الديوان » العراق » عبد الرحمن السويدي » الحمد لله السلام المؤمن

الحمد لله السلام المؤمن
رب العباد الصمد المهيمن
أوجد هذا الكون في قول كن
أبدع ما يكون في التكوّن
فليس أعلى منه ما لم يكن
جلَّ عن الشبيه والنظيرِ
جلَّ عن المُعينِ والمُشير
قضى على الكبير والصغير
ما شاء من جليل أو حقير
ما شاءه كان بصنع متقن
سبحانه فكم له ألطافُ
بخلقه وكم له إسعافُ
وكيف وهو أمنُ من يخافُ
ومن نجّاه قط لا يُحاف
يقيه لطفاً من صروف الزمن
ثم صلاتُه مع السلام
تترى على من جاء بالسَّلام
محمد الهادي إلى السلام
من اللطيف الراحم السلام
ما غرَّد الشحرور فوق فَنَن
وآله وصحبه الأطهار
والتابعين السادة الأخيار
كذا المقيمين مع السُّفار
من أُمّةِ المُطَهَّرِ المختار
وناظم ذا الدرّ غالي الثمن
وبعد فالسلام من مشتاقِ
للوجد روحه لدى التراقي
لولا التأسي صار في فواق
من مضض العيش مع الفراق
والآن في بغداد بادي الشجن
من المحب المستهام المُكَمَّدِ
من السُّويدي أبي محمد
من عابد الرحمن وأبن العابدِ
إلى جناب السيد أبن السيّدِ
والأحسن ابن الأحسن ابن الأحسن
إلى سليمان الزمان الأوحد
غوث الصريخ وغياث المجتدي
اللوذَعي الفطن المُعَوَّدِ
إفحامَ من باحَثَه في محتِدِ
في كل علم وبكلِّ فَنَّ
فاق على الأعلام في سَكبِ الأدب
كتابه فكم به أبدى الأدب
بين فيه ما خفي على العرب
ونال فيه كل سام من رُتَب
إذ قد جرى فيه بأعلى سَنَن
لم يلق من في أنصافه من أحد
في بحثه ومقولٍ كالشَّهَد
له تآليف بها من يهتدي
فاز بفضلٍ باذخٍ لم يعهد
وفاق كل لوذعي فَطِنِ
في عصرنا مثاله لو يوجد
في العلم والفهم وجودٍ جيّد
وفي شجاعة إذا حان ردي
تلقاه كالشهاب فوق فرقد
ينقض فوق بهمة كالغَدَن
بدرُ ولكن الكمال هالُته
ليث عرين لا تُرَدُّ صَولَتُه
بحر كأنما السحابُ راحته
ذو منطق قد أعجزت فصاحتُه
فاعجب لذي علمٍ شجاع لسنِ
جاد الزمان بالجواد الجيد
على الورى والعَلَم المُشَيَّدِ
ومثله الدنيا غدت لم تلد
إذ لا يرى شبيهه من وَلَد
من قيصر الروم لأقصى اليَمَنِ
قد حَمِدَت بين الورى خصالُه
وشُكِرَت على المدى أفعاله
لولا التقى إذ سُدِّدَت أقواله
كدتُ أقول إذ هَدَت أقواله
جل عن الشبيه في ذا الزمن
أبقاه ربي سالماً مكرَّما
مؤيَّدا مُبَجَّلا مُفَخَّما
نجلو به عن عين دنيانا العمى
وقد غدا لنا عن الدهر الحمى
به يَرِدُّ خائباً عن وهن
وقيتَ يا كريم وعثاء السفر
وصار من يشناك في قعر سَقَر
ولم تزل أنت لدنيانا القمر
بكم ظلام العسر يُجلى والكدر
عنا فلم نرم فراق الوطن
بغداد بَعدَ بعدكم في حُرَقِ
عليكم وكرخكم في أرق
والعلم بعدكم بأدنى رمق
فلتسعدَن بكم ديار جِلَّق
ولتشكر اللَه عظيم المِنَن
بعدكم دَرَسَتِ المدارسُ
فينا فلا يُلفى بها مُدارِسُ
ولم يكن بعدك لي مجالس
ولم تكن تعقد لي مَجالس
إلاّ على الوجد الذي أزعجني
حَبَستُ بعد بُعدِكم كلامي
عن طالبٍ إلا لدرس عام
وقد تركت بعدكم نظامي
مجانياً للنثر والنظام
فشجن الطلاب أضحى شَجَني
كنت عليكم أنا الرفيقا
في سَفَرٍ وحَضَر رفيقا
أبدي لكم في المعضل الطريقا
فتشربون قرقفاً رحيقا
من كَرم العلوم لا من دنِّ
وكنت قاصداً فراق ذا الوطن
مما دهاني من صروف ذا الزمن
ورمت بيع فرسي من كل مَن
ينقد لي لأهبة الحج الثَمَن
وجلُّ قصدي بَعدُ لم يُبَيَّنِ
فقمتَ أنتَ وأردتَ رُفقتي
وقد رغبتَ فيَّ يا أبن جَلدَتي
منعتني بيعَ سكاب التي
أعددتها لدفع كل ذِلَّة
ثم عَدَلت بعد ذاك عنّي
إياك أن تظُنَّ تثنيني مَرَه
عن مقصدي فأنا ذاك القسورة
لكن رأيت منكم ما أنكرَه
روعي مما لم أطق أن أذكرَه
فأبت للَه الذي خَلَّفني
غرَّكَم يا شهمُ من غَرَّكُم
وقد طلا عليكم ما يكتُمُ
ورام تثبيطي وكيف أنتمُ
فات عليكم مَكرُهُ المُجَّسمُ
وكاد أن يوري زند الفِتَن
وبعد إنّ هذه مداعبة
فكلُّكم عندي حميد العاقبة
لا زال منكم الجميع قاطبة
في دَعَةٍ لحَيكم مصاحَبة
ودمتم في نعمة تشلمني
فأنتم مثل بني المُهلب
كحلقة قد أفزعت من قالبِ
ما فيكم الكَهام بل كل أبي
وباسل شهمٍ جليل المطلب
من العُلى لم يرض خط الأدون
يا سيدي قد كان قصدي ح َلَبا
في سفرتي هذي أقضِّي أرَبا
وأن اقيم بعد حجي حِقَبا
فيها وأنفي عن فؤادي كُرَبا
مهاجراً بغداد ذات المِحَن
فبعدَكم جاءت إليَّ كتبُ
من سادةٍ عُمرَهم لم يكذبوا
بأن بغداد إليها المهرَبُ
من كل فجٍّ قد تداعت حَلَبُ
في قَحَط وفي غلاءٍ مزمن
وأن أهل العلم في ارتعاشِ
من تَعَبٍ في طلب المعاش
وجُلُّهم ملقى على الفراش
همّاً دعاة الدهر كالفراش
فلا تَبِع بغداد في ذا الثَمَنِ
فقلتُ الحمد لله أبقاني
في ساحة الزوراء والأوطان
وقلت ذا الصنع من الإحسان
فدُم بخيرٍ عابد الرحمن
وأبق مع العيال في عيشٍ هني
لا تفهمن ذي نفثة المقهور
وأنة المسجون والمصدور
ومن سيبدينا من القبور
إلى القيام عند نفخ الصور
بأن قولي قول ثبتٍ ديِّن
فسل بني صبري إذا جئت حلب
فإنهم قد كتبوا فيمن كتب
وبينّوا جواب ما كان الطلب
ووضحوا لي الطريق في أدب
كانوا بحفظ الملك المُهيمن
وإن سألت عن رجال الجِلدَة
الجالبين اليُسر أهل النجدة
فكلُّهم في نعمة ورغده
وفي حبورٍ لا نطيق عَدّه
على سرور وانبساط بين
وإن سألت عن حبيبي الأحمد
ووأخته هما بعيش رَغَد
داما بحفظ السرمدي الأحد
من شر حاسدٍ عظيم الحَسَد
ونافثٍ في عُقدٍ من قطن
وإن سألتا عن المواقف
فهي من الصحّة في مواقف
أجاد نسخها الحسين فأصطفى
على الورى فأنه الخل الوفي
يذكر منكم وعدكم بالبُدُنِ
كاد يتم النسخ لولا القَرّ
بعدكم جاء وريحٌ صرُّ
صارت به الوجه سوداً غبر
وكاد أن لا تستقيم قِدرُ
على الأثافي والرحى لم تطحن
وكان ذاك عقب الزيادة
من دجلةٍ على خلاف العادة
وكان كل ذا على إفادة
نلنا به الحسنى مع الزيادة
فالحمد لله السلام المؤمن
أعادَكم ربي إلى الديارِ
أعاذكم من نكد الأشرار
قد صرت بعدكم شهيد الدار
أسكب دمعاً بشبه الدراري
قد خَدَّدَ الخَدَّ فأوهى بدني
بلّغ سلامي أيها المولى السري
على سليمان أفندي الدفتري
ومن بكم يلوذ في ذا السفر
من بدويٍ صاحبٍ وحَضَري
بلغ جميعَهم سلاماً عني
لا سيما لحامدٍ وعيسى
وٌيتَ يا واقي الكرام بوسا
ونلت ما نال الكليم موسى
لما غدا بربه مأنوسا
من القبول وعظيم المِنَنِ
يا شهم يا مفضال يا مُرادي
بلغ سلامي سيّدي المُرادي
وسائر السادات والأمجاد
من علماء الشام والأطوادِ
في العلم أصحاب الهدى المُبَرهَن
لا سيما أصحابنا أهل الأثر
رواة هَي المصطفى خير البَشَر
داموا بتأييد الإله والظفر
لا برحوا يروون صحة الخَبَر
إلى القيام وانقضاء الزمن

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عبد الرحمن السويدي

avatar

عبد الرحمن السويدي حساب موثق

العراق

poet-AbdulRahman-AlSuwaidi@

128

قصيدة

289

متابعين

عبد الرحمن بن عبد الله بن الحسين السويدي العباسي البغدادي، زين الدين، أبو الخير. مؤرخ، من بيت قديم في العراق، ولد ونشأ وتوفي في بغداد. له كتب، منها (حديقة الزوراء- ...

المزيد عن عبد الرحمن السويدي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة