لو أنّ البحر يشيخ لاختار بيروت ذاكرة له. كلّ لحظة يبرهن الرماد أنه قصر المستقبل. يسافر، يخرج من خطواته ويدخل في أحلامه. كلما هذّبته الحكمة فضحته التجربة. يرسم خرائط لكنّها تمزّقه. أغلق بابه لا لكي يقيد أفراحه، بل لكي يحرّر أحزانه، رماده يفاجىء النار وناره تفاجىء الوقت. ينكر الأشياء التي تستسلم له تنكره الأشياء التي يستسلم لها. الماضي بحيرة لسابح واحد: الذكرى. لا وقت للبحر لكي يتحدث مع الرمل: مأخوذ دائمًا بتأليف الموج. اليأس عادة، والأمل ابتكار. للفرح أجنحة وليس له جسد، للحزن جسد وليس له أجنحة. الحلم هو البريء الوحيد الذي لا يقدر أن يحيا إلاّ هاربًا. الفكر دائمًا يعود الشعر دائمًا يسافر. السرّ أجمل البيوت لكنه لا يصلح للسكنى. يصدأ اللسان من كثرة الكلام، تصدأ العين من قلة الحلم. أنّى سافرت، كيفما اتّجهت: أعماقك أبعد الأمكنة. جُرحتُ باكرًا وباكرًا عرفت: الجراح هي التي خلقتني. قرية صغيرة هي طفولتك مع ذلك، لن تقطع تخومها مهما أوغلتَ في السفر . مختارات
الحب جسد أحنّ ثيابه الليل. للأعماق منارات لا تهدي إلاّ الى اللجّ. شجرة الحور مئذنة هل المؤذّن الهواء؟ أقسى السجون وأمرّها تلك التي لا جدران لها. كان أبي فلاّحًا يحبّ الشعر ويكتبه، لم يقرأ قصيدة إلاّ وهي تضع على رأسها رغيفًا. الحلم حصان يأخذنا بعيدًا دون أن يغادر مكانه. قناديل
ما هذا الإنسان الذي لا نعثر على اللاإنساني إلاّ فيه؟ أهواء الحكم تفتح الأبواب واسعة لحكم الأهواء. بقدر ما تضيق رقعة القول تضيق رقعة الوجود. دليل للسفر في غابات المعنى
ما الغيب؟ بيت نحب أن نراه، ونكره أن نقيم فيه. ما السر؟ باب مغلق إذا فتحته انكسر. ما الحلم؟ جائع لا يكف عن قرع باب الواقع. ما اليقين؟ قرار بعدم الحاجة الى المعرفة. ما القبلة؟ قطاف مرئي لثمر غير مرئي . من فهرس لأعمال الريح 1998
أدونيس علي أحمد سعيد إسبر شاعر سوري ولد في واحد يناير 1930م، وعرف باسمه المستعار أدونيس فلقد تبناه تيمناً بأسطورة أدونيس الفينيقية، وحفظ الكثير من قصائد القدامى،تزوج الأديبة خالدة سعيد ...