الديوان » العصر العثماني » علي الغراب الصفاقسي » أتعرف للواشين عندي مغارم

عدد الابيات : 124

طباعة

أتُعرف للواشين عندي مغارم

فتطلب أم ثأرٌ لهم متقادم

سعوْا في جفا من مرهفات لحاظه

حروفٌ لأفعال السلوّ جوازم

يُفتر عزم الصبر مني فُتورها

وينصرها جيش من الشوق هازم

إذا لمست في العزم الفؤاد يقول لي

على قدر أهل العزم تأتي العزائم

عظيمٌ بلائي فيه يصغر عنده

وتصغر في عين العظيم العظائم

ومن لي به يرضى لو عُمر ساعة

وتسخط إن شاءت عليّ العوالم

على ورد خديه العذار كمائم

ومن سحر لحظيه عليه تمائم

فليس لصب منه في الوصل نافع

وليس له من صارم اللحظ عاصم

رشا قوَّم الرحمان نير خلقه

بأحسن تقويم فعز المقاوم

معدَّل قد يبهت الشمس حسنه

وللشمس بالتعديل بهتٌ مصادم

ترى للداردي حيرة من طلوعه

لذاك لها وصفٌ التحير لازم

تحكم عبد الخال في مصر حسنه

وكافور عبدُ وهو في مصر حاكم

إلا أرغم الله الوشاة فإنهم

سعاة للأنف المغرمين رواغم

أذا همَّ من أهوى بعطف تصدّه

بنعت به الإبدال للعطف حاتم

الا ما لدهري لسم يحل عن إساءتي

وما ريء يوما وهو للغيظ كاتم

كأن له عندي عظيم جناية

فلم تنس أو خوف البواد رواهم

أن بين دهر في الحقيقة أهله

أفاع وفي رؤيا العيون أوادم

هُم حاولوا إنزال قدري إلى الثرى

ومنزل قدري للثريا مُتاخم

أتُنزلني الأعداء في غير منزلي

ولم تُلف إلا بالرؤوس العمائم

تُرى جهلوا قدر العلى أم تجاهلوا

وهل يجهل الشمس المنيرة عالم

كأني دربين عمي بظلمة

بدا أو سراج ما له شام شائم

كأني عبيق الطيب يعبق نشره

لدى فاقدي الشمّ والطيب فاغم

كأني بليغ القول في منطق امريء

وقد خُوطبت عجما به أو أعاجم

كأني بين الصم ألحان مطرب

تميد له صُمّ الجبال العواصم

إلى كم أزين الدهر وهو يشينني

وأطريء في أمداحه وهو ذامم

مديحي لأهل الدهر والذم منهم

كلانا بإفك المدح والذمّ آثم

وما كلّ مدح للفضائل مُثبت

وما كلّ ذمّ بالنقائص واسم

فربّ مديح كان بالقدح مُغريا

وربة ذمّ وهو بالمدح ئاقم

أنا من إذا أثنى على فضله امرؤٌ

عليه غدا يُثني الثنا وهو باسم

لئن كان بالأسوار يزدان بعضهم

فربّ سوار زينته المعاصم

ولا غرو أن يخفى الجهول فضائلي

فكلّ تراب للذّخائر كاتم

وإن نم بي واش حسودٌ فإنما

بإحراق عود الطيب تذكو شمائم

وقد ضاق رحب الأرض إذ صح أن لي

مقاما على الجوزاء فيه نعائم

ألا ليت شعري هل خطوبي تنتهي

إلى غاية أم هكذا الدهر دائم

غريب ديار حيث حل لأنه

له موطنٌ للفرقدين مُزاحم

له ظلّ يرثي كلّ قاس فؤاده

وأعدى العدى يغدو له وهو راحم

له رحمة يذري الغمام دمُوعه

وما نحبت إلا عليه الحمائم

فمن دون ما يبغي عواد تعوقُه

ومن دون ما يهوى تحزّ الغلاصم

فأهون ما يلقاه أهوال حادث

وأطيب ما تحلو لديه العلاقم

بشائره في كلّ يوم فجائع

تُعاقبها أضعافها وتُصادم

لحى الله دهرا لا تزال صُروفُه

تحاربني طُول المدى وأسالم

كمن أنفه نحو السماء وأسته

إلى الماء غمّ وهو للأنف راغم

يراني أدنى ما جنيت كأنما

جنته من الأحشاء منه صوارم

ويرشد من دوني إلى طُرق العلى

ومثلي سار في الضلالة هائم

وقد سدّ باب النفع دوني وانثنى

يفتح باب الضرّ لي وهو حازم

ومن لي برزق في سدّ لخلتي

ومن دونه أسد الثرى والأراقم

كأني أرى الأرزاق يوم تقسمت

توزع رزقي بينهن المقاسم

قضيت زماني بالتأسف والمنى

ولم أحظ من دهري بما أنا رائم

وما ساءني خل فلذت بغيره

وما بتّ عما قيل والقلب نادم

متى همّ بالإكرام دهري عاقه

لئيم لأركان المكارم هادم

ولم أر من إكرامه لي وسيلة

سوى مدح من تُعزى إليه المكارم

أبي الحسن المولى الزكي عليّ من

به الدهر أعياد لنا ومواسم

مليك إذا الأملاك أبدت مفاخرا

ففخر عُلاه بالسماكين راسم

مليك إذا الامال منك توجهت

إليه فثق أن الإياب مغانم

ولم يثنه قول النصيح بغشه

بأن صلات المادحين مغارم

يرى المدح يُحيي ربه وهو ميت

ويبقى مدى الدنيا وتفنى العوالم

بحلم وعدل خص هذا لمن جنى

وهذا لجرح النائبات مراهم

ومورد أوراد بذكر إلهه

له عذبت ما حولها حام حائم

وأضحت دروس العلم بعد دروسها

رسُوم لها تُحيا به ومعالم

بليغ جواد منه سحبان باقلا

يروح ويغدو ما درى منه حاتم

مليك ليالي النحس منه بواكيا

تولت وأيام السعود بواسم

له وثبات في وغى الحرب تنثني

وتجبن عنهنّ الكماة الضراغم

له عفة لو أنها في الورى سرت

لما علقت بالعالمين ماثم

وبشر مُحيا لم يزل مُتهللا

به يهتدي السارون والليل فاحم

تقلد سيف الحق حتى أغدت

على كل مظلوم تردّ المظالم

إذا انبسجت مُزن السماء وكفه

فذاك له كفّ وذلك ساجم

نعمنا بها في ظل عيش كأنما

بنا من جنان الخلد حفت نعائم

له رأفة بالمسلمين وغيرة

عليهم كأن المسلمين محارم

لهُ النّصر عبد والرشادُ مُصاحب

لهُ وأخُوهُ الصّبر والسعدّ خادمٌ

تحصّن من ربّ العلى فوثُوقهُ

به من عدوّ كيدُهُ مُتعاظمُ

أمولاي يا من فضلهُ شمل الورى

ولم يُثنه عن فعل ذلك لائمُ

فديتك ما ذنبُ الّذي لم يكن لهُ

سوى مدحك الأسنى خليل منادمُ

يُهانُ بطرد وانقطاع وحُسّد

هُ شامت فيهم وآخرُ شاتمُ

ولو مُذنب غيري جنى الذّنب كلّه

ما مسّهُ بعض الّذي بي قائمُ

لئن كان ذنبي حُبّكم ومديحكم

فإنّي على تلك الذُّنوب مُلازمُ

وهب أنّ لي ذنبا فقد عمّ نفعكم

جميع العدى كيف الودُود الملازمُ

على أنّني من كلّ عيب مُبرأ

وعرضي من كلّ المثالب سالمُ

ولولا مديحي فيك لم تكُ جُرّدت

بحضرتكم للذّمّ فيّ صوارمُ

ولكن قصرتُ المدح فيكم فطوّلت

وُشاتي في ذمّي وما أنا جارمُ

ولو أنّني لم أقتصر عن مديحكم

لفزتُ ولم يُوجد لقدري هاضمُ

ولو وصفوني بالّذي فيّ قادح

لهان وما حيّ من القدح سالمُ

ولكن بما فيهم وُصفتُ وطالما

تردّتْ بأوصاف اللّئام الأكارم

وما نسب الحسّادُ لي من تشاؤُم

وما انتسبت يوما إليّ مشائمُ

فإنّي أرى عُذرا لهم فيه بيننا

وما أنا فيما أسندُوا لي لائمُ

دروا أنّني بعض الدّراري فأثبتوا

لي البعض من أحوالها ليلائموا

ولو قيل حظّي وافرُ النّحس منهمُ

لصدّق فيما يدّعيه مُخاصم

نعم لي هجو وافرُ النّحس في العدى

وللخلّ مدح كاملُ السّعد دائمُ

لئن يُعزى للأسماء يمن وطيرة

وفي اسمي لمولانا الأمير مواهمٌ

فماذا على المولى بقلب مُلقّبي

بما شاء ممّا فيه يُمن مُلائمُ

على أنّني قبلا دُعيتُ ببارع

وفي عقد إشهادي ليلي قائمُ

بعيشك أيّ المنحسين أشدّ ما

رموني به أو ما به أسمي واهمُ

ولكن عُلا فضلي أساءت لهم ولي

فكلّ به وصفُ الإساءة قائم

ومُذ عجزُوا عن مثل نظمي أحرقُوا

بشهب معان للقلوب وراجمُ

هم نسبوا التّأثير لاسمي وما دروا

بنسبته للنّجم كفّر عالم

أما يتّقي الرّحمان قوم بجهلهم

رموني بما لم يرمه قطّ رائم

أم جاء في التّنزيل لا تنابزُوا

بالألقاب نهي فيه عن ذاك جازمُ

ألم يُرو لا عدوى ولا طيرة كما

أتى عن نبي للنّبيين خاتم

أما فيه كسرٌ للقلوب وكسرُها

مُخلّ بفضل المرء والمرءُ آثمُ

يقولون أعلى منه زيد وخالد

وكم منهُ خير وهو للشّعر ناظمُ

وما فضلُ شخص يستوي الدُّرُّ والحصا

لديه ومنطيقُ اللّسان وباكمُ

عجبت لقوم في الورى يحسدونني

على غير ما عندي من الرّزق ناجمُ

ولو كان لي رزق كشعري تركتهُ

لهم باعترافي إنّ شعري ساقمُ

وما أنا يا مولاي أوّل نآظم

رموهُ بإجرام وما هُو جارمُ

ولو أنت لي وجّهت بعض توجّه

لكان لأمداحي لديك تزاحُم

رضاكم على المذمُوم مدح وسُخطكم

على كلّ ممدُوح لهُ الذّمُّ دائمُ

لئن حجبتني عن عُلاك أسافل

فذاك دليلُ الخير عندي قائم

ففي إثر حجب الأفق بالغيم يبتدي

نُزُولُ الحيا بالأرض والبرق باسمُ

وليس على حال تدُومُ غمامةٌ

إذا حجبت شمس النّهار غمائمُ

تقولُ العدى قد ضاع جيّدُ شعره

وخاطر في ذمّ العدى وهو عاشمُ

فقلتُ لهم ما ضاع مدحي وإنّما

جوائزُهُ تأتي لهنّ تراكمُ

ولم أر لي في النّاس ذنبا جنيتهُ

سوى طُول فضل وهو للسرّ زق حارمُ

أمولاي إنّي قد خدمتُ جنابكم

بدُرّ مديح ما به الغيرُ خادمُ

ولو كان لي في العيش أدنى كفاية

غدا فيك مدحي موجُه مُتلاطمُ

فهب لي ما يبقى به نشرُ ذكركم

مدى الدّهر شُكرا ما لهُ قطّ صارمُ

وإني من جدواك مازلت آمناً

بمنزلة علياً لها الدهر خادم

وإنّي على مقدار فضلك طالبٌ

من النّفع لا مقدار مدحي رائمُ

ولستُ بما أسديت لي أنا قانعٌ

ومنك لمن دُوني العطايا العظائمُ

ويرتعُ في خصب بغيث نوالكم

وزهرُ مديحي فيك بالطّيب ناسمُ

ولم يكُ مدحي في عُلاك مُفخّما

لذكرك بل مدحي بذكرك فاخمُ

أمولاي خُذ منّي بُيوت قصيدة

بهنّ خريداتُ المعاني نواعمُ

ولا ثمنٌ فيهنّ منكم سوى الرّضى

ومرتبة من دُونها النّسرُ حائمُ

أطلتُ ولكن في عُلاك وجيزة

فعلياك لم يستوفها قط ناظمُ

فلا زلت منصور الجناب مُؤيّدا

وأنت لهذا الملك والدّهر حاكمُ

ويهنيك عيد النّحر مولاي إنّه

لكم فيه فتحٌ بالمسرّة خاتمُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن علي الغراب الصفاقسي

avatar

علي الغراب الصفاقسي حساب موثق

العصر العثماني

poet-Ali-Ghorab-Sfaxien@

394

قصيدة

54

متابعين

علي الغراب الصفاقسي، أبو الحسن. شاعر خلاعي له علم بفقة المالكية من أهل صفاقس. انتقل إلى تونس واتصل بالأمير علي باشا بن محمد، وصار من خواصه ولما قتل علي باشا ...

المزيد عن علي الغراب الصفاقسي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة