الديوان » العصر المملوكي » شهاب الدين الخلوف » الله أكبر حسب العبد مولاه

عدد الابيات : 178

طباعة

الله أكبر حسب العبد مولاه

إن الذي قد سمعناه شهدناه

هذا الضريح الذي فيه الحبيب ثوى

أكرم به من حبيب طاب مثواه

هذا الضريح الذي قد ضم أعظمه

أعظم به من ضريح ضم أعضاه

هذا الضريح الذي هام الوجود به

أليس فيه الذي زكاه مولاه

هذا محمد المحمود من حمدت

أفعاله ومعانيه وأسماه

هذا أبو القاسم المختار خير فتى

لم يرتقي أحد في الخلق مرقاه

هذا الرسول الحبيب المصطفى كرما

من صاغه الله من نور وسواه

هذا الشفيع والوجيه المتجتبى شرفا

خير الورى غاية الإيجاد مبداه

هذا ابن آدم صلصالا ووالده

نورا فحقق تجده سر معناه

هذا الذي ألجم الطوفان حين طمى

حتى جرت فلك نوح فوق مجراه

هذا الذي أنقذ الله الخليل به

من نار نمروده في يوم بلواه

هذا الذي قد فدى اسماعيل خالقه

من أجله وعفا عنه وآواه

هذا الذي بكلام الحق أرشدنا

حتى علمنا به ما قد جهلناه

هذا الذي نكص الأصنام فاتضت

وشاد دين الهدى فاعتز ركناه

هذا الذي نهج الدين القويم لكي

يهدي به من أضل الغي مسعاه

هذا الذي آم بالأملاك قاطبه

والأنبياء جميعا في مصلاة

هذا الذي اخترق السبع الطباق إلى

أن كان قاب وأدنى حين ناجاه

هذا الذي رفع الله الحجاب له

حتى رأى الحق حقا ليس إلاه

هذا الذي ما مشى في حرها جرة

إلا وظلله غيم ووقاه

هذا الذي سبحت في وسط راحته

صم الحصى وبها الطوفان أجراه

هذا الذي قال للمولود صف خبري

فقال أنت الذي قد أرسل الله

هذا الذي أشبع الجيش العرمرم من

صاع وأسقاه من غس فرواه

هذا الذي رد ملح الما بتفلته

عذبا سواغا فيا لله ما أحلاه

هذا الذي أبرأ الأعمى بنفثته

وكم بصير بحال البغي أعماه

هذا الذي عاد جدل الغاب في يده

سيفا تحد جناة البغي حداه

هذا الذي أنبع الماء المسلسل من

بني الأصابع حتى فاض مجراه

هذا الذي عز في الأحشاء منزله

هذا الذي طاب في الأفواه ذكراه

هذا هو الجوهر الفرد الذي حصرت

أنواع كل المعاني في مسماه

حاشيه مما ادعّاه المشركون وقل

لا شيء أفضل منه عند مولاه

مولاه في الذكر والإنجيل شرفة

وفي الزبور وفي التوراة زكاه

قد فاق جميع الورى عدلا ومعرفة

وكيف يصرف من مولاه والاه

من شق جبريل أحشاه وأودعها

علما وحلما فما أعلاه ما أعلاه

من كان يقظان قلب إن غفا سنة

يرعى الإله وعين الله ترعاه

من رد شمس الضحى أيضا وأوقفها

للعير والصهر حيث الوحي غشاه

من قام حتى اشتكت رجلاه من ورم

من شد للصوم تحت الصلد أحشاه

أغر إن شمت برقا من أسرته

علمت أن الحيا من بعض جدواه

غاضت بحيرة ساوى عند مولده

ونار فارس أطفا بلالاة

وعاينت أمه بصرى وقد وضعت

من بالسجود بدا طوعا لمولاه

وانشق إيوان كسرى عندما بزغت

شهب الهدى وتراءت بين أرجاه

والجن تهتف والكهان تخبر وإلا

ظلام يدحض والأنوار تغشاه

مسرة كان طرف الدين يرقبها

ومطلب كان قلب الكفر يأباه

جلا الشكوك بأنوار اليقين وكم

للغي من غيهب بالرشد جلاه

أغنته أسمى معاليه ومنصبه

عن التخلي لأن الحق حلا

حلاه بالنصر والفتح المبين كما

بالحمد والعز والأجلال سماه

وباللوا ومقام الحمد شرفه

وبالبراق وتاج العز بهاه

لم يدعه باسمه بل بالكنى شرفا

لقدره وبه قد أقسم الله

الله عظمه الله فضله

الله خصصه الله أعطاه

أعطاه ما لم ينله في الورى أحد

وزاده فوق ما أعطاه رؤياه

تستشرف الأرض إعجابا بوطئته

إذ شرف الحضرة العلياء تعلاه

أزج أبلج أقنى الأنف مبتسم

عن مثل حب غمام حين تلقاه

ساجي اللحاظ رحيب الصدر أسلمه

زاهي الجبين شنيب الشغر أحلاه

ضخم الكراديس رخص الكف اسمحه

عبل الذراع اسيل الخد اسناه

كهف الأرامل مأوى كل ملتمس

عون اليتامى ملاذ العبد ملجاه

جبر الكسير إذا ما الداء أعضله

غوث الفقير إذا ما المحل أنجاه

مطهر القلب مجبول على كرم

ينسي عهود الغوادي ذكر سقياه

مكمل الذات معطار التحية ما

أبهى محياه ما أحلى ثناياه

لو خاطب الحجر الجلمود أسمعه

ولو دعا ميتا في القبر لباه

بلمسه الشاة درت وهي حائلة

والذئب صدقه والعبر أنباه

والبدر شق له والجذع حن له

والضب خاطبه والظبي وافاه

والغيم جاد له بالغيث حين دعا

والعذق جاء له طوعا وحياه

والفحل ذل له حتى تسنّمه

وكان أشوس فحل صان مرعاة

والنهر عاد جليدا تحت ناقته

لما ارتقى فوقها حتى تعراه

باض الحمام وحاك العنكبوت على

غار حمى المصطفى من كيد أعداه

وفيه قد قال تأنيسا لصاحبه

لا تحزنّن فحسب العبد مولاه

جاءت لدعوته الأشجار خاضعة

تمشي بلا قدم شوقا لرؤياه

والظل مال إليه حين غودر في

شمس الظهيرة للأضواء تغشاه

والشاة أنبأه لحم الذراع بما

حشته زينب من سم فحاشاه

والجن إذ سمعوا القرآن من فمه

قالوا أنبنا له لما سمعناه

والوحش والصلد والأحجار حين بدا

أثنت عليه بما قد خصّه الله

أبرى بخيبر عين حيدر وبها

ولاه من حربها ما قد تولاه

ورد شق خبيب كيف كان ولم

يغد ابن عفراء حتى رد يمناه

أعطى قتادة في داجي المطيرة عر

جونا أضاء له عشرا ونجاه

وفي قتادة لما رد مقلته

إظهار ما حمدت للعين عقباه

وفي سراقة إذ ساخ الجواد به

سر لطيف به الرحمن نجاه

وفي انقلاب العصا سيفا براحته

جذلان باغ تعامت عنه عيناه

وفي اللعين أبي جهل وشيعته

خوارق أيدت والله دعواه

وأمر غورث لم يجحده ذو خبر

بل فيه قد أنزل الرحمن والله

وفي مراودة الشم الجبال له

عن نفسه ذهبا ما صان علياه

يا كم ثنت عطفها الدنيا له ولعا

وما انثنت نحوها والله عطفاه

ذو همة لم تنلها نفس ذي شمم

في رتبة لم ينلها قط إلاه

كم خائف قد شكا هولا فأمنه

وكم عليل شكا داء فداواه

وكم اسير شكا ذلا فأنقذه

وكم فقير شكا بؤسا فأغناه

وكم همام بضرب السيف جدّله

وكم شجاع بطعن الرمح أرداه

ذو الجود والبأس في يومي ندى وردى

فالصحب ترجوه والأعداء تخشاه

إن أم صف الوغى فالرعب يقدمه

والنصر يصحبه والفتح يرعاه

أو قطب الحرب وافى وهو مبتسم

أو حجب البذل أعطى وهو أواه

فيوم بكة كم أبكت قواضبه

عينا شجى ليثه عن نابه فاه

ويوم بدر ما أدراك كم بظل

قد تله للجين حين لاقاه

نعم وفي أحد قد كر إذ حمى ال

وطيس واشتد لما هاج هيجاه

أماط جهل أبي جهل بمجهلة

أرخت لعتبة فيها سجف عتباه

وأرضعت ثدي بؤساها الوليد كما

شبت شيبة فيها نار بلواه

وألبست ثوب ضراها أميتهم

وأوقعت عقبة في خنزي عقباه

شاهت وجوه الأعادي حين قابلها

بضرب هنديه أو رمي حصباه

لنصرة الحق وافاه الملائك إذ

