ خَتمُ قَصيدَةٍ

كَالمِسكِ فاحَ مُطيِّباً لِلأَنفسِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن المفتي عبداللطيف فتح الله

avatar

المفتي عبداللطيف فتح الله حساب موثق

لبنان

poet-Mufti-Fathallah@

1294

قصيدة

3

الاقتباسات

91

متابعين

عبد اللطيف بن علي فتح الله. أديب من أهل بيروت، تولى القضاء والإفتاء. له نظم جيد في (ديوان -ط) و(مقامات -خ)، و(مجموعة شعرية -خ) بخطه، ألقاها في صباه سنة 1200ه‍في ...

المزيد عن المفتي عبداللطيف فتح الله

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة