وهَوَّنْتُ الخُطوبَ عليّ حتى
كأني صِرتُ أمْنحُها الوِدادا
أَأُنْكِرُها ومَنْبِتُها فؤادي
وكيفَ تُناكِرُ الأرضُ القَتادا
سامحتني الأرض التي كم حبتني
إذ رأتني بنشوتي مختالا
سامحت لفتتي إليك لأني
فيك آمنت بالإله تعالى
فاليوم لما ابتغى مني مسامحةً
سامحته لا أراه اللَه تكديرا
وقد أتاني كتاب منه غادرني
خوفاً عليه بسيل الدمع ممطورا
وسامح لمن قد حل مجلس ذكرنا
بأحمد خير الخلق خاتمة الرسل
وبالعفو والألطاف عامل جميعهم
ولا تطردهم عن نوالك من أجلى
يعطيك عفواً أو يسامح مذنباً
عفواً إذا غضب الكريم وسوفا
جود وحلم لا تؤبن بعده
لا بل تؤنب حاتماً والأحنفا
وَعاشِر بِمَعروفٍ وَسامِح مَنِ اِعتَدى
وَدافِع وَلَكِن بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ
فَسامِحْ إذا ما لَمْ تُفِدْكَ عِبارَةٌ
وإنْ أشْكَلَتْ يوْماً فخُذْها كَما هِيا
وتَلْخيصُ ما دَنْدَنْتَ بالقَوْلِ حوْلَهُ
إذا قُمْتَ بالبَاقي فمازِلْتَ باقِيا
لو سامح الدهر أو لو ساعد العمر
لم ارع عهد سواك الدهر ما عمروا
أصدر هموماً أطال الود موردها
لولا مواردها لمأدر ما السهر
سامِح أَخاكَ إِذا غَدَوتَ لِحاجَةٍ
وَاِترُك مَساخِطَهُ إِلى إِعتابِهِ
فَلَقَد أُسَوّي لِلضَّغائِنِ مِثلَها
وَأَصي البَغيضَ وَلَستُ بِالهُيّابِهِ
وسامح وخذ بعض الذي تستحقه
فمن عادة أن الكريم يسامح
وأسجح لها ماء البشاشة وحده
فما قصدها إلا السجايا السجائح
أَتَطلُبُ مِن أَخٍ خُلُقاً جَليلاً
وَخَلقُ الناسِ مِن ماءٍ مَهينِ
فَسامِح أَن تُكَدَّرَ وُدَّ خِلٍّ
فَإِنَّ المَرءَ مِن ماءٍ وَطينِ
خَليلَيَّ إِن لَم يَغتَفِر كُلُّ واحِدٍ
عِثارَ أَخيهِ مِنكُما فَتَرافَضا
وَما يَلبَثُ الحِبّانَ إِن لَم يِجَوِّزا
كَثيراً مِنَ المَكروهِ أَن يَتَباغَضا
وحق شرعتنا العليا وحكمتها
تسامح النفس معنى من مروءتها
بل المروءة في أسمى معانيها
كل تمسك في الدنيا بمذهبه
سَأُلزِمُ نَفسي الصَفحَ عَن كُلِّ مُذنِب
وَإِن كَثُرَت مِنهُ عَلَيَّ الجَرائِمُ
وَما الناسُ إِلّا واحِدٌ مِن ثَلاثَة
شَريفٌ وَمَشروفٌ وَمِثلي مُقاوِمُ
خُذِ العَفْوَ وأمُرْ بعُرْفٍ كما
أمِرْتَ وأَعرِضْ عنِ الجاهِلينْ
ولِنْ في الكَلامِ لِكْلِّ الأنامِ
فُمستَحْسَنٌ مِن ذَوي الجاهِ لِينْ
إِذا عَثَرَ القَومُ فَاِغفِر لَهُم
فَأَقدامُ كُلِّ فَريقٍ عُثُر
وَإِن دَثَرَ القَلبُ فَأسَف لَهُ
وَلا تَبكِيَنكَ رُبوعٌ دُثُر
لا يَحمِلُ الحِقدَ مَن تَعلو بِهِ الرُتَبُ
وَلا يَنالُ العُلا مَن طَبعُهُ الغَضَبُ
وَمَن يِكُن عَبدَ قَومٍ لا يُخالِفُهُم
إِذا جَفوهُ وَيَستَرضي إِذا عَتَبوا
إِذا عَفَوتَ عَنِ الإِنسانِ سَيِّئَةً
فَلا تُرَوِّعهُ تَثريباً وَتَقريعا
وَإِن كُفيتَ عَناءً فَاِجتَنِب كَلَفاً
غانٍ عَنِ النَزعِ مُروي الإِبلَ تَشريعا
قالوا سَكَتَّ وَقَد خُوصِمتَ قُلتُ لَهُم
إِنَّ الجَوابَ لِبابِ الشَرِّ مِفتاحُ
وَالصَمتُ عَن جاهِلٍ أَو أَحمَقٍ شَرَفٌ
وَفيهِ أَيضاً لِصَونِ العِرضِ إِصلاحُ