أعيا الجلاد وهبت ريح نكباه

أشمّ هد بسيف الدين منتصرا

ما وطد الشرك من ركن وعلاة

يشق أفق الوغى الداجي ينجم ردى

كم شقّ بالطعن قلبا ثم أرداه

حاز الحيا وأجار الليث يوم وغى

ويوم جود بيمناه ويسراه

فالليث يزأر من خوف يخامره

والغيث يضحك من تقصير أنواه

يرمي سهام الندى عن قوس تكرمة

فلا يحيد عن الأغراض مرماه

طابت به طيبة إذ عز جانبها

فالأمن فيها وفيها الجوةد والجاه

ما المسك ما الندى في فيحاء بردته

ما البدر ما الشمس في أضوا محياه

ما المجد ما الجود إلا ما حواه وهل

فخر الورى وجمال الكون إلاه

هو الحبيب الذي حاز الكمال فلو

فرضت معنى كما لما تعداه

لولاه لم تخلق الدنيا بأجمعها

ولا الجنان ولا النيران لولاه

المانح الوفر لا ردع لسائله

المانع الجار لا خوف لأعداه

الحائز السبق في مضمار معلوة

لو طار نسر العلا فيه لأعياه

كم سائل من ندى يمناه نوله

ما أصحبت عنده يمناه يسراه

وكم أراع جفونا في الصباح كما

ملا جفانا مساء من عطاياه

ليث يقود ليوث الوغى صبرا

عند اللقاء إذا هاجت رزاياه

من كل شهم حديد المنتضى ذرب

لا يختشي الأسد في الهيجا وتخشاه

يسعى على الحرب طوعا غير مكترث

إن أمطرت بالمنايا سحب أرجاه

شرى بمهجته في الله جنته

ففاز بالنجح إذ بالريح حاباه

هم معشر أظهر الرحمن نورهم

فكيف يخفيه شانهم بظلماه

هم سادة عصبة أبناء ملحمة

لا يرتضون سوى ما كان يرضاه

سادوا بصحبة خير الخلق واتصفوا

عند الفخار بأن كانوا أحياه

الله شرفهم بالمصطفى كرما

وخصهم فلذا كانوا أخصاه

من مثل شيخ التقى الصديق في شرف

بعد النبييئين فيما قد رويناه

أو مثل نجم الهدى الفاروق قد صدعت

بالحق أقواله فيما قرأناه

أو مثل عثمان ذي الهنورين من جبلت

على الحيا والرضا والصبر أحشاه

أو مثل ليث الوغى زوج البتول وقد

سماه خير الورى مولى وواخاه

أو مثل باقيهم فالهج بذكرهم

تلق الرضا وتوق ما تلقاه

أو مثل عميه أو من مثل أسرته

أو مثل سبطيه نوري شمس لالاه

أو مثل أزواجه التي افتخرن على

كل النساء بأن كانوا حضاياه

أو مثل أصحابه والتابعين لهم

هيهات ليس لهم فقي الناس أشباه

لا يستطيع بليغ وصف كنههم

ولو تصدى لهذا الأمر اعياه

يا جائل الطرف يبغي من يلوذ به

ها قد وصلت فلا زم باب علياه

ومرغ الخد فوق الأرض ملتمسا

نيل المرام وقبل ترب ممشاه

واغسل فؤادك من رجس الذنوب بما

ء المقلتين وطهّره بتقواه

واستمسك العروة الوثقى لتكف بها

شر الهوى وتوق هول أسواه

ولذ به واقصد المولى بحرمته

واقرع بأيدي الرجا أبواب رحماه

وسل به نيل ما أصبحت طالبه

وادفع به ضيم ما أمسيت تخشاه

فهو الشفيع إذا ما الأنبياء جثوا

وصار كل يراعي حال منجاه

تؤمّه الخلق يرجون الشفاعة من

هول الوقوف الذي أعبت بلاياه

يأتي ويسجد تحت العرش مبتهلا

يناشد الرب رحماه وغوثاه

فعندها الحق يدعو يا محمد قم

وارق المقام الذي عز مرقاه

أنت الحبيب فقل يسمع وسل لتنل

واشفع تشفع فما ترضى رضيناه

فهو العماد الذي أعددت مدحته

يوم المعاد لما أرجوه وأخشاه

وهو الكريم الذي يممت ساحته

لكل ما ابتغي منه وأهواه

حاشاه أن يمنع المداح نائله

أو يرجع المدح كلا فيه حاشاه

يا من له الفضل باديه وآخره

ومن له المجد أقصاه وأدناه

يا خير من شنف الصاغي لمنطقه

وخير من شرف الرائي برؤياه

إني اقترفت وقد وافيت معتذرا

استغفر الله مما يعلم الله

ولي حوار وحب ثم تسمية

أدلي بهم حيث يخشى العبد بؤساه

ولي مديح وإن قصرت فيه فما

قصرت فيما أرجي من مرجاه

وما عسى يبلغ المداح فيك وقد

حياك بالمدح من عمتك نعماه

لكن تطفلت في مدحي علاك على

موائد الجود علي أو أوفاه

فلا تخيب مديجي وأغثني بغنى

فتى أعانته دنياه وأخراه

فأنت أكرم من جازى وأكرم من

وفى وأكرم من عمت عطاياه

يا ذا الجلال ويا ذا الجود من لشج

أغواه شيطانه والغي أغراه

يا ذا الجلال ويا ذا الجود من لغو

لم تصغ يوما لداعي الخير أذناه

يا ذا الجلال ويا ذا الجود من نعم

لم تلتفت لشهود الحق عيناه

أنا الذليل الذي قد قل ناصره

أنا العليل الذي أعيا الدواداه

أنا الضليل الذي عزت مطالبه

أنا الجهول الذي ضلت مطاياه

أنا الشريد الذي أقصاه صاحبه

أنا الفريد الذي أهته أعداه

أنا الفقير الذي خانته ثروته

أنا الحقير الذي عمته بلواه

أنا الكثيب الذي ساءت طريقته

أنا المسيء اعتلت سجاياه

لا عذر لي غير أني مذنب حسنت

ظنونه في الذي لا يرج إلاه

يمحو ذنوب يويوليني برحمته

عند الممات ويزيني بحسناه

يا رب واحرس علا الإسلام حيث هفت

أعلامه وتراءت شمس أرجاه

وأيد الدين بالمولى الأجل أبي

عمرو المليك وشد أركان علياه

وانصره نصرا عزيزا يا عزيز ولا

تكله طرفة عين واعل مرقاه

واعضده وافتح له الفتح المبين وكن

عونا له حيث يخشى العبد بؤساه

وحط به حوزة الإسلام واحم به

معاقل الملك واهزم جيش أعداه

واقمع به كل جبار يعانده

وارحم به كل ملهوف ترجاه

واغفر له وأنله في المعاد رضا

واصلح له حال دنياه وأخراه

والحظ حمى عبدك المسعود من سعدت

به البسيطة واغمرها بجدواه

والطف به واسبل الستر الجميل على

أكتافه وأنر دربي لالاه

واسعده واسعد به المخلوق وارع له

ولاية العهد يا من ليس إلاه

واحفظه من حاسديه وارع حوزته

بعين رحماك واسعدنا بلقياه

وصن بنيه وأهليه وإخوته

من كيد باغ تلظت نار بلواه

يا أحرم الراحمين العفو عن وجل

لم ينهه العلم عما كان يهواه

يا أرحم الراحمين العفو عن غرق

لم ينجه العوم من لج تغشاه

يا أرحم الراحمين العفو عن دنف

أعينا دواه وجافوه أطباه

فامنن ووفق وهب لابن الخلوف رضا

يخفّه ويريه ما ترجاه

واقبل مدائحه واجزل مواهبه

وارحم تذلله واغفر خطاياه

والطف بأشياخه والوالدين وجد

للمسلمين بما يا رب ترضاه

وصل تترى على المختار من مضر

ما غردت فوق غصن البان ورقاه

ووال سحب الرضا للآل تكرمة

والصحب ما أبرز الإصباح أضواه

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن شهاب الدين الخلوف

avatar

شهاب الدين الخلوف حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Shehab-Al-Din-Al-Khalouf@

401

قصيدة

64

متابعين

أحمد بن محمد بن عبد الرحمن شهاب الدين. شاعر تونسي، أصله من فاس، ومولده بقسنطينة، وشهرته ووفاته بتونس اتصل بالسلطان عثمان الحفصي، وأكثر من مدحه. زار القاهرة أكثر من مرة. ...

المزيد عن شهاب الدين الخلوف

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة