لأنَّ أَحداً لا يأتي في موعده. ولأنَّ
الانتظار يشبه الجلوس على صفيح ساخن ...
أَعاد عقارب ساعته اليدوية عشرين دقيقة
إلى الوراء . هكذا خفَّف عن نفسه عذاب
الانتظار , ونسي الأَمر . لكنه , ومنذ
غشَّ الوقت , لم يصل إلى أيّ موعد . يجلس
على حقيبته في المحطة منتظراً قطاراً لا يصل
أبداً , دون أن ينتبه إلى أن القطار مَرَّ
في موعده الدقيق , وإلى أنه هو الذي تأخر .
يعود إلى بيته خائباً . يفتح حقيبة السفر
ويعيد محتوياتها إلى الأدراج ككُل عائدٍ من
سفر . ثم يتساءل غاضباً : لماذا لا يحترمون
الوقت ؟ وحين دقَّ الموتُ على بابه
مستأذناً بالدخول , وبَّخه قائلاً : لماذا
وصلت قبل الموعد بعشرين دقيقة ؟
اختبأ في الحمام . ولم يفتح له الباب ,
كأنه مات في الحمَّام !
محمود درويش شاعر المقاومه الفلسطينيه ، وأحد أهم الشعراء الفلسطينين المعاصرين الذين ارتبط اسمهم بشعر الثورة و الوطن المسلوب .محمود درويش الابن الثاني لعائلة تتكون من خمسة أبناء وثلاث بنات ...