وَلَمّا سَكَنتَ القَلبَ لَم يَبقَ مَوضِعٌ
بِجِسمِيَ إِلّا وَدَّ لَو أَنَّه قَلبُ
مَتى سَهِرَت عَيني لِغَيرِ جَمالِكُم
فَلا بَرِحَت عِندي مَدامِعُها سُكبُ
لكم مِن فؤادي شاهدٌ ليس يكذبُ
ومِن دمعِ عيني صامتٌ وهو مُعرِبُ
ولي من شهودِ الحبَّ خدٌّ مُخَدَّدٌ
وقلبٌ على نارِ الغرامِ يُقَلَّبُ
وَتَقْنَعُ مِنْكَ الرُّوحُ لَمْحَ تَوَهُّمٍ
فَتَحْيا بِهَا الأَعضَاءُ وَهْيَ رَمِيمُ
هَنِيئاً لِطَرْفٍ فِيكَ لا يَعْرِفُ الكَرَى
وَتَبّاً لِقَلْبٍ فِيكَ لَيْسَ يَهيمُ
بانَت سُعادُ فَقَلبي اليَومَ مَتبولُ
مُتَيَّمٌ إِثرَها لَم يُجزَ مَكبولُ
هَيفاءُ مُقبِلَةً عَجزاءُ مُدبِرَةً
لا يُشتَكى قِصَرٌ مِنها وَلا طولُ
رجعت لكعبتي فوجدت قبرا
وزهرا حوله تلهو الأفاعي
عبدتك في الهوى زمنا طويلا
وصرت اليوم أهرب من ضياعي
أنت يا من صَـدَّ عني
إنَّ شـوقي في ازديـادِ
لا تعـادي قَطُّ مهـما
زاد حُـمْقي أو عـنادي
رميت رمحك في غدرٍ فأسقطني
ورُحت تضحك من حُمقي ومن هوسي
تركتني في دجى الأيام هامدةً
كجثةٍ طويت في سرمد الدمسِ
نعم لقلوب العاشقين سرائرُ
من الغيب قد ضمت عليها الضمائرُ
يحركها صوت السماع بوقعه
فتظهر منها للعيان الأشائر
لقد هاجَ الهوى هذا الحريرُ
أَمِن شَفَتَيكِ أم منهُ العبيرُ
حكى قلبي برقَّتِه فأمسى
على النسماتِ يخفقُ أو يطير
لما صفت مرآة حسنك للورى
ورأى بذاتك من يراك خياله
أبصرت أهدابي بوجهك عارضاً
وحسبت إنساني بخدك خاله
رُفَيْدَةُ عَلِّمِي النَّاسَ الحَنانا
وَزِيدي قومَكِ العالينَ شانا
خُذِي الجرحَى إليكِ فأكرمِيهم
وَطُوفِي حولهم آناً فآنا
و ﺍﻟﺴﻴﻒ ﻓﻲ الغمد ﻻ ﺗُﺨشَى مضاربُه
ﻭﺳﻴﻒ ﻋﻴﻨﻴﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﻟﻴﻦ ﺑﺘّﺎﺭُ
تَأَخَّرتَ عَنّي وَالغَرامُ غَريمُ
وَما ملَّ قربَ الأَكرَمين كَريمُ
وَأَوهَمتَني سَقماً وَأَنتَ مصحَّح
بَلى لَكَ عَهدٌ كَيفَ شِئتَ سَقيمُ
بانَت سُعادُ فَنَومُ العَينِ مَملولُ
وَكانَ مِن قِصَرٍ مِن عَهدِها طولُ
بَيضاءُ لا يَجتَوي الجيرانُ طَلعَتَها
وَلا يَسُلُّ بِفيها سَيفَهُ القيلُ
نِيرانُ هَجْري لَيْسَ تَخْمَدْ
وَسُيُوفُ عَيْنِكَ لَيْسَ تُغْمَدْ
وَالنَّفْسُ فيما ساءَها
طَلَباً لَما يُرْضِيكَ تَجْهَدْ
فلم يَكُ قلبي في الهَوى مثلَ قلبِه
فللهِ حمدٌ دائمٌ وله الشُّكرُ
سأتُرُكُ مَنْ أهوى بما هو أهلُه
ولو كانَ مَنْ أهوى يُشاكِلُه البَدرُ
إِنَّ العُيونَ الَّتي في طَرفِها حورٌ
وَتِلكَ أَعيُنُ مَن نَهوي وَتَهوانا
سُيوفُ أَلحاظِها في الجَفنِ مُغمَدَةً
قَتَلنَنا ثُمَّ لَم يُحيينَ قَتلانا
لا تحسبي أن نفسي كالنفوس إذا
حملتها في هواك الضيم تحتمل
وربما بعث التذكار نحوكم
دمعي فتنكره الأجفان والمقل
وما عشقي له وحشاً لأني
كرهت الحسن واخترت القبيحا
ولكن غرت أن أهوى مليحاً
وكل الناس يهوون المليحا
يا قَومِ أَذني لِبَعضِ الحَيِّ عاشِقَةٌ
وَالأُذنُ تَعشَقُ قَبلَ العَينِ أَحيانا