الديوان » لبنان » المفتي عبداللطيف فتح الله » تردى بغير اللؤم من كان حضه

تَرَدّى بِغَيرِ اللّؤمِ مَن كانَ حضُّهُ
عَلى كَرمِ الأَخلاقِ دَأباً وَنَهضهُ
وَإِن كانَ ذا طِمرٍ تَمَزَّقَ عَرضُه
إِذا المَرءُ لِم يدنَسْ مِنَ اللّؤمِ عِرضُهُ
فَكُلُّ رِداءٍ يَرتَديهِ جَميلُ
تَجَلَّدْ وَعُزَّ النّفسَ لا تُبدِ لَوْمَها
وَوَاصِلْ عَنِ الإِذلالِ وَالذلّ صومَها
فَمَن سامَها بِالعزّ أَحسَن سَومَها
وَإِن هوَ لَم يَحمِل عَنِ النّفسِ ضَيمَها
فَلَيسَ إِلى حُسنِ الثّناءِ سَبيلُ
تَظنّ أَعادينا اللّئام تَسودُنا
وَقَد حَكَمت فيها وَسادَت عَبيدُنا
بِكَثرَتِها تَزهو وَكفؤ وَليدِنا
تُعَيِّرنا أَنَّا قَليلٌ عَديدُنا
فَقُلتً لَها إِنَّ الكرامَ قليلُ
فَكَم واحدٍ مِنّا وَلَو كانَ كلَّنا
يُعَدُّ بِكلّ النّاسِ يا ما أَجلَّنا
فَبالِغ بِنا فَخراً لِمَن كانَ قَبلَنا
وَما قَلَّ مَنْ كانَت بَقاياهُ مِثلنا
شَبابٌ تَسامَوا لِلعلَى وَكهولُ
فَنَحنُ أُباةُ الضَّيمِ طابَ نِجارُنا
وَنَحنُ حُماةُ النّاسِ وَالغيلُ دارُنا
فَما خافَ صِرْفَ الدَّهرِ يَوماً مجارنا
وَما ضَرَّنا أَنّا قَليلٌ وَجارُنا
عَزيزٌ وجارُ الأَكثَرين ذَليلُ
لَنا مَنزِلٌ فَوقَ الثريّا ظُهورُهُ
مِنَ المَجدِ وَالعَلياءِ تُبنى قُصورهُ
بِهِ الشّرَفُ الأَعلى وَفيهِ سَريرُهُ
لَنا جَبلٌ يَحتلُّهُ مَن يَخيرُهُ
مَنيعٌ يَردُّ الطّرفَ وَهو كَليلُ
مِنَ المَجدِ وَالعَلياءِ دُرُّ تُرابِهِ
وَفَوقَ السُّهى قَد كانَ وَضعُ قِبابِهِ
فَلا الأُفقُ يَعلوهُ وَسامي سَحابه
رَسا أَصلُه تَحتَ الثّرى وَسَما بِهِ
إِلى النَّجمِ فَرعٌ لا يُنالُ طويلُ
وَبَيتٌ مِنَ العَلياءِ يَعظُمُ قَدرُهُ
تَرَصَّعَ بِالجَوزاءِ وَالزُّهر قَصرهُ
فَما صَرحُ فِرعَون لَدَيه وَمِصرهُ
هوَ الأَبلقُ الفَردُ الَّذي سارَ ذِكرُهُ
يَعزُّ عَلى مَن رامَهُ ويَطولُ
فَما بِسِوى الأَخطارِ نُدرِكُ رُتبَةً
وَإِنّا لَنرضى القَتلَ حُبّاً وَرَغبَةً
لَنا الفَخرُ فيهِ حَيثُ نُسقاهُ شربةً
وَإِنّا لَقَومٌ لا نَرى القَتلَ سُبَّةً
إِذا ما رَأَته عامِرٌ وسَلولُ
أَدَمْنا على حُبِّ المَنايا نِزالَنا
وَبِعنا بِسوقِ الحَرب بتّاً رِجالَنا
وَإِنْ وَدَّتِ الأَعداءُ مِنّا قِتالَنا
يُقرِّبُ حُبُّ المَوتِ آجالَنا لنا
وَتَكرَهُهُ آجالُهُم فَتَطولُ
فَمِنّا مُذيقُ اللّيثِ عَلقَمَ حَتفِهِ
وَمِنّا مُبيدُ الجَيشِ في حينِ صَفّهِ
وَمِنّا مُميتُ الأَلفِ في دَوسِ طِرفِهِ
وَما ماتَ مِنّا سَيّدٌ حَتفَ أَنفِهِ
وَلا ضَلَّ مِنّا حَيثُ كانَ قَتيلُ
لِغَيرِ المَنايا لا تُزفُّ عَروسُنا
وَلَيسَ بِغَيرِ الغَدرِ قُطَّتْ رُؤوسُنا
لَنا السّعدُ إِذ بِالقَتلِ دارَت كُؤوسنا
تَسيلُ عَلى حَدِّ الظُّباتِ نُفوسُنا
وَلَيسَت عَلى غَيرِ الظُّباتِ تَسيلُ
لَنا شَرفُ الأَنسابِ لَيسَ يَضرُّنا
عَلى كَرَمِ الأَحسابِ في الدّهرِ فَقرُنا
وَإِنّا وَفي الآفاق قَد طابَ ذِكرُنا
ذَكا أَصلُنا فَرعاً كَذا مُستَقَرّنا
إِناثٌ أَطابَت حَملَنا وَفُحولُ
وَإِنّا أُناسٌ شَرَّفَ اللَّهُ رَهطَنا
وَصَيَّرَ مِن صُلب لِأَكرَم نشطنا
وَلَمّا أَرادَ اللَّهُ لِلعزِّ هَبطنا
عَلَونا إِلى خَيرِ الظهورِ وَحطَّنا
لِوَقت إِلى خَيرِ البطونِ نزولُ
قَدِ اِختارَتِ العَلياءُ أَخذَ رَكابِنا
لِخدمَتِنا حَتّى لِخدمَةِ بابِنا
لِأَنّا مِنَ المَعروفِ حسنُ اِكتِسابنا
وَإِنّا كَماءِ المُزن ما في ضبابنا
جَهامٌ وَلا فينا يُعدُّ بَخيلُ
وَإِنّا لَقَومٌ أَلبَسوا النّاسَ نَولَهم
وَشَدّوا بِصِدقِ القَولِ وَالفِعلِ حَيلَهم
وَنحّوا عَنِ الأَخطاءِ وَالكِذب مَيلَهم
وَنُنكِرُ إِن شِئنا عَلى النّاسِ قَولَهم
وَلا يُنكِرونَ القَولَ حينَ نَقولُ
وَإنّا نُجومُ الأفقِ شَمسٌ وَفَرقَدٌ
فَإِن غابَ نَجمٌ يُبدُ نَجمٌ مجدّدٌ
فَلَم نَبتَئِسْ لَو ماتَ مِنّا مُمجَّدُ
إِذا سَيّدٌ مِنّا خَلا قامَ سَيِّدُ
قَؤولٌ بِما قالَ الكِرامُ فَعولُ
وَكُلٌّ بِبَذلِ الرّوحِ أَصدَقُ صادِقٍ
وَكُلٌّ إِلى المَعروفِ أَسبَقُ سابقِ
وَنيرانُنا لِلضّيفِ بَدرٌ بِغاسِقٍ
وَما خَمَدَت نارٌ لَنا دونَ طارقِ
ولا ذَمَّنا في النازلينَ نَزيلُ
جَعَلنا سَماءَ المَجدِ حينَ عُلوِّنا
عَلى أَلفِ عامٍ تَحتَ عَرشِ سُموِّنا
وَبيضٌ لَيالينا أَنارَت بِصَفوِنا
وَأَيّامُنا مَشهورَةٌ في عدوِّنا
لَها غُرَرٌ مَعلومَةٌ وحُجولُ
لَنا مثل حربٍ لِلبسوسِ وَتَغلبٍ
وَقائِع أَعيا وَصفَها كلُّ معربِ
وَفُرسانُنا مِن كلِّ لَيثٍ مندبٍ
وَأَسيافُنا في كلّ شَرقٍ وَمَغربِ
بِها مِن قِراعِ الدّارعينَ فُلولُ
قَواضِبُ فيها لِلعِداةِ وَبالُها
وَأَرؤُسُهم قَد كانَ فيها دَوالها
بَواترُ بيضٌ كَالبروقِ صِقالها
مُعوَّدةٌ أَلّا تُسَلَّ نِصالُها
وَتُغمدَ حتّى يُستَباحَ قتيلُ
قَسَوْا فَسوى خطيِّنا لم يمنهمُ
عَلَوْا فَسِوى أَسيافِنا لَم يهنهمُ
فَإِنْ رُمتِ كَشفَ الحالِ مِنّا وَمِنهمُ
سَلي إِن جَهِلتِ النّاسَ عَنّا وَعَنهُمُ
فَلَيسَ سَواءً عالِمٌ وَجَهولُ
لِتَدري يَقيناً خَيرَنا عِندَ شُؤمِهم
وَيَظهَرَ حَقّاً عَدلُنا عِندَ ظُلمِهم
فَإِنْ تَحكُمي أَنّا كِرامٌ بِلُؤمِهِم
فَإِنَّ بَني الرّيّانِ قُطب لِقَومِهم
تَدورُ رَحاهُم حَولَهم وَتَجولُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن المفتي عبداللطيف فتح الله

avatar

المفتي عبداللطيف فتح الله حساب موثق

لبنان

poet-Mufti-Fathallah@

1294

قصيدة

3

الاقتباسات

91

متابعين

عبد اللطيف بن علي فتح الله. أديب من أهل بيروت، تولى القضاء والإفتاء. له نظم جيد في (ديوان -ط) و(مقامات -خ)، و(مجموعة شعرية -خ) بخطه، ألقاها في صباه سنة 1200ه‍في ...

المزيد عن المفتي عبداللطيف فتح الله

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة