الديوان » د. عمرو فرج لطيف » مُرْهِقٌ هو جمالُكِ يا أنتِ* من ديوان منحوتة إغريقية

مُرهِقٌ هو جمالُكِ يا أنتِ !

من أولِ الشوقِ

إلى آخر اليقين.

ومن ليلِ العينِ

إلى صُبحِ الجبين.

ومن حبَّات الصبرِ

إلى زخَّاتِ الحنين.

يا صاحبةِ أيام عمري

يا وردة الشوقِ التي لا يُدنِّسُها الذبول.


مُرهِقٌ هو جمالُكِ يا أنتِ!

إلى حدِّ الصلبِ على جذوع التفكير

إلى حدِّ التصوِّف والترهبُنِ

وإلى حدِّ الخروج من عباءة الحياء الخضراء

والانغماس السريع بجانبِ عشقكِ الأيمن

وإلى حدِّ اللا حدِّ

وإلى حدِّ اللا معقول.

وإلى حدِّ الصمتِ حينا

وإلى حدِّ الثرثرة بكِ في كلِّ حين

وإلى حيثُ ملَّني الكلامُ

من كثرةِ كلامي عنكِ

ومال عنِّي إذ أميل.


مُرهقٌ هو جمالُكِ يا أنتِ!

إلى حدِّ أنِّني قد هممتُ بترك ذاتي

ورحلتُ عنِّي إليكِ

وتركتُ جميع شئوني، وحتى نسيتُ شعري

وحاولتُ جاهدا أن أُثبت لنفسي..

أنَّني لا أُحبُّكِ

ولستُ مُتعلِّقا بكِ

ولا مُعلَّقا بكِ

فملأتُ شَعري بماءِ الحنين

وهززتُ رأسي

وأقنعتُ نفسي بأنِّني

حين أفعلُ هذا..

ستتبخرين من رأسي مع حبَّات الماء

وستتطايرين من جلدي كرائحةِ الكحول

ومن تفكيري

ومن روحي

ومنِّي أنا

فأعودُ وكأنَّني خارجٌ للتوِّ

من حمامٍ مغربي أصيل

وعلى ملامح وجهي بخار الشوقِ يسيل

محفورةٌ أنتِ على نبضِ قلبي

ولا يُجدى معكِ ولا حتى "ماء النار"

" بُقعة عشقٍ رسخت على جدار روحي.. ولن تزول"


مُرهِقٌ هو جمالُكِ يا أنتِ!

إلى حدِّ الشنق

إلى حدِّ الصلبِ

إلى حدِّ الهلوسةِ

وإلى حدِّ السيرِ أثناء النومِ

وإلى حدِّ الجنونِ

وإلى حدِّ اللامعقول.

أتخيَّلُكِ أمامي

وأتخيَّلُ نفسي معكِ، وبين يديكِ

وأعصرُ ذهني

لأرسم لوحة الموقف

فتضيء اللافتاتُ برأسي والعلامات

وتأتي صورةٌ وتذهبُ أخرى

ولا تسعفني الكلماتُ

ولا أعرفُ حتى ماذا أقول.

" سيأتي اليومُ الذى نجلس فيهِ سويَّا

على سُجَّادةٍ حمراء

وتأتينني وكأنَّكِ خارجةٌ من نهرِ الفتنةِ

وكأنَّكِ مغموسة بعسلِ الودِّ منذ سنين

لتُقبِّلي رأسي وقلبي

وتُناديني

حبيبي..

يا حبيبي..

يا عُمري

ويا "عمُّوري"

وأنا من خلف جفونِ الدلالِ أدَّعي النومِ العميق

فتكررين النداء

وتأتيني من خلفِ ظهري

وتلعبي بشعري

وتمسحي بكفِّك الصغير فوق صدري

وتكتُبي "أُحبُّك" على وجهي

بأطرافِ الأصابعِ الملساء

وتسكبين شقاوتك على جسمي

وتداعبيني من بين يدي ومن خلفي

وترشِّي على وجهي ماء وردِ الفرح

وتفتحي لي عيني بتقبيل الجفون

وتأخذيني بضمَّة الهوى

وتضع إبريق شاي

وبعض السكر

وفنجانا واحدا

وتناديني

"يا حبيبي.. كم تحتاجُ من السكر؟"

فأجيب بكلِّ ثبات

بقدر تقبيلي لكِ

وأقبِّلُ اصابعك الخمسة

فنشرب سويا بنفسِ الوقتِ

ومن ذاتِ المكان

تاخذين بعض الشاي لتمزجيه بريقك المُدام

ومن ثمَّ تأتينني كأُنثى الحمام

وتسكبينه بين شفاهي

وأنا أعاودُ الفعل

إلى أن ينتهي الشاي

وأنتهي إليكِ ولا أقول.


مُرهِقٌ هو جمالُكِ يا أنتِ!

حتى صرتُ أتساءلُ دوما

في كلِّ موقفٍ يحدثُ لي

ماذا ستفعلين لو كنتِ معي

وأسردُ كلَّ المواقف على مرآةِ عقلي

وأتخيَّلُكِ أنتِ

وأعرفُ أنَّكِ ستكونين على قدر مقامي

وفوق كلِّ مقامات الهوي.

تصوري

أراكِ الآن من خلفِ شُبَّاكِ اللهفةِ

تنتظرين قدومي

كأنك أُمِّي حين كنت أتأخرُ عليها

بكُلِّ حنانِ الأرضِ تسألُ حتَّى طوبَ الأرض عنِّي

إلى أن يدق جرس الباب

فتركض روحك إليّ

وكأنَّني طفلُكِ العائد بعد غياب

فتنسين كلَّ ما صار

وتتأكدين أنَّني بخير

وتصيحين بدمع الفرحِ بكلِّ دلالٍ وتيه

"وحشتني"

كدتُ أموتُ من شوقي إليك

ومن شغفي عليك

يا عُمر العُمر

ويا نزفي الطويل.

 

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن د. عمرو فرج لطيف

د. عمرو فرج لطيف

133

قصيدة

د. عمرو فرج لطيف طبيب بشري وشاعر وعضو اتحاد كُتَّاب مصر ولي عدد ٤ دواوين شعرية مطبوعة (منحوتة اغريقية، هلاوس ايقاعية، الجسور المعلَّقة، المدائن الحمراء) مع ديوان تحت الطبع ( قمر) ولي العديد

المزيد عن د. عمرو فرج لطيف

أضف شرح او معلومة