لا سماءَ ليَخْفُقَ فيها جناحاكَ ... تَنْظُرُ : ماءٌ رمادٌ على الشرفةِ . الوقتُ ليلٌ ، وإنْ كنتَ في مستهَلِّ الظهيرةِ . والشجرُ الجَهْمُ صارَ صخوراً لها هيأةُ الشجرِ . احترْتُ كيف أُسَمِّي الهواءَ الذي ليسَ يُسْمَى . أ أنتَ المُقِيمُ هنا ؟ لا سماءَ لِيَخْفُقَ فيها جناحاكَ ... تسمعُ ؟ لا شيءَ . لا هَفّةٌ من حمامةِ دَغْلٍ . و لا رَفّةٌ من غصونٍ . كأنّ بني آدمَ ابتلعوا قُفّةً من حبوبٍ وناموا إلى أبدِ الآبدينَ . وما كان ساحةَ قريتِكَ ارتَدَّ نحوَ زمانٍ قَصِيٍّ حينَ لم تَكُ ثمّتَ من قريةٍ . يا مقيماً هنا ! لا سماءَ لِيَخْفُقَ فيها جناحاكَ ... *** من أينَ هذا الشميمُ ؟ رغيفٌ من الخبزِ لَمّا تزَلْ فيه رائحةُ النارِ . بِضْعُ شِباكٍ من النهرِ تُسْحَبُ . قنطرةٌ من جذوعٍ تآكَلَ أسفَلُها . عرقٌ من قميصِ أبيكَ . روائحُ جدِّكَ هنديّةٌ . والدِّبْسُ يَقْطُرُ من مَكْدَسِ التَّمْرِ . مَن أوقَدَ النارَ ؟ مَن قالَ لي : لا سماءَ لِيَخْفُقَ فيها جناحاكَ ... مَنْ ؟
سعدي يوسف شهاب،ولد عام 1934 بالبصرة.وتخرج في دار المعلمين العالية ببغداد 1954.عمل سعدي مدرساً ومستشاراً إعلامياً, ومستشارا ثقافياً, ثم رئيساً لتحرير مجلة (المدى) الدمشقية, ثم تفرغ للشعر. غادر العراق في ...