الديوان » العصر المملوكي » شهاب الدين الخلوف » عليك توكلي ولك افتقاري

عدد الابيات : 139

طباعة

عليك توكّلي ولك افتقاري

ومنك تطليبي وبك انتصاري

وفيك محبتي وإليك أمري

وهل إلاك قصدي واختباري

أيا ملك الملوك ولا مليك

سوى عبد ببابك خذ بثاري

ويل ديان يوم الدين سهل

طريق هدايتي وأقل عثاري

ويا باري الورى طرا أنلني

مقامات الرضى وأقم مناري

ويا الله هبئني لخير

وعاملني بلطف منك جاري

ويا تواب يا وهاب وفق

فقد خط المشيب دجى عذاري

ويا غفار يا ستار من لي

بعفوك حين لا يغني اعتذاري

ويا ذا الجود والجبروت جد لي

بما أرجوه من جبر انكساري

ويا ذا المن والرحموت قابل

برحماك اغترابي واغتراري

ويا عون المقل أجب دعائي

فإني قد دعوتك باضطراري

ويا رباه ويا غوثاه عجل

بتوفيق قد عجز اصطباري

فحسبي أن رفعت على غنيّ

بمقالات أطراحي وافتقاري

ويكفي إن وصلت لباب عزّ

بذلّ واعتراف واقتصار

أفي الأكوان غيرك من يرجى

لكشف الضر أو ستر العواري

أثم سواك سلطان فيدعى

لإرواء الظمأ وشفا الأواري

فلا والله ليس سواك مولى

يرجيه الكبار مع الصغار

ولا والله في الأكوان رب

سواك يرى ويعلم ما أواري

فحقق حسن ظني إن ظني

يحقق لي بأنك ذو اقتدار

وتوجني بتاج العلم واجعل

لباس البر والتقوى شعاري

ونورني بإيمان ويمن

ومتعني بحج واعتماري

ومن بزورة الهادي المرجى

لنيل الفوز في دار القرار

عصام قصي فخر بني لوي

عماد معد كهف بني نزار

حبيب الحق خير الخلق طه

غمام الرسل دري الدراري

هلال الكون مصباح الدياجي

صباح الأفق شمس ضحى النهار

رياض الأمن مفتاح المعالي

غمام الجود كنز الإدخار

مزيل المحل هطال الأيادي

خصيب الرحل مقصود الديار

شريف النفس مشكور المساعي

زكي الفرع محمود النجار

رسول جاءنا بكتاب حق

فأنقذنا به بعد الإسار

وأنبأ عن غيوب ليس تدرى

إلى أن قد دراها كل داري

تتوج بالحسن والبها لما

تسربل بالجلالة والوقار

أقام على منار العز يدعو

بآيات الندى وظبا الفخار

وشاد الدين إذ تركت ظباه

رواق الكفر منقض الجدار

وأحبا ملة الإسلام لما

أقام رسومها بعد الدمار

وأوضح شمسها من بعد كسف

وأطلع بدرها بعد السرار

وذلل ملك كسرى بعد عز

وأوهى دار فارس بالبوار

وأخمد نارهم بعد اشتعال

وغور ماءهم بعد انجار

وحسن الجذع من شروق إليه

كما حن الغريب إلى الديار

ووقته الغمامة حر قيظ

وجاءته بأمياه غزار

وشق لأجله بدر الدياجي

كما ردت له شمس النهار

ونادته الغزالة أن أجرني

لأقضي حق أولاد صغار

فأطلقها فولت ثم عادت

لترفي ربها حق الجوار

ولاذ به البعير فقال آمنا

ودان لأمره بعد النفار

وخاطبه الوليد خطاب حق

وصدق قوله ضب القفار

وأنباه الذراع بسمه إذ

أثارت زينب نار الشنار

وفي يده العصا انقلبت حساما

ومنها أصبح الطوفان جاري

وفيها الصلد سبح باعتراف

وجدل العود أينع باخضرار

وأمر الغار فيه أيّ أمر

عجاب للبيب المستشار

وطرف سراقة قد ساخ لما

أراد ظهوره ذو الإقتدار

وعاينت أمّه أعلام بصرى

وقد وضعته مكحول الشفار

وعين قتادة قد رد لما

أسالتها يد النقع المثار

وأبرى ريقه عيني عليّ

بخبير يوم جدل بالقفار

كذا ساق ابن الأكواع ثم

رجل الفتى ابن عتيك من بعد انكسار

ورد يمين معوذ حين قدت

فردت بعد قطع كاليسار

وشق خبيب أيرأه بمسح

وكم عافى بنفث من ضرار

وكم أغنى بدعوته فقيراً

كما أغنى بها من حد نار

وأشبع جيشه بصواع تمر

وكانوا كالجواد لدى انتشار

وصرع الشاة درّ له حليبا

وقبل اللمس لم يك قط جاري

وأطفأ نوره حقد الأعادي

ونار الحرب مضرمة الشوار

وأمن خائفيه يوم فتح

وسيف النصر مشحوذ العواري

بحيث المجد ميراث تواصت

به حفظا كبار عن كبار

وحيث فخار مسنون العوالي

وسيل فخار مصقول الشفار

مفاخر للرماح بها ازدهار

يقابلها المهند بافترار

جواد صان عليا المجد لكن

أبى عن صون مال أو عقار

وبدر صير الهيجاء أفقا

نجوم سهامه فيها دراري

له الخيل السوابق إذ تداعت

خيول الملحدين إلى الفرار

من الشهب المسومة اللواتي

يفتن البرق والشهب الجواري

أو الدهم الروافل في لجين

أو الشقر المشابة بالنضار

فأشهب قد كساه الروض ثوبا

ووشّاهُ بأنوار النوار

وأدهم قبل الدريّ منه

جبينا حيث خاض حشا النهار

وأشقر ما انبرى إلا وجالت

على عطفيه نيران استعار

تسنم منتهى فتيان صدق

لهم فعل الضرغمة الضواري

بنوا الهيجاء وهي تشب نارا

وليس دخانها إلا الغبار

إذا ما ألهبوا البيض استطارت

رؤوس عداتهم مثل الشرار

وإن هزّوا طوال السمر جاءت

أعاديهم بآجال قصار

وإن ضحكت أسنتهم تباكت

عيون جراح أعضاء المباري

وإن أبدوا لمعنى الحرب وجها

أزاحوا بالظبا شبه المماري

قبائل صولة وشعوب بأس

ورهط مكارم وعلا افتخار

سخت بهم الليالي بعد ظن

وافشت سرهم بعد استتار

يرون الموت في طلب المعالي

ألذ من الحياة مع الصغار

هداهم للسعادة منه هاد

حديد المنتضى عالي المنار

وقادهم لرشد بعد غي

وعز حماهم بعد افتقار

فصرح باعتراف ذو شجون

وأعلن بانقياد ذو نفار

فهم غوث لمنتجع وزهر

لمنتشق وهم زهر لساري

وهم غيث الموالي والموالي

وهم غيظ المراجي والمجاري

إمام أئمة الثقلين طرا

وأكرم مستماح مستماري

تجاوره المعالي حيث يغدو

فتظفر من علاه بخير جاري

ويحلم قادرا عن غي جان

ولا حلم سوى من ذي اقتدار

رشفنا للهداية من حماه

رضابا جل عن رشف العقار

ورضنا روض ملته فطبنا

بعرف فاق معطار البهار

وشمنا أفق سنته فشمنا

بروق العز في سحب الفخار

أيا جمع الأنام بلا شبه

ويا فرد الكرام بلا مجاري

ويا شمس السعود بلا غروب

ويا بدر السرور بلا سرار

أليس بأن أوج المجد أمسى

لشهب سناك كالفلك المدار

وأن الخبر أجمع في مزار

لروض علاك فأنعم بالمزار

بودّي لو شققت لك الفيافي

وخضت إليك أفئدة البحار

وسرت على ذرى الريح اعتجالا

وصرت على الطائر في مطار

لأشهد روضة حوت المعالي

فحق لها بأن تسبي الدراري

وألثم تربة ضمت عظاما

تعاظم قدرها عن ذي افتخار

وأرشف من كؤوس الفوز راحا

ببرد روحها حر الأواري

وأقضي في حماها كل حج

بتطواف وسعي واعتمار

وأرمي ف ذراها من دموعي

جمارا لا تقايس بالجمار

وأجعل مشعري فيها مديحا

يصيّر ما أرجيه شعاري

يمينا بالمطي وقد دعاها

إلى أوطانها داعي القرار

تجوب البيد في ليل بهيم

تناعس نجمه عن كل ساري

تهادى في حلى التسيار هديا

كهدي الغيد في حلل الوقار

وترفل في رداء التيه لما

قلت بيد السرى قود السحاري

مطايا كالقسي رمت سهاما

بخطو حين عن عوج العثار

تحن إلى الفلا طربا وشوقا

إلى تلك المعالم والديار

فما تلوي أخادعها لورد

ولا يخلو لها مرعى الضمار

وإن تبلغ المسعى وتسعى

إلى ربع الحبيب على الشفار

وأولي ثانيا قسما صدوقا

على وفق اختبارٍ واختيار

لأقتعدن أسنمة المهارى

أشق بوخدها شقق القفار

وأرسلها بأرقال إلى أن

أنوّحها بحي بني نزار

هناك تقر عيني أن تراها

تلذ العيش في أهنى قرار

وحينئذ أصيرها حراما

على شق الفيافي والقفار

فيا خير الأنام عساك تصغي

لمدح جاء يدلي بافتقار

وهل لي عودة لحماك كيما

ألوذ بجاهك الحامي الذمار

وجدت ذراك لي روضا أريضا

فقمت به على قطف الثمار

ولذ جناه لي فطفقت أجني

لديه غصون مدحك باهتصاري

فدونكها مدائح من مقيم

على جرف من الأشواق هاري

لساني في مديحك ذو انطلاق

ومدحي في علاك ذو اقتصار

وأنت أجل من يثنى عليه

بنظم في المدائح أو نثار

ولكني مدحتك كي أوقّ

عذاب القبر أو إحراق نار

فلست إلى سواك أرى استناداً

ولست على سواكَ أرى اقتصاري

فجدلي بالشفاعة يا مرجى

لدفع ملمّة أو أخذ ثاري

وحاشا أن أخيب ولي جوار

يبشرني بحفظك للجوار

ولي حب وتسمية ومدح

بهم أدلي على شحط المزار

فيا الله يا جواد حسبي

من التسآل علمك بافتقاري

ويا حنان يا منان يسر

أموري واكفني شر الشنار

وسامح والدي وعج بأمن

على شيخي الغرا وصني النجار

وكن للمسلمين وجد بيمن

لأشياخي الذين بهم فخاري

وخلد ملك عبدك خير وال

أبي عمر والإمام المستماري

وايده بعز واقتدار

وتسديد وفتح وانتصار

ووفق عبدك المسعود واعضد

مساعيه بلطف منك جاري

وسخره ليسمح لي بحج

ويوليني السرور بلا غيار

وصل على نبيك ما تثنت

غصون هاجها صوت الهزار

وبلغ آله أزكى صلاة

تواصل في رواح وابتكار

وجاز الصحب خيرا ما استطالت

على زنج الدجى نبط النهار

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن شهاب الدين الخلوف

avatar

شهاب الدين الخلوف حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Shehab-Al-Din-Al-Khalouf@

401

قصيدة

64

متابعين

أحمد بن محمد بن عبد الرحمن شهاب الدين. شاعر تونسي، أصله من فاس، ومولده بقسنطينة، وشهرته ووفاته بتونس اتصل بالسلطان عثمان الحفصي، وأكثر من مدحه. زار القاهرة أكثر من مرة. ...

المزيد عن شهاب الدين الخلوف

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة