ألمشهد هُوَ هُو. صيفٌ وعَرَقٌ , وخيال
يعجز عن رؤية ما وراء الأفق . واليوم
أفضلُ من الغد . لكنَّ القتلى هم الذين
يتجدّدون . يُولَدُون كُلَّ يوم . وحين يحاولون
النوم يأخذهم القتلُ من نعاسهم إلى نومٍ
بلا أحلام . لا قيمة للعدد . ولا أَحد
يطلب عوناً من أحد. أصوات تبحث عن
كلمات في البرية ، فيعود الصدى واضحاً
جارحاً : لا أَحد . لكن ثمَّـةَ من يقول:
((من حق القاتل أن يدافع عن غريزة
القتل . أمَّا القتلى فيقولون متأخرين :
من حق الضحية أن تدافع عن حَـقِّها في
الصراخ)) . يعلو الأذان صاعداً من وقت
الصلاة إلي جنازات متشابهة : توابيتُ
مرفوعةٌ على عجل ، تدفن علي عجل... إذ لا
وقت لإكمال الطقوس ، فإنَّ قتلي آخرين
قادمون ، مسرعين ، من غاراتٍ أخرى . قادمون
فُرَادي أو جماعات... أو عائلةً واحدةً لا
تترك وراءها أيتاماً وثكالي . السماء رماديَّةٌ
رصاصية ، والبحر رماديٌّ أزرق . أَمَّا لون
الدم فقد حَجَبَتْهُ عن الكاميرا أَسرابٌ من
ذباب أَخضر !
محمود درويش شاعر المقاومه الفلسطينيه ، وأحد أهم الشعراء الفلسطينين المعاصرين الذين ارتبط اسمهم بشعر الثورة و الوطن المسلوب .محمود درويش الابن الثاني لعائلة تتكون من خمسة أبناء وثلاث بنات ...