فاليومَ: لا قيصرٌ يطغى، ولا شاهُ

لكل شعب رعاةٌ من رعاياهُ

ليس الولاةُ بأربابِ مصغَّرةِ

يا رب مولى سوادُ الشعب مولاه

القومُ في مجلس الشُّورى سواسَية

وَالعدلُ يأخذ بين القوام مجراه

أبصرتُ عاملَهم في صف عاهِلهمْ

لا حانيًا رأسهُ أو مطبقًا فاه

إن الحكومة في شتَّى مظاهرها

خَلْقٌ تُصَوِّرُهُ للشعب كفاه

الشعب كالجسم؛ ما للجسم من أرب

في الرأس وإن هو لم تحمله رجلاه

للناس في الفلك والطاووس موعظة

كلاهما خيرُ ما فيه ذُناباه

البحر يثلجُ صدري عند غفوته

إذا تساوت بسطح البحر أمواه

كم زُيْنَ اسمٌ بألقاب مكدَّسة

وقد تجرَّد من زَيْن مُسماه

شر الورى: عَقِبٌ، أطغاهمو لقبٌ

إذا سألتهمو، قالوا: ورِثناه!

يتيه بالفضل ذو فضل فأمقته

ما بال قوم بأسلاف لهم تاهوا؟

من قسَّم الناس أجناسًا: فذاك له

مجدٌ، وذلك لا مجد ولا جاه؟

من قسمَّ الدَّمَ: هذا آسِن كَدِرٌ

وذاك من نفحات المسك ربَّاه؟

أبناءَ آدمَ، ما تلك الفوارقُ؟ هل

منكم له ابنٌ، ومنكم من تبناه؟

لم يخلقُ الناس من در ومن خزَف

الناس مهما عَلَوْا للنَّاس أشباه

لا تُغلِ نفسك أو ترخص أخاك، فقد

سوَّاك ربك من طين وسواه

ولا تقل: هذه أنثى وإن ضعفت

أما تدبِّرُ مُلْكَ النحل أنثاه؟

خير الحكومات: ما الشورى دعامته

وما أقيم على الدستور مبناه

حكم تَنَزَّه؛ لا يرمي إلى غرض

في النفس؛ لكنّ محض الخير مرماه

أرسى قواعده شعبٌ له خُلُقٌ

ذو صولة تتحدَّى من تَحَدَّاه

إن كان للفرد فيه مأرب، وقفت

روحُ الجماعة ضدَّ الفرد تنهاه

ضعوا مقاليد أمر الشعب في يده

ما صرَّفت أمرَهُ يمنى كيمناه

يطيبُ نفسًا إذا التوفيق حالَفَهُ

ولا يلوم إذا التوفيق أخطاه

قد يُلحقُ بي غيري فيُسخطني

وتُلحق الشرَّ بي نفسي فأرضاه

قالوا: النيابة شرَّ، قلتُ: ربَّ أذَى

نرضاه دفعًا لشرٍّ منه نخشاه

مَنْ يطلبِ الخبر محضًا عزَّ مطلبُهُ

فإنما فطرةُ الأشياء تأباه

يا رُبَّ مُلك بنته كفُّ طاغيةٍ

تحصى النجومُ، ولا تُحصى ضحاياه

دم الضحايا طلاءٌ في جوانبه

وهامُهمْ لَبِنَاتً في زواياه

لا يسلُم الحكمُ للجبار في وطن

إلا إذا بات مقصوصًا جناحاه

حكم إذا ساد، لم يُسمع لمتقدٍ

صوت، ولم يقض ذوى شكوى بشكواه

الشعب يبقى ويبقى مجدُ دولتِهِ

ودولة الفرد تُنْعى يومً منعاه!