على من تنادي ؟! أيهذا المكابِدُ ولم يبق في الصحراء ، غيرك، شاهدُ لقد أقفرت، إلا من الذلِّ، أرضُها فكلُّ نباتٍ، يطلعُ الرملُ، فاسدُ وكل هواءٍ، هبَّ من جنباتها مُراءٍ، وفي ذرّاته الحقدُ راقدُ وليس دماً، هذا الذي في عروقها ولا نسماً هذا الذي يتوالدُ ولا نبضُها النبضَ الذي تستفزُّهُ ولا حوضُها، الحوضَ الذي أنت واردُ وتلك "الدمى" ليست رماحاً، فتنتخي ولا خيلُها يوم الطراد تطاردُ بلى!! كانت "الفصحى" نشيدَ شعابها وكانت شموس المدلجين "القصائدُ" وقد كان يا ما كان: سعفٌ لنخلِها يُظِلُّ، وسيفٌ لا يُفَلُّ، وساعدُ ولكنها "هانت" على النفط، وانحنت "لتسلمَ" أموالٌ لها، وفوائدُ!! ** على من تنادي ؟! موسم النخوة انتهى و"سوقُ عكاظٍ" .. بالبضاعة كاسدُ!! فلا قولَ إلا قولُ "رابين"، داوياً ولا فعلَ، إلا فعله، يتصاعدُ ولا خيلَ، إلا خيلُهُ، تملأ المدى ولا ليلَ، إلا ليلُهُ، والفراقدُ له البحر، والشطآن، والنهر، والذرى وتنساب إذ تنساب، منه الروافدُ له الزيت، والزيتون، والزهر، والندى، وما تشتهي أقدامه والسواعدُ و "إنا إليه راجعون"!! وكلنا أمام مُداه الذابحات، طرائدُ!! ** وأنى توجَّهْنا ، فثم مخالبٌ وحيث مشينا، فالطريق مصائدُ!! فقل لبني قحطانَ: لا خربت لكم بيوتٌ، ولا انهدّت عليكم، قواعدُ ولا احترقت بالنار ، منكم، ضفيرةٌ ولا ضاع مولودٌ، ولا التاع والدُ ولا مات "مخلوقٌ" من الجوع، بينكم ولا نضبت، مما تطيب، الموائدُ ولا "انفقأت" عينُ امرئٍ، وهو واقفٌ ولا "انفلقت" أعصابه، وهو قاعدُ ولا خسرت يوماً، تجارةُ تاجرٍ ولا هبطت، عن مستواها، "العوائدُ!!" وعمتِ صباحاً يا "عباءاتِ عزّنا"! ودمتم لنا طول المدى، يا أماجدُ!! ** على من تنادي ؟! والأذى يتبع الأذى وأعداؤك النمل الذي يتزايدُ.. فإما نجا من طعنةٍ ، جذعُ نخلةٍ بها تحتمي، "دبّت" عليها المكائدُ وإن هربت، من غدرهم: نسمةٌ، بها حياتك، ردّتها الرياحُ الشواردُ تآمرت الدنيا عليك، فما لها سواك: عدواً، تقتفي: وتطاردُ وقالوا: "غريب في المكان، وطارىءٌ!" وقالوا: "غريبٌ في الزمان، وزائد!" وقد حلفوا: "ألا تكون!" فكن كما .. يشاء الفداء العبقري المعاندُ وإياك أن تفنى، فثم جديلةٌ لها موعد آتٍ، وأنت المُواعِدُ حلفت لها بالشمس، والقدس، والضحى وبالصلوات الخمس، أنّكَ عائدُ فأقبل فتىً، من غابةِ الجنِّ برقُهُ ومن صخرة الإصرار فيها، الرواعدُ وأقبلْ قضاءً، مستفزاً، وحاقداً، فكلُّ الذي في الكون – ضدك – حاقدُ وكن منجلاً .. مستأصلاً كلَّ "زائدٍ" فقد كثرت منا، وفينا "الزوائدُ" ومن لا يكيل الصاعَ، صاعين، ميتٌ، ومن لا يردُّ الموتَ موتين .. بائدُ!! **
حيدر محمود هو شاعرأردني من أصول فلسطينية ولد في بلدة الطيرة، حيفا في فلسطين عام 1942م. اشتهر بشعره الوطني عن فلسطين والأردن. أنهى دراسته في عمان، وحصل على الماجستير في ...