عائشةٌ تشقٌّ بطنَ الحوت ترفع في الموج يديها تفتح التابوت تُزيح عن جبينها النقاب تجتاز ألف باب تنهض بعد الموت عائدةً للبيت ها أنذا أسمعها تقول لي لبَّيكْ جاريةً أعود من مملكتي إليك وعندما قبَّلتها بكيتْ شعرت بالهزيمة أمام هذي الزهرة اليتيمة الحبُ يا مليكتي مغامرة يخسر فيها رأسَهُ المهزوم بكيتُ فالنجومْ غابتْ وعدتُ خاسرًا مهزوم أُسائلُ الأطلالَ والرسوم عائشةٌ عادت ولكني وُضعتُ وأنا أموت في ذلك التابوت تَبادَلَ النهران مجريهما واحترقا تحت سماء الصيف في القيعان وتركا جرحًا على شجيرة الرمان وطائرًا ظمآن ينوح في البستان آه جناحي كسرته الريح وصاح في غرناطة معلم الصبيان لوركا يموتُ ماتْ أعدمه الفاشست في الليل على الفرات ومزقوا جثته وسملوا العينين لوركا بلا يدين يبثّ نجواه الى العنقاء والنورِ والتراب والهواء وقطراتِ الماء أيتها العذراء ها أنذا انتهيتْ مقدَّسٌ باسمك هذا الموت وصمت هذا البيت ها أنذا صلَّيت لعودة الغائب من منفاه لنور هذا العالم الأبيض للموت الذي أراه يفتح قبر عائشة يُزيح عن جبينها النقاب يجتاز ألف باب آه جناحي كسرته الريح من قاع نهر الموت يا مليكتي أصيح جَفّتْ جذوري قَطَعَ الحطّاب رأسي وما استجاب لهذه الصلاة أرضٌ تدور في الفراغ ودمٌ يُراقْ وَيحْي على العراق تحت سماء صيفه الحمراء من قبل ألفِ سنةٍ يرتفع البكاء حزنًا على شهيد كربلاء ولم يزل على الفرات دمه المُراق يصبغ وجهَ الماء والنخيل في المساء آه جناحي كسرته الريح من قاع نهر الموت يا مليكتي أصيح من ظلمة الضريح أمدُّ للنهر يدي فَتُمسك السراب يدي على التراب يا عالمًا يحكمه الذئاب ليس لنا فيه سوى حقّ عبور هذه الجسور نأتي ونمضي حاملين الفقر للقبور يا صرخات النور ها أنذا محاصرٌ مهجور ها أنذا أموت في ظلمة التابوت يأكل لحمي ثعلب المقابر تطعنني الخناجر من بلد لبلد مهاجر على جناح طائر أيتها العذراء والنور والتراب والهواء وقطرات الماء ها أنذا انتهيت مقدّسٌ باسمك هذا الموت
عبدالوهاب البياتي شاعر واديب عراقي ولد عام 1926م في بغداد. ويعد احد رواد الشعر الحر، عمل مدرساً من 1950 إلى 1953، ثم بدأ مسيرته في العمل الصحافي منذ عام 1954 ...