عدد الابيات : 49

طباعة

ما تُرى يا حزين تشدو المزاهرْ

بعد ما خُدِّرَتْ بِلَحْن المقادِرْ

لا ترمها شواديَ النغم العذْ

ب طرابا بالأغنيات السواحرْ

عبثٌ في الغناء أ، يُنسيَ الكرْ

بةَ أو يوهنَ الفجيعةَ زامرْ

من يكنْ لحنُه يَهُزُّ الحنايا

فَلُحونُ الرّدى تُذيبُ المرائرْ

وإذا الشاعر الطروبُ تغنّى

فالْهُ عنهُ فالموتُ أبلغُ شاعرْ

طفت في ساحة البيان وقلبي

راجِفُ الحسّ مستطارُ المشاعر

والضحى واجم الظلال كسيفٌ

باهتُ النور مطرق الزهر سادرْ

جمد الطّلُّ في الكمامِ وماتتْ

فَوْحةُ العطر في جُيُوب الأزاهر

ورمى الطير عودَه غير ندما

نَِ عليه وعاف ضرب القيائر

كلّما خفّ هائجٌ من أغانيْـ

ـهِ تعايا فذاب طيّ الحناجر

سكنت في العشاش عصفورة النيـ

ـل وشلّ الأسى مراح القنابرْ

وكأن السماء خيمة شيخٍ

شدّ أطنابها حيال المقابر

غمر الثكل روحه بعماءٍ

وشقاءٍ ووحشةٍ ودياجر

لا يُحسّ الحياةَ إلا زفيراً

نفخته الشجون حول الحفائر

إنها صرعة الفناء أثارت

كلّ قلبٍ وأذهلت كل خاطر

طلسمت سرّها الغيوب وأرخت

دونها للورى كثيف الستائر

طمحت أعيني إليها فردّتْ

ها سراعاً إليّ حيرى حواسِرْ

ما لها سلوةٌ عن الحزن إلا

سيكبٌ من مُرقرق الدمع مائرْ

قلّبت طرفها طويلاً فلم تُبْـ

ـصرْ سوى لُمعة الدموع المواطرْ

تتهاوى حيالها من عيونٍ

كاسفاتٍ من البكاء غوائر

يا أبا الفتح كنت هالة نورٍ

قبستها فأشرقت في البصائر

غبت عنها ولم يغب لك ومضٌ

زاخر اللمح خالدٌ في الضمائر

أنملات الطبيب راحت تواسيـ

ـكَ من الداء وادعاتٍ غرائر

خدع العلم طرفها فتهادت

فوق جنبيك تبتلي وتغامرْ

فإذا راحت المنيّة صدّت

ها فخرّت على يديها صواغر

ويحها لو نضت حجاب المنايا

عرفت أنها لديه تقامرْ

هلّلت للربيع زنبقة الريـ

ـف وماست له الورود النواضر

فتهاديت كالشعاع إليها

تنشد العيش في الظلال الزواهر

سجوةٌ تحت أيكها لك مهدٌ

ناعمُ الفيءِ باسمُ الضوء عاطر

يتلقاك في خشوع ويضفي

حبر الزهر في خطاك الطواهر

سرت للدلجمون عجلان ماذا

ضرّ ياربِّ لو تأنّى المسافرْ

نصلت خلفك القلوب حيارى

واجفاتٍ تحت الضلوع موائر

لو ونى الدمع عن صداها تلظّت

جمراتٍ ملذّعاتٍ سواعر

كنتَ تسري والناس حولك سيلٌ

جارفٌ في الشعاب كالموج هادر

خيل تسيارهم وراءك نُسّا

كاً تراموا على حواشي المنابر

أقلقوا مسمع الأصيل صُراخاً

ونحيباً وفزّعوا كلّ عابرْ

أُخذوا إخذة المؤمّل دكت

صرح آماله الجدود العواثر

كلما رنّ خافقٌ من صداهم

لطمت خدها كرام الحرائر

أطرق السنبلُ الحزينُ وجُنّت

من أسى خَطبك الطّيورُ العوابر

حسبت نعشك المطهّر طيراً

للجنان الفساح في الخُلدِ سائر

فتسامت في الجوّ صوبك غيري

تتهذّى العُلا بأقدس طائر

ووصلت الضفاف من لُجّةِ المو

ت وكلٌّ لشطّها بَعدُ صائر

لاَنِمَالُ الشقوق تُعصَمُ منها

لا ولا في البروج صيدُ القياصر

هي أسطورة الزمان ولغزٌ

من يُردْ حلّهُ صمّ القلوب عُميَ النواظر

كُتلٌ من جوارحٍ تتنزى

كهشيمٍ منَ البلى متطايرْ

من يشأ سُؤْلنا نطقنا دُموعاً

وجواب الحزين ذوبُ المحاجرْ

سلْ شحوب المساء كيف احتوانا

في جحيم من التأوّه ساعرْ

لو نُسخنا به لكنّا رياحاً

صافراتٍ على مُتونِ الهواجرْ

شرّدَ اللّيلُ نوْحَنا في حَواشيْـ

ـهِ وَقلْبُ الدجَى سَريرةُ كافِرْ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمود حسن اسماعيل

avatar

محمود حسن اسماعيل حساب موثق

مصر

poet-mahmoud-hassan-ismail@

36

قصيدة

399

متابعين

شاعر وأديب مصري، ينتمي إلى المدرسة الرومانسية، عده النقاد واحدا من أبرز الشعراء المجددين.ولد محمود بن حسن إسماعيل 1910م في بلدة النخيلة بمركز أبو تيج، في محافظة أسيوط.التحق بكُتاب البلدة، ...

المزيد عن محمود حسن اسماعيل

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة