الديوان » العصر العثماني » علي الغراب الصفاقسي » طيب النسيم على رسم الديار قف

عدد الابيات : 63

طباعة

طيب النّسيم على رسم الدّيار قف

وحيّها من مُحبّ وامق دنف

وأذكرنهُ لويلات لنا سلفت

دُنيا علينا لهذا الدّهر من سلف

وقُل سقاك إلاهُ العالمين حيا

يُحيي معاهد أنس منك مُؤتلف

أضحت مراتع غزلان الفلاة وقد

كانت بها ظبياتُ الأنس في سُجف

كأنّها ما حوت شمسا ولا قمرا

لم يدر أفقا سوى العالي من الغرف

من كلّ ريم كحيل الطّرف ذي حور

وكلّ غُصن رشيق القدّ ذي هيف

يظلُّ بدرُ الدُّجى يصبو لطلعته

عشقا ألم تر ما فيه من الكلف

فما تلقّتهُ شمسٌ غيرُ كاسفة

ولا تلقّاهُ بدرٌ غيرُ مُنخسف

سقى معاطفهُ من راح ريقته

لذا يميلُ بقدّ منهُ مُنعطف

إذا تبسّم في داج رأيت سنا

برق من الثغر للأبصار مُختطف

كأنّنا ما تقضّت بالعذيب لنا

منها ليال بأعلى الرّوضة الأنف

ولا قضينا على أكتاف كاظمة

بوصل سلمى زمانا غير مُنحرف

ولا سفحنا على وادي العقيق دما

من منحر العين إذ يحيى ويقتل في

حيثُ المنى كان لي عبدا ومن خدمي

سعدُ السّعود بها والعيش في ترف

وطرف حظّي بالإقبال مُنتبهٌ

يرنُوا إلى وطر في النّائبات غف

إذا ذكرت ليالي الوصل من إضم

قضّيتها بسليمى صحتُ واأسفي

وبدّد الدّمع من عيني تذكّرُها

كما يُبدّدُ صافي الدُرّ من صدف

وبتُّ ليلي ما في اللّيل ساعته

عندي بأطول منها ليلةُ الدنف

يفنى الفناءُ ولا يفن لهُ عُمرٌ

كأنّهُ من صُرُوف الدهر لم يخف

يسودُّ مبيض وجهي في دُجاه ولا

يبيّض مُسودُّهُ من شدّة العنف

يشيبُ من طُوله رأسُ الغراب ولا

يشيبُ رأسا بصبح منهُ مُرتدف

ما لليالي بما أجفو تُعاملني

حتّى إذا رُمتُ جُرعة كأس كان من لهف

او رُمتُ لين وطاء كان من إبر

أو رُمت رطب غطاء كان من خشف

أو جئتُ أسعى لشرب الماء من ظمإ

غصصتُ حتّى روى غربي من التّلف

من لي بمنتصف من ذا الزّمان فقد

مضى الزّمانُ ولم أظفر بمنتصف

تسعى الحظوظ إلى من لاحظوظ لهم

ورُحتُ منها سليبا عاري الكتف

ورُبّ مُنكرة حالا عرفتُ بها

قالت أراد من الأكدار غير صف

فقلتُ خُضتُ سُيول النّائبات فتى

لغيره العلمُ والادابُ لم تُضف

فقلتُ أعدى الأعادي للزّمان فتى

في سائر العلم والاداب ذا طُرف

قالت ألم تكُ من بيت لها شرف

فقلت غيري بذاك البيت لم يطف

قالت فهل لك عقدٌ بالشّهادة في

ما تدّعيه قُلتُ لي عقدٌ من الشّرف

شيخٌ جليلٌ هُمامٌ فاضلٌ علمٌ

لغير كسب المعالي غيرُ مُقترف

هُو الهمام أبو العباس أحمد من

علا على مفرق الجوزا بلا كلف

ومن قضايا فتاويه مُسوّرةٌ

بالسّلب من مُوجبات الميل والحيف

أقرّ بالعجز فيها الخصمُ فارتفعت

عند الخصومة من إقراره وكفي

كأنّما منصبُ الفتوى به شغفٌ

فلم يُفارقهُ طُول الدّهر من شغف

أمسى على الرّفع للتّمييز مُنتصبا

في خفض عيش لها بالأمن مُكتنف

فكلُّ ثوب على الفتوى لهُ قصرُ

سواهُ إذ هُو ثوب سابغ الطرف

كأنّما هي جسمٌ وهو مضجعها

وكلُّ جسم بدُون الرُّوح لم يقف

في كلّ قطر من الأقطار نافذةٌ

فُتياه مثل نفوذ السّهم في الهدف

بُنيانهُا قطّ لم تُهدم مسافته

وغيرُها قد هوى على شفا جرف

فما العقودُ الّتي تبري يداه

سوى عُقود دُرّ على اللّبّاتُ مُرتصف

أحيا الفرائض قسما بعدما بذلت

وعلمها المسلمين قف

فعنهُ تُدرى فكلٌّ بين مُغترف

من بحره ولهُ بالفضل مُعترف

إن أمرضت باعتساف الفهم مسألةٌ

صحّت لديه بفهم غير مُعتسف

يفي بإحصاء ما قد رُمت من عدد

إلا مُفاخرتي الغرّاء ليس يفي

تأوي الوُفودُ لهُ من كلّ ناحية

تسعى بكل سؤال عنه غير خفي

يُجيبُ في الحال عن كلّ بأجوبة

تُشفي غليل حشا ما كان منهُ شُفي

في فضل كلّ سواهُ القول مُختلفٌ

وليس في فضله قولٌ بمختلف

لاغرو ان قال مجدٌ ليس يُدركهُ

سواهُ إذ عرقُهُ في المجد غيرُ خفي

إنّ الخطابة كانت والإمامة في

أسلافه خلف تأتي على السّلف

لكنّها ارتحلت كي ما تعودُ لهُ

كالشّمس من شرف تأتي إلى شرف

من بيت علم وفضل لا يُنازعُه

فيه سوى حاسد بالجهل مُتّصف

إن كان مجدا طريفا نال غيرُهُم

فإنّهُ تالدٌ فيهم بلا طرف

قد كان موطنهم في أرض أندلس

وقيل أندلس لزويه في الصّحف

يا من لهُ شرف لم يرق رتبته

من رام يرقى بعزم رتبة الشّرف

ومن تُحاول منهُ الشّهبُ منزلة

ترنو مدى الدّهر من طرف إليه خفي

ولاتكن عن رجائي غير مس

واصحب بوارقهُ بالهاطل الوكف

واحكم لبنيان عقد لم يحلّ سوى

حماك فالعقدُ بالإحلال غير وفي

لازال عقدُك بالإحكامُ منتظما

وما سوى عقدك الإحكامُ عنهُ نُفي

دُم في تصرّف ما وُلّيتهُ أبدا

فأنت أحمدُ عنهُ غيرُ مُنصرف

وابشر بنجل به كدت الحواسد إذ

جاء بخلف كما قد جئت بالخلف

ودع حسودا فنارُ الحسد تأكلهُ

فالنّارُ مثواهُ في الدّنيا بذاك وفي

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن علي الغراب الصفاقسي

avatar

علي الغراب الصفاقسي حساب موثق

العصر العثماني

poet-Ali-Ghorab-Sfaxien@

394

قصيدة

54

متابعين

علي الغراب الصفاقسي، أبو الحسن. شاعر خلاعي له علم بفقة المالكية من أهل صفاقس. انتقل إلى تونس واتصل بالأمير علي باشا بن محمد، وصار من خواصه ولما قتل علي باشا ...

المزيد عن علي الغراب الصفاقسي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة