خافَ. وقال بصوت عالٍ: أنا خائف.
كانت النوافذ مُحْكَمَةَ الإغلاق ، فارتفع
الصدى واتّسع : أنا خائف . صَمَتَ ،
لكن الجدران ردَّدتْ : أنا خائف.
الباب والمقاعد والمناضد والستائر
والبُسُط والكتب والشموع والأقلام واللوحات
قالت كُلُّها : أنا خائف . خاف صوت
الخوف فصرخ : كفى! لكن الصدى لم
يردِّد : كفى ! خاف المكوث في البيت
فخرج إلى الشارع . رأى شجرة حَوْرٍ،
مكسورة فخاف النظر إليها لسبب لا
يعرفه. مرت سيارة عسكرية مسرعة ،
فخاف المشي على الشارع . وخاف
العودة إلى البيت لكنه عاد مضطراً.
خاف أن يكون قد نسي المفتاح في
الداخل ، وحين وجده في جيبه اطمأنّ .
خاف أن يكون تيار الكهرباء قد انقطع .
ضغط على زر الكهرباء في ممر الدرج ،
فأضاء ، فاطمأنّ . خاف أن يتزحلق على
الدرج فينكسر حوضه ، ولم يحدث ذلك
فاطمأنّ . وضع المفتاح في قفل
الباب وخاف ألا ينفتح ، لكنه انفتح
فاطمأن . دخل إلى البيت ، وخاف أن
يكون قد نسي نفسه على المقعد خائفاً.
وحين تأكد أنه هو من دخل لا سواه ،
وقف أمام المرآة ، وحين تعرَّف إلى
وجهه في المرآة اطمأنّ. أِصغى إلى
الصمت ، فلم يسمع شيئاً يقول : أنا
خائف ، فاطمأنّ . ولسببٍ ما غامض...
لم يعد خائفاً !
محمود درويش شاعر المقاومه الفلسطينيه ، وأحد أهم الشعراء الفلسطينين المعاصرين الذين ارتبط اسمهم بشعر الثورة و الوطن المسلوب .محمود درويش الابن الثاني لعائلة تتكون من خمسة أبناء وثلاث بنات ...