فلمّا رأَت عيني مُحيّا جمالها يضيءُ سَناهُ سافراً في الدَياجيا علمتُ بأنَّ الحبَّ قد جاءَ زائِراً وأسفَرَ حظِّي بعد ما كان غافيا
يا سارِقِ الأَنوارِ مِن شَمسِ الضُحى
يا مُثكِلي طيبَ الكَرى وَمُنَغِّصي
أَمّا ضِياءُ الشَمسِ فيكَ فَناقِصٌ
وَأَرى حَرارَتَها بِها لَم تَنقُصِ
وطَرٌ ما فيهِ منْ عيْبٍ سَوَى
أنّهُ مرّ كلَمْحِ البصَرِ
حينَ لذّ الأنْسُ مَع حُلْوِ اللّمَى
هجَمَ الصُّبْحُ هُجومَ الحرَسِ
أَغار عليكم أَن يَراكم حَواسدي
وأحجب عنكم وَالمحب غيور
أَحباب قَلبي هَل سواكم لعلتي
طَبيب بداء العاشقين خَبير
تَرنوا بِعَيني غَزالٍ تَحتَ سِدرَتِهِ
أَحَسَّ يَوماً مِنَ المَشتاةِ هَلّابا
بِجيدِ ريمٍ كَريمٍ زانَهُ نَسَقٌ
يَكادُ يُلهِبُهُ الياقوتُ إِلهابا
والقلب مستأسر في أسر حبهم
يشفى لديغ العوالي في بيوتهم
لولا رجائي ثانياً للقائه
ما كنتُ أَحيا ساعةً في نأيهِ
سَكَنٌ له أبداً فؤادي مسكنٌ
ما مَلَّ يوماً فيه طولُ ثوائِه
أَوْطَأَتْ هِمَّتكَ العَلْياءَ هامَتَها
لَما جَعَلْتَ العَوالي مِنْ مَراقيها
ولم تَقِسْ بِكَ خَلْقاً في البَريَّةِ إِذْ
رَأَتْ قُسِيَّ الرَّدى في كَفِ باريها
إِنْ وَتَرَتْ قَلْبَكَ الهُمومُ فَما
مِثْلَ انْتِصارٍ بِالنّايِ والوَتَرِ
وشادِنٍ حَيَّرَتْ لَواحِظُهُ
أَلحاظَ عَيْنِ الغَزَالِ بِالحَوَرِ
ومُخمَلَةٍ بِاللَّحمِ مِن دُونِ ثَوبِها
تَطُولُ القِصَارَ وَالطِّوَالُ تَطُولُها
كأنَّ دِمَقساً أو فُروعَ غَمامَةٍ
عَلَى متَنها حَيثُ استَقَرَّ جَدِيلُهَا
إِنّي لأكرَهُ أَن تَجىءَ مَنيَّتي
حَتّى أَعيظَ سوادَةَ بنِ كِلابِ
أَنّي أُتيحَ لَها وَكانَ بِمَعزِلٍ
وَلكلِّ أَمرٍ واقِعٍ أَسبابُ
أحبك يا عذراء والحب حالة
إذا عرضت للمرء لم يدر ما فعل
وأنت وحق الحب في الحسن آية
تعالت وجلّت أن يقاس بها مثل
يا أكمل الناس حسناً
لك السنى والسناء
رفقاً على مستهامٍ
قد ضاع منه الذكاء
وكم نظرة أوحت إلى القلب حسرة
تبيد قوى الإنسان والحال شاهد
وكم من مليح الوجه يغري بلفظه
يسيل دلالاً وهو بالوصل جامد
والظلمُ في شَرْعِ الحبيبِ عدالةٌ
مهما جَفَا كنتَ المُحِبَّ المُُولَعَا
ولقد طربتُ لصوتِه ودلالِهِ
واحتلّتْ اللفتاتُ فيّ الأضلُعَا
عذراء في أوج الشباب مليحة
أسرت بطرف المقلتين فؤادي
أنت نوري وبهجتي وسروري
وأنيسي وراحتي وفتوني
قل صبري وذاب في الحب قلبي
من لقلب غدا قتيل العيون
مضى زمن يا نفحة العمر وانقضى
من العمر عهد فاض بالشعر والحب
وخلّد أحلى الذكريات على المدى
تقر بها عيني ويشقى بها قلبي
فحبك إكسير الحياة وروحه
ومأوى فؤاد لم يجد من يجيره
سواك وأما في سواك فليس لي
مراد وقلبي ما سواك يثيره
فَالقَلبُ مِن حُبِّها يَعتادُهُ سَقَمٌ
إِذا تَذَكَّرتُها وَالجِسمُ مَسلولُ
وَإِن تَناسَيتُها أَو قُلتُ قَد شَحَطَت
عادَت نَواشِطُ مِنها فَهوَ مَكبولُ