" إنني أحمل قلبي كبرتقالة مضى الموسم ولم تنضج, وأعطت زهر البرتقال , وفيها رائحة شمس البارحة إلى أحمد صديقا من الشياح" في الليل , يضيع النورس في الليل القارب في الليل وعيون حذائي تشتم خطى امرأة في الليل امرأة , ليست أثر من زورق لعبور الليل يا امرأة الليل , أنا رجل حاربت بجيش مهزوم في قلبي صيحة بوم وأخيرا... صافح قادتنا الأعداء , ونحن نحارب ورأيناهم ناموا في الجيش الآخر , والجيش يحارب والآن سأبحث عن مبتغى , أستأجر زورق فالليل مع الجيل المكسور طويل في مقت الزيتونة , شباك للغرباء تبكي الموجة فيه أهلي فيه ورجال فيه يصيدون أصابع أطفال غرباء مازلنا بشرا ضعفاء نبحث عن شوق , ليتبعنا كالشوق ونحب ونكره حد الشوق ورأيناهم ناموا في الجيش الآخر , والجيش يحارب وبحثنا عنهم كالمبغي يا شباك الزيتونة ... أبحث عن مبتغى أبحث عن طين.. يا زهرة بيتي , يا وطني, أأظل هنا حزنا مبعد! أأظل على خرسي , تابوت قصاصات مجهد! لا أعرف حتى خشبي... لا أعرف أين سيتركني الجزر وليل الماء على جرحي.... لا أعرف كيف يمر الإنسان بدرب الدمع لا أعرف أيأس... ألخضرة دبت في خشبي والمنفى وسمعت شموعا تتلقح في قلبي وصراخا أهمل أعواما لا يغضب... لا يبكي... وتواطأت مع الأيام , نسيت , نسيت وفاجأني أنت؟ وفي هذا الليل أنت ! أنا لا أعرف وجهك , لا أعرف :"أنت" أعواما بعدك , ما كان لبيتي باب أعواما... ألهث.. ألقاك وراء النوم, وأنت سراب فأنا أحببتك في زهرة بيتي , في وطني وسمعت شموعا تتوهج في قلبي ولماذا بعتم لغة البيت , وفيها "الشياح" وأهلي .. وأخي في مطر الليل! ولماذا استأجرتم لغة أخرى! وأبحتم وجه مدينتنا لليل! وتركتم في الهجر حروفي كأصابع أيتام في الشباك كزوايا فم طفل يبكي من أقصى الحزن أتيت كي أغلق أبواب بيوت المهزومين وأبشر بالإنسان ... وبالإنسان... و "بالشياح" وبمن لا يملك سقفا, سيكون له سقف, في هذي الدنيا.... وينام لكن .. واخجلي من بيت مهزوم وسيخجل من باعوا لغتي فأنا مكتوب في الأرز وفي العسل الأخضر في التين وأن أطعم بالسكر نخلات "الكوفة" والأطفال على رابع جسر في " العشار" أنا لا أمللك بيتا أنزع فيه تعبي لكني كالبرق أبشر بالأرض وأبشر أن الأمطار ستأتي وستغسل من لوحتنا كل وجوه المهزومين وستغسل من يبحث عن خيبته عن مبتغى وستغسل بالمطر الدافئ جنح النورس وبيوت أحبتنا.... والحرف الأول في لغتي يا زهرة بيتي ,يا وطني ,أمطرني... حزن بلادي فوق الماء ماذا غير الزرقة تنمو فوق الماء وخضار أصابع أطفال غرقى تنمو في الطحلب أياما.... وتموت الماء طريق للغرباء.... الماء طريقة عرسي والزهرة... والرشاش.. وخبز الصمغ عشاء النجمة في الصمت.... وعشائي..... الماء طريق للماء وبيت, لا ندرس فيه وننشف خديه إذا ابتلا... ونرافق فانوس النوم من أيام زهرة بيتي فارقت نعاسي وتواطأت مع الأنهار وكل جسور الناس إليك .. إليك.. ونسيت نسيت بأنك ماء في وطني اسمك في الليل يسيل الصمغ عن التفاح نهر ينتاب الحر ليالي الصيف ويواعد كل الأمطار ويواعدني... الصحو يواعدني ؟ وكذبت بقلبي كذبت كنشرة أخبار يكذب... يكذب... صحوك يكذب باستمرار باستمرار فكأنك غربة... وكأنك كنت رصيفا في الغربة وكأنك مألوف في الغربة وكأنك ..لا أدري , .. غربة بلل فيك , كماء الليل على الأشجار اسمك لي بيت في الليل ونسيت لسرعة قلبي, كل نوافذه مشرعة لليل نسيت..نسيت..وأيقظني.. ريح الشباك على وطني يا وطني , وكأنك غربة وكأنك تبحث في قلبي عن وطن أنت ليؤويك نحن الاثنان بلا وطن ... يا وطني كالبارحة اشتقت ومرت في قلبي طرقات مدينتا تبكي الدمع على أرصفتي يبكي... يبكي ومدينة أيامي , باعوها , في الساحة تبكي يا امرأة الليل أنا رجل, باعوا لليل مدينة أيامي باعوني ككتاب يطبع ثانية, باعوا أحلامي نامي يا امرأة الحزن , فمن يبحث عن إنسان؟ من يعرف جنديا في هذي الغربة من ينصت للحزن المتأخر من يعرف وجهي في السوق ؟ يوشك زيتك يطفئني ! ما زيتك من زيت ؟ يا قمحا يأتي يشمس شباك البيت لو كنت أعرف بأنا نملك بيتا خلف ظلام الدنيا وصغارا مثلك في البيت لو كنت عرفت سلاحا لو كنت عرفت لماذا نتغطى الصمت وحزن الإصرار لو كنت عرفت معسكرنا , وقبور الماء وصوت الليل ورأيت وجوه رفاقي التسعة قبل النار لو كنت عرفت لماذا يسكن جوع في الأهوار جوع وثلاثة أنهار لو كنت عرفت الخجل المر على جبهة ثوري ينهار لعرفت الثورة لعرفت لماذا الثورة لعرفت أن الثائر لا ييأس من دفع الصفر بوجه الليل لعرفت , لماذا أبحث عن مبغي لعرفت لماذا أبحث في وجه الناس عن الإنسان في وجهك أبحث عن إنسان ... عن إنسان... عن إنسان أبحث في طرقات مدينتكم عن وجه يعرفني أبكي كالبوم المجروح , على جدران الليل والبارحة اشتقت , ومرت في قلبي كل خرائبها... تبكي... يا مدن الناس....... مدينتنا تبكي المنقذ يأتي ... كشموع تحت الماء سنتان تعلم حزنا تحت الماء سنتان نمت أسماء القتلى , اتخذت أسماء ونما النسيان.. ونما للمنقذ... درب وصليب من أشتات خضراء حزين قلبي للمنقذ مثل كتاب الأحزان مثل كتاب الريح مثل رثاء النصر إذا ساوم قلب القائد وكما يقرأ في الكبغى , قرآن وحزين قلبي كحديث العمر الذاهب للمنقذ... في طرقات مدينتكم حقرتم حزني.. المبغي في ليل مدينتكم أكثر تسلية من حزني القبر بليل مدينتكم , أكثر أفراحا وأنا من أقصى الحزن أتيت أبشر بالإنسان وبالمنقذ وأخاف على أيام مدينتكم منكم من لغة أخرى.. في الطرقات المشبوهة بالإنسان , وزهر الصبار اتسخت روحي يا منقذ .. واتسخت روحي وتعذب حتى وسخي.. عانيت لأنك تعرفني الغربة.. عانيت , لأنك في ثقة متعبة , كالشك وتعلمت مع الغربة عانيت.. وماذا تدري ؟ ولماذا تدري ؟ بالأمس , ذهبت.. على وجهك حزن الأسماك وسألت... سألت... وعنك سألت الصيادين سألت لماذا لا تدري ؟ وجملت صليبك لا تتركني في النسيان لا تتركني , فالشك سيقتل في الإنسان لا تتركني , أفلست المنقذ ؟ ولأجل صليبك أورق في الليل على الأبواب ولأجل صليبك نمت مع المبغي , ووجدت صليبك يبكي ندما في الشباك لا تتركني, فأنا وحدي والناس هنا في غربة
ولد مظفر النواب في بغداد عام 1934 لعائلة شيعية أرستقراطية ذات أصول هندية وكانت تهتم للغاية بالفنون والآداب والشعر والموسيقى، وكثيراً ما كان قصر العائلة المطل على نهر دجلة مقراً ...