عدد الابيات : 33
طباعةمزمارُ جنٍّ بتيهِ الكونِ مفقودُ
تصرّعت بعد ما غاب الأناشيدُ
مُغلّفٌ في جيوب الغيبِ لجّ بهِ
في سرمدٍ من ظلال الموت تخليدُ
تساءلت عنه أرواح الفلا ومضت
تضج من وحشةٍ فيها الجلاميد
وأسبل النجم أجفاناً مُحيّرةً
أمضّها من عذاب البين تسهيدُ
مطروقةً من غُبارِ الدهر أتعبها
طول التملّي وإمعانٌ وتفيدُ
ترصّدت موكب الدنيا فأزعجها
أ شلّ خطوتها في الذّر تأييدُ
فأرعشت في الدجى أهدابها خبلاً
كأنما غاب في سودائها عودُ
وضاعفت علّةَ الأنسام سفرتُها
جوّابةً حظُّها في السير منكودُ
تمرّ بالدهر حيرى ما تُها مِسُهُ
إلاّ ويرمضها من فيهِ تنكيد
تقول: هذا عجيجُ اللّحن محتدمٌ
ترنُّ في جرسِه الساري الأغاريدُ
وأين يا زهرُ نايٌ كان ملهمهُ
ما أسكرَ الكون من نجواهُ ترديدُ
هذا النشيد فمُ الدنيا يردّدُهُ
فأين من سحرهِ القيثارُ والعودُ
فطرّح النورُ أكماماً مُخبّلةً
وقصّفت نفسها منهُ الأماليدُ
وذاب في مهدهِ عطرٌ يُؤرّّجُهُ
وغاب من خدّه سحرٌ وتوريدُ
واهتزّ هزّةَ أوّاهٍ يُرنّحُهُ
في سورة الذكرِ إيمانٌ وتوحيدُ
وقال كمَ مرّت الأجيال عابرةً
ولحنهُ في فمِ الأجيال غرّيد
لكنّها وجمت مثلي وقد سُئلت
وغال تبيانها عيٌّ وتبليد
وإذ بعاصفةٍ هوجاء قد صعِقت
لهولها الجنُّ والآطام والبيد
كأنها هيجةُ الأقدار مذ عصفتْ
ما طاقها في شعاب الأرض موجود
من مرج عبقر قد هبّتْ مُجلجلةً
كأنها من عتاة الجنّ تهديد
في قلبها نغمٌ إن رق تحسبُهُ
تأويهةً ردّها في الليل معمود
وإن قسا فقلوب الناس واجفةٌ
والأرض لاهفةُ والكون رعديد
ألقت على الزمن المجنون حكمتها
فراح يُهدى بها شيخٌ ومولود
وأطربت مسمع الدنيا بنغمتها
كأنّما نفخ المزمار داوُدُ
تُلقّن الفرق الهيّاب سورتها
فيغتدي وهو في الهيجاء صنديدُ
صهباءُ ما جاورت كأساً ولا شربت
ولا استقلّ بها في الكرم عنقود
مازال ندمانها حيران تكربهُ
ضلالةٌ عن مجانيها وتشريدُ
حتى أتى حلب الشهباء منتشياً
وجسمهُ من ضنى التسيارِ مهدود
فراعه ما رأى من سحر مشهدها
الخمر أخيلةٌ والعقلُ راقود
ومزهر المتنبّي عازفٌ هزجٌ
مُعلّقٌ بأواسي النجم مشدودُ
يُفجّرُ اللحنَ إمّا رنّ صادحهُ
خرّت على وجهها من سحرهِ الصيدُ
فزمزمت شفتاه بُرهةً ومضى
والقلب من سكرات اللحن مفئودُ
يقول: لا تحشدوا عيدا لذكرتهِ
فكل لحن ٍ شدا من نايهِ عيدُ
مصر
poet-mahmoud-hassan-ismail@
36
قصيدة
399
متابعين