الديوان » العصر العباسي » أبو حية النميري » ألا يا انعمي أطلال خنساء وانعمي

عدد الابيات : 61

طباعة

ألا يا انْعَمي أطلالُ خنساءَ وانْعمي

صباحاً وإمساءً وإنْ لم تَكلَّمي

ولا زلتِ في أرواقِ واهيةِ الكُلى

هَتُولٍ متى تُبْسِسْ بها الريحُ تُرزِمِ

عهدْنا بها الخنساءَ أيامَ ما ترى

لخنساءَ مِثلاً والنَّوى لم تَخرَّمِ

وخنساءُ مِخماصُ الوِشاحَيْنِ خَطْوُها

إلى الزوجِ أقتارٌ خُطى المُتجشِّمِ

ينوءُ بخَصْرَيْها إذا ما تأوَّدتْ

نقا عُجمةٍ في صَعدةٍ لم تُوصَّمِ

خليليَّ من دونِ الأخلاّءِ قد ونَتْ

عصا البينِ هلْ في البَينِ من مُتكلِّمِ

ألِمّا نُسائلْ قبلَ أن ترمي النَّوى

بنافذةٍ نَبْضَ الفؤادِ المُتيَّمِ

يقفْ عاشقٌ لم يبقَ من روحِ نفسِهِ

ولا عقلِهِ المسلوبِ غيرَ التوهُّمِ

وما تركَ اللائي يُرَيِّشْنَ صِيغةً

هيَ الموتُ من لحمٍ عليهِ ولا دمِ

إذا هنَّ أحْذَيْنَ المراوِدَ بعدَما

رقَدْنَ إلى قرنِ الضحى المُتجرِّمِ

عيونُ المها أو مثلَها سقطَتْ لها

وأعيُنُ أرآمٍ صَرائدَ أسهُمِ

كما أصردَتْ حِضنَيْ جميلٍ وقبلَهُ

عُرَيَّةَ والبَكّاءةَ المُترنَّمِ

رمتْهُ أناةٌ من ربيعةِ عامرٍ

نَؤومُ الضحى في مأتمٍ أيَّ مأتمِ

وجاءَ كخَوطِ البانِ لا مُتتَرِّعاً

ولكنْ بخلْقَيْهِ وقارٍ ومِيسَمِ

فقالَ صباحٌ قُلنَ غيرَ فواحشٍ

صباحاً وما إنْ قلنَ غيرَ التذمُّمِ

فأنشدَ مشعوفاً بهندٍ وأهلِها

نشيداً كخُشّابِ العراقِ المُنظَّمِ

وقُلنَ لها سرّاً وقَيْناكِ لا يَرُحْ

صحيحاً وإنْ لم تقتليهِ فألْمِمي

فأدنَتْ قناعاً دونَهُ الشمسُ واتَّقتْ

بأحسنِ موصولَيْنِ كفٌّ ومِعصَمِ

فراحَ ابنُ عَجِلانَ الغوِيُّ بحاجةٍ

يُجاوبُ قُمْرِيَّ الحَمامِ المُهيَّمِ

وراحَ وما يدري أفي طلقةِ الضحى

تَروَّحَ أو داجٍ منَ الليلِ مُظلمِ

وأغيدَ من طولِ السُّرى برَّحَتْ بهِ

أفنانيُ نَهّاضٍ على الأيْنِ مِرْجَمِ

وأقتالُهُ من مَنكبَيْهِ كأنّها

نوادرُ أعناقٍ رِبابةُ مُسْهِمِ

خواضعُ يَسْتَدِمينَ في كلِّ خِلقةٍ

لوَتْها بكفَّيْهِ كِلابُ المُخشِّمِ

وأدراجِ ليلٍ بعدَ ليلٍ يجوبُهُ

بهِ زَورُ أسفارٍ متى تُمسِ تُجذِمِ

سرَيْتُ بهِ حتى إذا ما تمزّقتْ

توالي الدُّجى عن واضحِ الليلِ مُعْلِمِ

أنخْنا فلمّا أفرغَتْ في دماغِهِ

وعينَيْهِ كأسُ النومِ قلتُ لهُ قُمِ

فما قامَ إلاّ بينَ أيدٍ تُقيمُهُ

كما عطفَتْ ريحُ الصَّبا عودَ ساسَمِ

خطا الكُرهَ مغلوباً كأنَّ لسانَهُ

لِما ردَّ من رجْعٍ لسانُ المُبَرْسَمِ

وودَّ بوُسْطى الخمسِ منهُ لو اننا

رحَلْنا وقُلنا في المَناخِ لهُ نَمِ

فلمّا تغشّاهُ على الرحْلِ ينثَني

مُسالَيْهِ عنهُ في وراءٍ ومُقْدَمِ

ضمَمْنا جناحَيْهِ بكلِّ شِمِلَّةٍ

ومُرتَقِبِ اليُمنى كَتُومِ التزَغُّمِ

فأضحى وما يدري بأيّةِ بلدةٍ

ولا أينَ منها مَيدةٌ لمْ تُصرَّمِ

يخِرُّ حِيالَ المَنكِبَيْنِ كأنّهُ

نَخيعٌ على ذي قوةٍ مُتَغَمْغِمِ

أَميمُ كرىً أثْأى بهِ خطَلُ السُّرى

وهَيْجات عُرْيانِ الأشاجعِ شَيْظَمِ

ومنهنَّ تحتَ الرحْلِ جلْسٌ جعلْنَها

دواءً لنجوى الطارقِ المُتنوِّمِ

إذا المُنقِياتُ العِيدُ بلَّغْنَ أرقَلَتْ

على الأيْنِ إرقالَ الفَنيقِ المُسدَّمِ

كأنَّ السُّرى ينجابُ في كلِّ ليلةٍ

إلى الصبحِ عن نازِي الحماتَيْنِ صِلدِمِ

رعى الرملَ حتى استنَّ كلُّ مُزمزِمٍ

على الشاةِ محبوكِ الذراعينِ كلْدِمِ

شُوَيْقٍ رعى الأنداءِ حتى تعذَّرتْ

مَجاني اللِّوى من كوكبٍ مُتضرِّمِ

وآضَتْ بقايا كلِّ ثمْلٍ كأنّها

عُصارةُ فَظٍّ أو دُوافةُ كُرْكُمِ

وهاجَتْ منض الغَورَيْنِ غَورَيْ تِهامةٍ

نواشطُ يهجمْن الحصى كلّ مَهجَمِ

فلمّا رأى الشمسَ التي طالَ يومُها

عليهِ دنتْ قالتْ لهُ أرضُهُ ارغَمي

جمى قلقٌ سهلُ الجِراءِ إذا جرى

طغا ثبت ما تحتَ اللِّبانِ المُقدَّمِ

يُشِعْنَ إذا شقَّتْ عصاً يغتبِطْنَهُ

يداهُ وإنْ يُدركْ قَطاهُنَّ يَكْدِمِ

يحيدُ ويخشى عازِبِيّاً كأنّهُ

ذُؤالةُ في شِمطاطِهِ المُتخذّمِ

ترى رزقَهُ يوماً بيومٍ وإنّما

غِناهُ إذا استغنى بفِلْقٍ وأسهُمِ

مُقِيتاً على صُلْتِ الهوادي كأنّها

مُخَطَّطةٌ زُرقاً أعِنّةُ مُؤْدِمِ

رمى مِرفَقَ الدنيا فأرسلَ جوفُها

إلى جوفِ أخرى مائراً لم يُثلَمِ

فذاكَ الذي شبَّهتُ حرفاً شبيهةً

بهِ يومَ أُبْنا بعدَ حَمْسٍ مُقحَّمِ

تُقاسي الفِجاجَ اللامعاتِ وتَغتلي

بأتْلَعَ مسفوح العَلابِيّ شَجْعَمِ

إلى جعفرٍ أطوي بها الليلَ والفلا

إلى سَبِطِ المعروفِ غيرِ مُذمَّمِ

يُغالى بها شهرانِ وهْيَ مُغِذّةٌ

إلى مُستقلٍّ بالنوائبِ خِضْرِمِ

وقال رفيقاكَ اللذانَ تجشَّما سُرى الليلِ

من يَجشَمْ سُرى الليلِ يَجشَمِ

وأيدي المَهاري في فَيافٍ عريضةٍ

هوابطَ من اخرى تَغلَّى وترتمي

لَعمري لقد أبعدتَ همّاً ومَنْسِماً

وكم من غِنىً من بعدِ هَمٍّ ومَنسِمِ

فقلتُ لهمْ إنّي امرؤ ليسَ همَّتي

ولا طلبي حظّي بأدنى التَّهَمُّمِ

فلا تُكثروا لَومي فليسَ أخوكُما

بلَوّامِ أصحابٍ ولا بالمُلَوَّمِ

لعلَّكُما أنْ تسلَما وتَصاحبا

بعافيةٍ من يصحَبِ اللهُ يَسلَمِ

وإنْ تُرْقِيا ريبَ المنونِ وتُقْدِما

على جعفرٍ تَسْتوجِبا خيرَ مَقْدَمِ

وتعترِفا وجهاً أغَرَ وتنزِلا

على سَعةٍ بالماجدِ المُتكرِّمِ

بأبيضَ نَهّاضٍ إلى سُورِ العُلى

جراثيمُ يخطوها فتىً غيرُ توأمِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أبو حية النميري

avatar

أبو حية النميري حساب موثق

العصر العباسي

poet-Abu-Hayya-al-Numeiri@

78

قصيدة

65

متابعين

الهيثم بن الربيع بن زرارة، من بني نمير بن عامر، أبو حية. شاعر مجيد، فصيح راجز، من أهل البصرة، من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية، مدح خلفاء عصره فيهما. قيل في ...

المزيد عن أبو حية النميري

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة