قُضِيَ الأمرُ، وانتهى كلُّ شيءٍ.. فوداعاً.. يا كلَّ شيءٍ، وداعا! كان وهماً كلُّ الذي مرَّ من عمري وكلُّ السنين، كانت خِداعا! لم أجدني يوماً معي، في مكانٍ فكأنّا ضدّان: نأبى اجتماعا!! كم تمنيتُ أن أراني، ولكن: لم أكن ممكناً، ولا مستطاعا فعيوني ليست عيوني، ووجهي.. ألبسوه على القناعِ قناعا! وفؤادي لا نبض فيه، وما كان فؤادي إلا عليَّ شُجاعا! حين يشتاق كان يفتعلُ النارَ افتعالاً، ويدّعي الالتياعا! فيه ثلجُ الدنيا.. وكلُّ صقيع الأرض منه، والجمرُ.. كان اختراعا! وتحمّلتني: عذاباً طويلاً وجنوناً، وخيبةً، وضياعا!! وانكساراً، على انكسارٍ، وقهراً فوق قهرٍ، ولم أزل أتداعى! ثمّ ماذا؟ أبعدَ خمسين موتاً يُسألُ المرءُ: فيم يطوي الشراعا؟! وإلى أين؟ حيثُ كنّا، ولا زلنا ولن نحسدَ الجبالَ ارتفاعا لا نعاني من عقدةِ "الورد، والعُلّيق".. لكن: تبقى سماءً، وقاعا! وتميلُ الدنيا إلى بعض أهليها وتنسى الجياع فيها جياعا! ولعلّ الخروجَ منها اقتناعاً هو خيرٌ من الخروج انصياعا!! *** أيُّها الآخرُ الذي فيَّ: طالت بيننا الحربُ، فلنفُضَّ النزاعا! آن أن نستريحَ منّا قليلاً ونريحَ الهمومَ، والأوجاعا يا شبيهي، ويا نقيضي، أرانا.. فد سئمنا ممّا نقولُ: سماعا! وأرانا نُفَضِّلُ الصمتَ، حتى لا يملَّ المودِّعون الوداعا! وعلى قلّة الذين سيأتونَ إلينا.. سيذهبون سِراعا! وعلى قلّة الذين سيبكون علينا سيضحكون تِباعا.. وتعودُ الدنيا إلى حالها الأوّلِ: غشّاً لا ينتهي، وخداعا! وسيبقى الصراعُ فيها على لا شيءَ.. لكنّهُ.. سيبقى صراعا!!
حيدر محمود هو شاعرأردني من أصول فلسطينية ولد في بلدة الطيرة، حيفا في فلسطين عام 1942م. اشتهر بشعره الوطني عن فلسطين والأردن. أنهى دراسته في عمان، وحصل على الماجستير في ...