أنا هنا منذ عشر سنوات . وفي هذا المساء ،
أجلس في الحديقة الصغيرة على كرسيّ من
البلاستيك ، وأنظر إلى المكان منتشياً بالحجر
الأحمر . أَعُدُّ الدرجات المؤدية إلى غرفتي
على الطابق الثاني . إحدى عشرة درجة. إلى
اليمين شجرةُ تين كبيرة تُظَلِّل شجيرات خوخ.
والى اليسار كنيسةٌ لثورية . وعلى جانب
الدرج الحجري بئر مهجورة ودلو صدئ وأزهار
غير مرويَّة تمتصّ حبيبات من حليب أوَّل الليل .
أنا هنا ، مع أربعين شخصاً ، لمشاهدة مسرحية قليلة
الكلام عن منع التجوُّل ، ينتشر أبطالها
المنسيّون في الحديقة وعلى الدرج والشرفة
الواسعة. مسرحية مرتجلة ، أو قيد التأليف ،
كحياتنا. أسترق النظر إلى نافذة غرفتي
المفتوحة وأتساءل : هل أنا هناك ؟
ويعجبني أن أدحرج السؤال على الدرج ،
وأدرجه في سليقة المسرحية : في الفصل
الأخير، سيبقى كل شيء على حاله ...
شجرةُ التين في الحديقة. الكنيسةُ اللوثرية
في الجهة المقابلة. يوم الأحد في مكانه
من الرُزنامة. والبئر المهجورة والدلو الصدئ.
أما أنا ، فلن أكون في غرفتي ولا في
الحديقة . هكذا يقتضي النص : لا بد من
غائب للتخفيف من حمولة المكان !
محمود درويش شاعر المقاومه الفلسطينيه ، وأحد أهم الشعراء الفلسطينين المعاصرين الذين ارتبط اسمهم بشعر الثورة و الوطن المسلوب .محمود درويش الابن الثاني لعائلة تتكون من خمسة أبناء وثلاث بنات ...