ـ حَالَة ـ
تغيّبَ فِي السَرابِ تبدلَّت ألوانُ صَّهْوَتِهِ
وَغاصَتْ في رمالِ الدرب.... انكَفأَ،
وضاعَ صَهِيلُهُ
الموْسومُ فِي التارِيخ
حوافرُ خيْلهِ الُمتْعَب.. على الطرقاتِ،
وحَمْحَمةٌ بلا جَدْوى..
توجَّعَ في انْتِظَارِ النَصْرِ
.. سَيْف النَصْرِ لم يأْتِ وهذا الغِمْد مُهْتَرِئٌ
.. فَلَمْ يذهبْ
تَرَجَّلَ.. وَامتطى ـ زمنًا ـ سُباتَ الوقتْ
وَقاسَمنا.. سُباتَ الوقتْ
وَخلفَ الريّح.. غُبَار المجدِ يَنْتَظرُ
.."سأبْكِيكَ عَنِ الدُنيا" (1) فَما زالَ
على الوَرقِ.
***
تَظنُّ الموتَ لَنْ يأْتِي
.. "فِإِنَّ المَوتَ لاقِيكَ" (2)
تُبدَّد مَجْدَكَ السَابِقْ.. وأَنْتَ اليومَ دُوْنَ الشَمْسِ
.. لا صُبْح ولا ضَوءُ
وهَذا الموتُ تَعْرفُهُ
"وقَدْ يَنْقَسِمُ الموت إلى عِدَةِ أنْواعٍ" (3) فَلا تَفْرَحْ
"إِذا حَلَّ بِواديكَ"(4).
مُسَافِرَةٌ إِلَيْكَ مَلَاَمِحُ الْغَازِينَ.. وِلَاَدَاتٌ مِنَ الْقُوَّةِ،
وَأرْضٌ عُشْبُهَا البرَّاقْ تَجَاوَزَ قَمْحَكَ اليابسْ
تَنُوسُ غُصُونُهُ الْجَذْلَى
وَمَشْغُولٌ طُوَّالَ الدَهرْ تُنَقِّحُ نَصَّكَ الْأَوَّلَ
تُعَشِّشُ فَوْقَ أَسْطُرِهِ
.. "وَكُنْتَ بِهِ وكُنْتَ لَهُ"(5) فَلَمْ تملُك جَنَاحينِ
ولَمْ تَقْوَ.
ـ انْعِِتاق ـ
سَلَاَمًا حُلْمَنَا الْمُجَدْوِلَ.. بِالْوَهْمِ.. مُعَطَّلَةٌ أَمَانِينَا.
وَبَابُ مَدِينَتِي صِدِئٌ.. هَجَرْنَا الْقِبَلَةَ الْأوْلَى
وَمَازِلْنَا نَصْلِيّ لَهَا
قَرَأَنَا مَا تُخَبِّئُهُ دَفَاتِرُ أَمْسِكَ.
جَوَازُ مُرُورِكَ الْمَرْكُونُ فِي الرَّفِّ.. وَيَحْمِلُ صُورَة خَجْلَى
بِتَارِيخٍ مِنَ الماضي
بِلَا وَقْتٍ.. فَلَا تَحِزْنَ
فَلَا مِينَاءَ أَوْ مرفأْْ.. سَتُدْخِلُهُ، وَكُلَّ مَحَطَّةٍ حُبْلَى..
فَدُونَكَ خَيْلُكَ السَّابِقُ،
"وَلا تَجزَع مِنَ المَوتِ" (6)
تنوحُ نهايةُ التاريخِ "أنا المنْحُوس في سَعْيٍ" (7)
يَجِيئُ الصُبْحُ، مَخْمُورًا
ولاتَدْرِي…. فَلا تَبْكي
وهَلْ يُجْدِي البُكَاءُ المَرءَ؟!
تَوَقّف عُمرُنا فَجْأَة..
وَلا متْنا!!
فَكَيٌف العَيْش!!.
ـ عُبودِيْه ـ
يَفُوحُ الزَّيْتَ مِنْ يَدِينَا، ونَغْتَسِلُ، وَعَينُ صَبِيَّةٍ
فِي أَوَّلِ الصَّحْرَاءِ تَغْتَسِلُ..
بِمَالِ الزيتْ
وَتُلْمِحُ طِفْلَةً أُخْرَى وَتَسْأَلُهَا :
ـ مَنْ أَنْتِ؟
ـ أَنَا مِنْ هَذِهِ الْأرْضِ
.. بِلَادِيَّ آخِرُ الخطواتْ،
وَجِدّي كَانَ يَرْعَاهَا،
وَمَاتَ أَبِي، ولَمْ أَدْرِ بِأَنَّ الْأرْضَ تُنْتَهَبُ.
ـ وَمِنْ ذَا كَانَ يُنْهِبُهَا؟
ـ تَوَفَّيْ وَالِدِيَّ فِي الصَيف
ومَاتَ كَلَاَمُهُ قَبْلَهُ،
وَقَالَ لَنَا بِأَنَّ الْأرْضَ رَوْحٌ قَبْلَ مِيلَاَدِي
دَفَنْتُ بِهَا أَبِي..
حَتَّى تَشَكُّلِ عَظْمُهُ طِينًا
وَجَاءَ الزَّيْتُ مُغْتَصَبًا.
ـ هُراء ـ
فَهَلْ نَغْضَب؟...
فَلا كُحْلٌ
ولا طَيْبٌ
ولا لَحمٌ
ولا خَمْرُ
ونَقْرأ مِنْ تُرَاثِ الَأمسْ.. "غذًا أمرُ"
وجَاء الغذْ
وكَان الَيْوم،
وسَيْفي ظَلّ مِنْ خَشَبٍ
ولم أجزع!!.
1 ـ بديع الزمان الهمذاني.
2 ـ أُحَيحَةِ بن الجلّاح.
3 ـ بديع الزمان الهمذاني.
4 ـ أُحَيحَةِ بن الجلّاح.
5 ـ عمارة اليمني.
6 ـ أُحَيحَةِ بن الجلّاح.
7 ـ اللواح الخروصي.
18
قصيدة