يا لائِمي في الحُبِّ دَعني فَقَد
يَزدادُ بِاللَومِ سَعيرُ الغَرامْ
تُريدُ أَن تُطفِىءَ نارَ الجَوى
فَتُغرِقُ الصَبَّ الدُموعُ الجسامْ
عُيونُ المَها بَينَ الرُصافَةِ وَالجِسرِ
جَلَبنَ الهَوى مِن حَيثُ أَدري وَلا أَدري
أَعَدنَ لِيَ الشَوقَ القَديمَ وَلَم أَكُن
سَلَوتُ وَلكِن زِدنَ جَمراً عَلى جَمرِ
خُذا مِنْ صَبا نَجْدٍ أَماناً لِقَلْبِهِ
فَقَدْ كادَ رَيّاها يَطِيرُ بِلُبِّهِ
وَإِيَاكُما ذاكَ النَّسِيمَ فَإِنَّهُ
إِذا هَبَّ كانَ الْوَجْدُ أَيْسَرُ خَطْبِهِ
خَيرُ الخَليلَينِ مَن أَغضى لِصاحِبِهِ
وَلَو أَرادَ اِنتِصاراً مِنهُ لَاِنتَصَرا
نعمْ سرى طيفُ من أهوى فأرقني
والحُبُّ يَعْتَرِضُ اللَّذاتِ بالأَلَمِ
يا لائِمِي في الهَوَى العُذْرِيِّ مَعْذِرَة ً
منِّي إليكَ ولو أنصفتَ لم تلُمِ
وَلَيتَ الَّذي بَيني وَبَينَكَ عامِرٌ
وَبَيني وَبَينَ العالَمينَ خَرابُ
إِذا نِلتُ مِنكَ الوُدَّ فَالكُلُّ هَيِّنٌ
وَكُلُّ الَّذي فَوقَ التُرابِ تُرابِ
إِذَا مَا كَتَمْتُ الْحُبَّ كَانَ شَرَارَةً
وَإِنْ بُحْتُ بِالْكِتْمَانِ كَانَ مَلامَا
فَكَيْفَ احْتِيَالِي بَيْنَ أَمْرَيْنِ أَشْكَلا
عَلَيَّ فَصَارَا شِقْوَةً وَغَرَامَا
قد ذاقَ قيسٌ من هواه صبابةً
وشربتُ اكواباً على أكوابِ
من قاس ما لاقيتُ من وجدٍ بما
لاقاه قاس جهنماً بثقابِ
ولو ان ليلى انشدت مجنونها
شعري لثاب إلى هدىً وصوابِ
ولكان يُعرضُ عن هواها خائفاً
أن يبتلى منه بمثل مصابي
ويح قلبي من هوى ذي صلفٍ
ظالم في حكمه لو عدلا
ما له حمَّله ما لم يطق
أتراه ظنَّ قلبي جبلا
سَلَّ الهَوى وَلباناتُ الفُؤادِ بِها
وَالقَلبُ شاكي الهَوى مِن حُبِّها شَكِعُ
كَأَنَّهُم يَومَ ذي الغرّاءِ حينَ غَدَت
نُكباً جِمالُهُمُ لِلبَينِ فَاِندَفَعوا
وفي عشق المليح ارى طباقاً
فكيف يفوتني هذا الطباق
فقلت وهل أنا الا اديب
بانواع البديع له اشتياق
ما بات قلبي بالغرام مقيدا
الا وعاد الدمع فيه طليقا
حدّث رعاك الله عن بان الحمى
أيام يجمع شائقاً ومشوقا
كم أسير في الحب من غير فاد
وقتيل مضى عليه شهيدا
ما رأى المستهام بخلك الا
قال للناظرين بالدمع جودا
بذلت نفسي في هواه بذل من
لم يأل في شرع الغرام جهده
يا طيبَها من لَيْلَةٍ لو لم تَكُنْ
قَصُرَتْ فَريعَ تَجَمُّعٌ بِتَفَرُّقِ
نعللُّ النفس بالآمال تسلية
لا النفس تسلو ولا الآمال تغنينا
أغلى منال لنا في الكون قربكمو
نرضاه لو كانت الأقدار ترضينا
فهم المحب جميع ما قد ضمّه
من نثر درٍّ فائق زاكٍ جلي
فحمدت ربّ الناس حين قرأته
ورقصت من طرب بدا بتهلل
كَأَنَّ قَلبي غَداةَ البَينِ مُقتَسَمٌ
طارَت بِهِ عُصَبٌ شَتّى لِأَمصارِ
وَلَو تَلُفُّ النَوى مَن قَد تُشَوِّفَهُ
إِذاً قَضَيتُ لُباناتي وَأَوطاري
وَلَكِن غَلَبتَ الناسَ أَن تَتبَعَ الهَوى
وَفاءً يَروقُ العَينَ مِن كُلِّ رائِقِ
وَأَدرَكتَ مَن قَد كانَ قَبلَكَ عامِلاً
بِضِعفَينِ مِمّا قَد جَبى غَيرَ راهِقِ