الديوان » لبنان » المفتي عبداللطيف فتح الله » بربة الخال والخلخال والحلل

عدد الابيات : 74

طباعة

بِربّةِ الخالِ وَالخلخالِ والحللِ

قَد هِمتُ وَلهانَ في سَهلٍ وفي جبلِ

رَماني السّحرُ مِن أَجفانِها سَحراً

في مَهمَهِ الوَجدِ لِلأَخطارِ وَالوَجلِ

أَكُلُّ سِحرٍ غَدا بِالصّبِّ يَفعلُ ذا

أَم ذا يُخَصُّ بِسِحرِ الجَفنِ والمُقَلِ

تَرنو لِحاظاً فَتَرمي النبلَ مقلتُها

مَكسورة الجَفنِ في كُحلٍ وَفي كَحلِ

فَمن أَصابَت صَريعٌ لا حياةَ له

وَكَم قَتيلٍ بِنبلِ الأعينِ النجلِ

لَو فَوَّقت نَبلَها نحوَ الخليِّ غَدا

يَهيمُ في عِشقِها وَلهانَ غير خلي

بِنتُ الجَمالِ وَذاتُ الحسنِ مُفردةٌ

وَالشّمسُ حسناً بِلا شبهٍ ولا مثلِ

فَحُسنها الجَوهَرُ المَكنونُ حَلَّ بِها

لَكنَّهُ عَرَضٌ في غَيرها فسلِ

كَالضوءِ في الشَّمسِ يَبدو غَيرَ مُنتقلٍ

وَفي الأَهِلَّةِ كَم يَبدو بمنتقلِ

وَلَيسَ يَنفكُّ عَنها الحُسنُ في زَمَنٍ

وَالشّمسُ صَدر النهارِ الشَّمس في الطَّفَلِ

لَعساءُ يُبدي لَنا ياقوتُ مَبسَمِها

درّاً وَريقاً غَدا يَشفي من العِللِ

في اللّونِ وَالذّوقِ ثمّ الطعمَ كانَ لَنا

مِثلَ الزُّلالِ ومثلَ الخَمرِ والعسَلِ

لَمياء في ثَغرِها الحالي يَطيبُ لَنا

عِندَ العِناقِ لَذيذَ اللّثمِ وَالقُبلِ

بِنتُ المُلوكِ أُسود الغابِ في شرَفٍ

وَهيَ الغَزالةُ تُردي مُهجَةَ البطلِ

وَفي ثُريّا العزِّ كانَ مَكنَسها

وَإِنّها الشّمسُ حَلَّت دارَة الحمَلِ

أَرْخَتْ سَوالِفَها كَاللَّيلِ حينَ سَجا

على خُدودٍ تثجي الشَّمسَ بِالخَجلِ

وَأَنفُها بَينَها مثلُ الحُسام بدا

بَرقاً فبرقاً تَوالى غَيرَ مُنفَصِلِ

وَجيدُها فَوقَه شَنفانِ مِن دُررٍ

في كلِّ أُذنٍ لَها شنف تَبيَّن لي

وَقَد تأمّلت فيها جَلَّ خالِقُها

أُجري التفكّرَ في ذا الحالِ وَهوَ جَلي

فَشِمتُ فَوقَ عَمودِ الصّبحِ أَربَعةً

مِنَ البدورِ وكلٌّ خَير مُكتملِ

وَفي كِلا جانِبي ذاكَ العَمودِ لَنا

بَدَت تَلوحُ ثريّا عَنه لم تملِ

عَلِقتُها غادةً خوداً مهفهفةً

حَوراءَ دعجاءَ تزري الغصنَ بالميلِ

تَجَسَّمت وَهيَ روحٌ لا اِرتِيابَ بها

مِن أَكمَلِ الحسنِ في حَلْيٍ وفي حللِ

هَيفاءَ وَهيَ كَخوطِ البانِ مائِسةً

وَقَدُّها الغصنُ في دِعصٍ مِنَ الكفلِ

نَحيلةُ الخصرِ عقدُ العشرِ مِن يَدِها

أَضحى يُمَنطِقهُ لَو غير منتحِلِ

لَو لَم يُعد ضوؤُها شَمسَ الضّحى لَغَدت

أَن لَو أَضاءَت فَمِنها الضّوءُ لَم يَصِلِ

بَليغَةُ اللّفظِ مِن عرباء عارِبَةٍ

وَلَفظُها الدّرُّ في بِدْعٍ ومبتذَلِ

فَلَو تَجَسَّم كانَ الدرّ مُنتَظِماً

وَلَم يَكُ الدّرُّ إِلّا لَفظها العَسلي

فَجَوهَرُ الحُسنِ مِنها كانَ مَنشأُهُ

وَلَم يَكُ الحسنُ فيها غَيرَ مُكتَمِلِ

وَجَوهَرُ العِشقِ مِنّي كانَ مَعدِنُهُ

وَلَم يَكُن عاشِقٌ إِلّا وَيُنسَبُ لي

وَما عَليّ على عِلمي سِوى حَسن

وَلا أَرى حسناً في الدَّهر غَيرَ علي

الضّيغَمُ الأنزَعُ الكرّارُ مُجتَرِئاً

مَنْ لَيسَ يَعرِفُ طعمَ الجبنِ والوَجلِ

وَمَنْ إِذا بارَزَ الآسادَ شِمتَهُمُ

ما بَينَ مُرتَعِشٍ مِنهُ وَمختبلِ

أَو هَزَّ خَطِّيَّه أَو سَلَّ صارمَهُ

رَأَيت كُلّاً قَصير العُمرِ وَالأَجلِ

كَأنَّ أَجسادَهم أَقلامُهُ بُريَت

بِسَيفِهِ المُعتَلي جَزماً على صُقَلِ

تَبدو صُدورُهم أَوراقَه كُتبَت

مِن حيثُ نَقَّطها بِالسّمرِ والأسَلِ

تَحكي قُلوبهمُ المَرجانَ مُنتَظِماً

في سِلكِ لهذمه الفتّاكِ لا الخَطِلِ

إِذا عَلا الوردَ فَهو الوردُ مُجتَرئاً

أنعِمْ به نَكَلاً يعلو على نَكَلِ

فَالسّيفُ وَالرّمحُ ثمَّ الخيلُ قَد شَهِدَت

بِأَنَّهُ بَطلٌ ناهيكَ من بَطلِ

كَم جُثَّةٍ منه رُعباً قد تذوبُ فَلو

لا الحلمُ يُمسِكُها سالَت على عَجَلِ

ربُّ الشّجاعةِ ضمّت مُنتَهى كرمٍ

حَدِّث عَنِ البحرِ لا يَعروكَ مِن مَللِ

أَكثِرْ وَبالِغْ بِلا كَيلٍ وَلا زِنَةٍ

فَإِنّما البحرُ لَم يوزَن وَلم يُكَلِ

لَدَيهِما عَنترٌ ثمّ اِبنُ زايدةٍ

عَلَيهِما حَكَموا بِالجُبنِ وَالبَخلِ

ربُّ الوَسامَةِ وَالوجهِ الطليقِ بِهِ

يَسري الحَياءُ وَماءُ البِشرِ والجذَلِ

مَن لَم يَكُ البحرُ مَهما كانَ مُتَّسِعاً

لَدى نَراهُ بِغَيرِ النّزْرِ من بللِ

أَميرُ عِزٍّ سَمتْ بِالعَدلِ دَولَتهُ

وَدَولةُ العَدلِ تَبدو أَحسنَ الدولِ

السّيّدُ الأَفخمُ المَخدومُ في خدمٍ

أَقَلهُم دارهُ في دارةِ الحملِ

تَشرَّفَ الشّرفُ الأَعلى بِهِ وَغَدَت

لَهُ المَفاخِرُ وَالعليا من الخَولِ

وَأَصبَحَ المَجدُ مَخدومَ المَعالِ بِهِ

يَعلو عَلى رَأسِها السّامي على زُحَلِ

لَعَمرُكَ الفَخرُ كلُّ الفخرِ ها هوَ ذا

وَأَعظَمُ الفَخرِ بَينَ النَّاسِ فَخرُ عَلي

الجَوهَرُ الفَردُ فَردُ الدَّهرِ في شِيَمٍ

وَفي الحَميدِ مِنَ الأَوصافِ وَالعَملِ

مَنِ اِبتَغى عَنهُ بِالدّنيا لَهُ بَدَلاً

يَنالُهُ مُنتَهى الخُسْرانِ بِالبَدلِ

شَهمٌ مُنقّى فَلا عَيبٌ يُقارِبُهُ

وَهوَ المبرّأُ مِن حِقدٍ وَمِن دخَلِ

ربُّ الطِّباعِ الّتي مِن أَصلِها جُبِلَتْ

عَلى المَكارِمِ وَالمَعروفِ والمهلِ

مِن كلِّ مَكرُمةٍ قَد نالَ أَفضلَها

وَإِنَّه لَعدوُّ الزَّيغِ وَالزَّللِ

فَاُنظر مَهابتَهُ وَاِشهَد جَلالَتهُ

حَدِّثْ عَنِ اللَّيثِ فيما شَينه وقُلِ

وَاِمدَحْ فَصاحتَه وَاِحمَد بَراعتَهُ

وَاِشكُر بَلاغتَه في الدَّهرِ وَاِحتفِلِ

وَاِذكُر عَوائِدَهُ وَاِعدُدْ فَوائدَهُ

وَاِنظِم قَصايِدَهُ في مَدحِهِ أطِلِ

وَاِقصُد مَطارِحَه تَشهَدْ قرائحَه

وَاِلزَم مَدائِحَه دَوماً ولا تحلِ

وَاُنظُر خَصائِلَه وَاِشكُر فَعائِلهُ

وَاِنثُر فَضائِلَه في السَّهلِ وَالجبلِ

وَأَخصَرُ المَدحِ فيهِ أَنَّهُ رَجلٌ

هُوَ الكرامُ وَعَينُ النّاسِ وَالدّولِ

خَدَمتُهُ مِن بَناتِ الفِكرِ مُمتَدِحاً

بِبكرِ نَظمٍ بَديعٍ غيرِ مبتذَلِ

جاءَت مُهذَّبَةً بِالنَّظمِ مُتقَنَةً

رَصانَةُ الوَزنِ صانَتها عَنِ الخطَلِ

قَلّدتُها منحراً عِقد المَديحِ لَهُ

وَحليةُ المَدحِ زانَتها عَنِ العطَلِ

كَم قارِئٍ قَد تَلاها ثمَّ كَرَّرها

وَلَم يَسُمْها عَلى الإِكثارِ بِالمَللِ

جاءَتهُ تَمشي الهُوَينا زانَها أَدَبٌ

يَرِنُّ خُلخُلُها مَكسورةَ المقَلِ

في نَظمِها دُررٌ في وَجهِها خَفرٌ

في طَرفِها حَورٌ في أَحسنِ الشكلِ

زُفَّت إِلَيك عَروساً حينَ عَطَّرها

مِسكُ اِمتِداحِكَ محيي القلبِ حَيثُ بَلي

تَضرُّ حُسّادَها مِن طيبِ نَفحَتِها

وَنفحَةُ الوَردِ فيها الضُّرّ بِالجفلِ

تَرجو القَبولَ لَها فَاِجعَلهُ نِحْلتَها

فَإِنّه عِندها مِن أَفخَرِ النِّحَلِ

وَاِسلَمْ وَدُم بِالهنا والعزِّ مع شرفٍ

وَحُسنِ عافيةٍ مع فُسحَةِ الأجلِ

في أَرغَدِ العَيشِ في صَفوٍ بِلا كدَرٍ

في حِفظِ رَبّك في حَطٍّ ومرتحلِ

ما لاحَ بَرقٌ وما غَنَّت مطوّقةٌ

وما حَدا الرّكبَ حادي النّوقِ والإبلِ

ما هامَ مِن وَجْدِه ربُّ الغَرامِ جَوىً

بِربَّةِ الخالِ وَالخلخالِ وَالحللِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن المفتي عبداللطيف فتح الله

avatar

المفتي عبداللطيف فتح الله حساب موثق

لبنان

poet-Mufti-Fathallah@

1294

قصيدة

3

الاقتباسات

91

متابعين

عبد اللطيف بن علي فتح الله. أديب من أهل بيروت، تولى القضاء والإفتاء. له نظم جيد في (ديوان -ط) و(مقامات -خ)، و(مجموعة شعرية -خ) بخطه، ألقاها في صباه سنة 1200ه‍في ...

المزيد عن المفتي عبداللطيف فتح الله

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة