عدد الابيات : 44

طباعة

حبيبةَ قلبي هيَ النارُ لا

تَشُبِّي لظاها، ولا تستثيري

دَعِيها ولا تُوقِظِي جمرها

فما النارُ أحنَى من الزمهريرِ

فِدَى راحتيكِ فُؤَادٌ يَلِذُّ

لهُ، في هواكِ، عذابُ السعيرِ

أَنيليهما دِفْءَ ثغري الحنون

وصونيهما رحمةً من زفيرِي!

قَسَا البردُ! كيف؟ أيقسو عليكِ؟

ووا عجبًا كيف يَرْضَى المساءْ؟

وكم جِئْتِهِ بأرقِّ الغناءِ

وأشرقْتِ فيهِ بوحْيِ السماءْ؟

أأختاهُ أيُّ عذابٍ طَغَى

عليكِ، وأيُّ ضنًى أو شقَاءْ

ضَرَعْتُ إليكِ فلا تُسْلِمِي

ودائعنا للرَّدَى والعفاءْ!

فما هُنَّ بعضُ مدادٍ جرى

ولا هُنَّ أختاهُ بعضُ الورَقْ

ولكنهنَّ شغافُ الفؤادِ

وذَوْبُ السوادِ ونورُ الحدَقْ

وأحلامُ دنيا وأشواقُها

لروحين بعد الضَّنَى والرَّهَقْ

أفاءَا إلى أيكةٍ ينظرانِ

جمالَ المساءِ وسِحْرَ الشَّفَقْ!

أُحِسُّ بقلبك لَذْعَ الأسَى

وفي وجْنَتَيْكِ لهيبَ الدموعْ

وأسمع صيحةَ مُسْتَقْتِلٍ

يُصَارِعُهُ اليأْسُ بين الضُّلُوعْ

وألمح في جانب الْمُصَطَلَى

وجوهًا زواها الأسى والخشوعْ

محدِّقةً فيه، مَحْنِيَّةً

عليه، ويا للَّظى كم يروعْ!

لَهُنَّ لياليكِ أو ذكرياتيَ

جِئْنَ بأجنحةٍ من ضياءْ

تَسَمَّعْنَ صوتَكِ تحت الظَّلَامِ

فَجُبْنَ الثرى وطَوَيْنَ الفضاءْ

تُمَسِّحُ كفَّيْك راحاتُهُنَّ

على قُبَلٍ من شفاهٍ ظِمَاءْ

ويسكبن في أذنيكِ الدعاءَ

وفي قلبك الغضِّ نورَ الرَّجَاءْ

ألا، يا عرائسَ وادي الخيالِ،

بآلهةِ الرَّحمَةِ الْمُنْصِفَهْ

ألا ادفعنَ هذا الرَّدَى المشرئبَّ

وأَمْسِكْنَ هذي الْيَدَ المُضعفَهْ

وأَنْقِذْنَ هذا الغرامَ الشهيدَ

فقد كادتِ النارُ أن تَلقَفَهْ

رسائلُ، أنبلُ ما سطَّرَتْ

يدُ الحبِّ أو ردَّدتْهُ شَفَهْ!

وصُنَّ أزاهرَ ما نوَّرَتْ

بهنَّ الغصونُ لغير الشفاهْ

ولا نَسَمَتْ غيرَ روحِ الْهَوَى

ولا غيرَ أَنْفَاسِهِ أو شَذَاهْ

أزاهرُ هُنَّ رُؤَى ليلةٍ

هي العمرُ أو هي كلُّ الحيَاهْ

تمثَّلها الحبُّ في باقَةٍ

إلهيةٍ جَمَعَتْهَا يداهْ

ألا يا عرائسَ وادي الخيال

ألا ابعثنَ روحَ الرِّضَا والسلامْ

ألا احْكُمْنَ بيني وبَيْنَ التي

تثورُ بعاشِقِهَا الْمُسْتَهَامْ

تُفَارِقُهُ وتُطِيلُ الفِرَاقَ

وتَسْأَلُهُ أينَ عَهْدُ الغرامْ

فإنْ قال: ضَيَّعْتِهِ، أسرعتْ

إلى النار تُوقِظُ فيها الضرامْ

ألا، يا عرائسُ، هلَّا استمعتِ

لأُختيَ ربَّةِ هذا القصيدْ!

أغَرَّدَ رُوحٌ بهذا الصَّفَاءِ

وردَّدَ قلبٌ كهذا النشيدْ!

يقول: أنا الحبُّ لا تُلْقِ بي

إلى النار إنِّي قويٌّ شديدْ

وما أنا بعضُ رَمَادٍ لها

ولا أنا بعضُ حُطامٍ بديدْ

أنا الجوهرُ الفرْدُ لا ماسَتي

تذوبُ، ولا نورُها يَنْفَدُ

مُنِحْتُ الخلودَ وأعطيتُهُ

لمن يُلْهَمُ الشِّعْرَ أو يُنْشِدُ

تَخرُّ العروشُ وتَهوِي الشموسُ

ولِي عرشِيَ الخالدُ الأيِّدُ

هو القلبُ أعظمُ ما صوَّرتْ

يدُ اللهِ ما نازعتها يَدُ

ألا، يا عرائِسَ وادي الخيالِ،

ألا قرِّبِي يَدَهَا قرِّبِي

حبيبةَ قلبي نسيتُ النوى

ودعوى البريئةِ والمذنبِ

وأُنسيتُ حتى كأنْ لم يكُنْ

على الأمس ما كان أو مرَّ بِي!

حديثُ القُصاصةِ ردَّ الهوى

لقلبي، فَشُبِّيه أو ألهبي!!

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن علي محمود طه

avatar

علي محمود طه حساب موثق

مصر

poet-ali-mahmoud-taha@

103

قصيدة

526

متابعين

شاعر مصري ينتمي إلى المدرسة الرومانسية،ولد علي محمود طه المهندس عام 1901م بمدينة المنصورة، وقضى معظم شبابه فيها. تعلم في الكُتاب وحفظ بعضا من سور القرآن الكريم، ثم انتقل إلى المدرسة الابتدائية، ...

المزيد عن علي محمود طه

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة