الديوان » العصر المملوكي » شهاب الدين الخلوف » تبسم النور عن معسول لمياء

عدد الابيات : 77

طباعة

تَبَسَّمَ النُّورُ عَنْ مَعْسُولِ لَمْيَاءِ

لَمَّا رَأى الروضَ يَجْلُووَجهَ حسنَاءِ

وَغَردَ الطَّيْرُ فَوْقَ العودِ من طربٍ

إذْ مَالَتِ القُضْبُ تَحكِي رَقْصَ هيفاءِ

وَكَلَّلَ الطَّل أفْوَاهَ الأقَاحِ فَقُلْ

يَا حَبَّذَا شَنَبٌ فِي ثغرِ لَمْيَاءِ

وَحَركَ الآسُ آذَاناً ليُسْمِعَهَا

لَحْنَ الفَصِيحَيْنِ شُحْرُورٍ وَوَرْقَاءِ

وَأرْضِعَ البَانُ فِي أجياد دَوْحَتِهِ

ضَرْعَ النَّمِيرَيْنِ أنْهَار وَأنْدَاءِ

وَأظْهَرَ الوَرْدُ خَدَّا طَالَمَا كَتَبَتْ

أيْدِي الكَمَامِ عَلَيْهَا بَابَ إخْفَاءِ

كَأنَّهُ كَأسُ يَاقُوتٍ عَلَى فَنَن

مِنَ الزُّمُرُّدِ يَجْلُو تِبْرَ صَهْبَاءِ

ونُبِّهَتْ أعْيُنُ النَّسِيرِينِ من سِنة

إذْ نَاحَتِ الْوُرقُ فِي أفنَان إلْغَاءِ

كَأصْحُنٍ من لُجيْنٍ أشْحنَتْ ذَهَباً

لِتَصْطَفِينَا بِبَيِضاءٍ وَصَفرَاءِ

وَصَورَتْ شَجَرَاتُ اليَاسَمِينِ لَنَا

بُرُوجَ أفْقٍ أقَلَّتْ شُهْبَ إصْغَاءِ

أوْ لُجَّةً بِلُجَيْنِ المَوْجِ تُرْقَمُ أوْ

قِبَابَ يَشْمٍ عَلاَهَا دُر حَصْبَاءِ

أوْ مَرْطَ خَزّ بِبِلَّوْرٍ تَرَصعَ أوْ

شُبَّاكَ دُرّ عَلَى غضرَاء خضرَاءِ

كَأن مَا اخْضَرَّ مِنْ مُبيَضّ ظَاهِرِهَا

تَأثِيرُ عَض بَدَا فِي خَدّ عَذْرَاءِ

وَحَدَّقَ النَّرْجَسُ المبهُوت نَاظره

لِيَحْرسَ الوَرْدَ مِنْ ألْحَاظِ عَيْنَاءِ

كَكُوبِ دُرّ تَغَشَّاهُ النُّضَارُ عَلَى

قُضْبِ الزبرجد يُبْدِي لحظَ شَهْلاَءِ

وَلِلْقرنْفلِ رَاحَاتٌ مُخَضبَةٌ

عَلَى مَعَاصمَ خُضْرٍ فتنةِ الرَّائِي

كَأنْجُمٍ مِنْ عقيقٍ فِي ذرَى فَلَكٍ

مِنَ الزجَاجِ أرَتْ أشْطَانَ لألاءِ

وَقَدْ جَرَى النهر في أخْدُودِهِ عَجِلاً

كَمَا جَرَى النَّوْمُ فِي أجْفَانِ وَطْفَاءِ

كَأنَّمَا النَّوْرُ مَنْشُوراً بِصَفْحَتِهِ

جوَاهر نُظِّمَتْ في جِيد غَيْدَاءِ

يَنْسَابُ كَالفَجْرِ فِي مَجْرَى غَيَاهِبِهِ

وَيَلْتَوِي كَالْتِوَا رقشَاء رقطَاءِ

وَقَامَ للِصْبحِ فِي الآفَاقِ مُنْتَصِرٌ

بِآيَةِ النُّورِ يَمْحُو آيَ ظَلْمَاءِ

فَظَلَّ يَنْعَى الدجَى في لَيْلِ مُخْتَطِبٍ

بِحُلَّةٍ مِنْ سَوَادِ الرّيشِ دكْنَاءِ

كَرَاهِبٍ فِي أعَالِي الدّير مجتهدٍ

بقَرْعٍ نَاقُوسِهِ فِي جُنْحِ دَهْمَاءِ

كَأنَّمَا صَوْتُهُ إذْ نَاحَ صَوْتُ شَجٍ

مُتَيَّمٍ لِفَراقِ الأهْلِ بَكَّاءِ

أحْنَتْ لِتَغْرِيدِهِ أهْدَابُ مُقْلَتِهِ

فَخِلْتُهُ أذُناً تُصْغِي لأنْبَاءِ

وَالجَو شَمَّرَ أفْرَاسَ الرّيَاحِ فَمَا

أجْرَى سَوَابِقَهَا فِي حَلْبَةِ المَاءِ

وَزَاجِرُ الرعْدِ يَحْدُو نُجْبَ سَارِيَةٍ

بِسَوْطِ بَرْقٍ إلَى فَيْحَاءَ زَهْرَاءِ

وَالْغُدْرُ جَعَّدَهَا كَف النَّسِيم كمَا

تَجَعَّدَتْ عِكَنٌ فِي عطْفِ وَطْفَاءِ

وَنَشْرُ طَيّ الربَى يَرْوِي التَّضَوعَ عَنْ

مَوْلاَي عُثْمَان فِي أنْحَاءِ أرْجَاءِ

مَوْلىً غَدَتْ تَحْذِف الأمْوَالَ رَاحَتُه

حذفَ الإضَافَةِ تَنْوِيناً بِأسْمَاءِ

رَاعَى النَّظِيرَ وَقَدْ جَازَ السُّهَى بِخُطىً

تُقْصِي السِّمَاكَ وَلَمْ تَعْبَأ بِعَوّاءِ

وَطَابَقَ الوَصْف فِيهِ كُلَّ مَنْقَبَةٍ

بِبَثّ مَكْرمَةٍ أوْ حَسْمِ بَلْوَاءِ

قُلْ لِلَّذِي قَاسَ بِالأنْوَاءِ نَائِلَهُ

أخْطَأتَ إذْ قِسْتَ طُوفَاناً بِأنْوَاءِ

قَدْ تَوَّجَتْهُ مَعَالِيهِ بِتَاجِ هُدىً

وَمَنْطَقَتْهُ يَدُ الْعَلْيَا بِجَوْزَاءِ

وَدَبَّجَتْ رَاحَةُ الحُسْنَى لَهُ حُلَلاً

أبْهَى وَأبْهَرَ مِنْ تَدْبِيجِ صنعاءِ

يسمو بِكَفّ عَلَى الرَّاجِينَ حَانِيَة

جُوداً وَطَرْفٍ على العَلْيَاءِ رَنَّاءِ

بِهِ اسْتَقَرَّتْ هضَابُ المُلْكِ وَاتَّسَعَتْ

أفْنَانُهُ فِي رُبَى عزّ وَعَلْيَاءِ

ذُو الجُود وَالبأس فِي يَوْمَيْ نَدىً ورَدىً

كَالغيم يَهْمِي بِضَرَّاءٍ وَسَرَّاءِ

سَهْلُ السَّمَاحِ أسِيلٌ فِي حماسته

كَالْعُودِ يَجْمَعُ بَيْنَ النَّارِ وَالمَاءِ

فِي كَفِّهِ قَلَمٌ فَصْلُ الخِطَابِ غَدَا

مُبَرَّأ مِنْ خَنَا غَيّ وَفَحْشَاءِ

يُلْقِي عَلَى الطِّرْسِ أشْيَاءً مُغَيَّبَةً

كَأنَّهُ قَدْ تَلَقَّاهَا بِإيحَاءِ

يَمُص رِيقَةَ ثغر النّونِ من ظمإٍ

كَأنَّمَا هُوَ مَوْسُومٌ بحلواءِ

إنْ جَادَ أغْنَى بجُود غَيْرِ مُمْتَنِعٍ

أوْ قَالَ أبْدَى مَقَالاً غَيْرَ خَطَّاءِ

طَابَتْ بِفَحْوَاهُ أفْوَاهُ الروَاةِ فَمَا

عَرْفُ القرنْفل أوْ عَرْفُ الخُزَاماءِ

مُرَفَّعٌ عَنْ شَبِيهٍ فِي خَلاَئِقِهِ

إذْ عَنْهُ قَدْ عَقِمَتْ أرْحَامُ حَوَّاءِ

إذَا انتضَى سَيْفَهُ وَالنقعُ مُرْتَكمٌ

فَالصبحُ يطلع فِي ديجُورِ لَيْلاَءِ

وَإنْ دَجَى لَيْلُ خَطْبِ الحَادِثَاتِ وَلَمْ

تَبْدُ بِآفَاقِهِ أضْوَاءُ لالآءِ

أضَاءَهُ بِشهَابٍ من عزيمته

وَوَاضِحٍ مِنْ سَديِدِ الرأي وَضَّاءِ

مُظَفَّرٌ بِحسَامٍ فِي الوَغَى دَلِقٍ

مُؤَيَّدٌ بِيَدٍ فِي السلم بيضَاءِ

يَرَى صليلَ الظُّبَى وَالخَيْلُ صَاهِلَةٌ

أشهَى وَأطيب من عُودٍ ومن نَاءِ

ثَبْتُ الجَنَانِ إذَا هَبَّتْ رِيَاحُ وَغىً

يُذْرِي الكُمَاةَ بأِهْوَالٍ وَأهْوَاءِ

كَأنَّ أسْيَافَهُ فِي النقع إذْ لَمَعَتْ

أشِعَّةُ البَرْقِ فِي أكْنَافِ وَطْفَاءِ

إنِ انْتَضَتْهَا أكُف الضَّارِبِين بِهَا

تظنهَا خُلَجاً سَابَتْ بِبَطْحَاءِ

قَوَاضِبٌ خَطَبَتْ بِالنَّصْرِ ألْسُنُهَا

عَلَى منَابر أعْنَاقٍ وَأعْضَاءِ

بِيضٌ بِأيْدِي وُلاَةِ الصّدقِ قد حَصَدَتْ

زَرْعَ الغوَايةِ مِنْ هَامَات أعدَاءِ

طَلْقُ الجَبِين ندي الكفّ تحسبه

كَالزهْرِ فِي الأفْقِ أوْ كالزَّهْرِ في المَاءِ

فَلَيْسَ يَنْفك مِنْ جُودٍ وَمِنْ أمَلٍ

مُكَرَّراً بَيْنَ إصبَاحٍ وَإمْسَاءِ

من معشرٍ أوْقَدَ الرحمنُ نُورَهُمُ

فَكَيْفَ يَطْمَعُ شَانِيهِمْ بِإطْفَاءِ

هُمُ هُمُ القَوْمُ شَدَّ اللَّهُ وطأتَهم

عَلَى العدَاةِ بِبَتَّارٍ وَسَمْرَاءِ

بِأوَّلِ الأمْرِ مِنْهُمْ أوْ بِآخِرِهِمْ

بَرَاهُمُ اللَّهُ أنوَاراً لظَلْمَاءِ

قَوْمٌ إلَى عمر الفَاروق نِسْبَتهم

لذاك عزّوا بِألقَاب واسمَاءِ

شَرَوْا بِأروَاحهم فِي اللَّهِ جَنَّتَهُ

فَاسْتَوْجَبُوا ربحَ اخلاص بِإغْلاَءِ

لاَ يَرْتَجُونَ سِوَى نَصْرِ الإله وَلاَ

يَخْشَوْنَ إنْ أزْمَعُوا تَهْوِيلَ شَنَّاءِ

كَأنَّهُمْ وَعُيُونُ اللَّه تَكْلَؤُهُم

أقْمَارُ دَاجِيَةٍ أوْ صِيدُ هَيْجاءِ

يَؤُمُّهُمْ فِي صَلاَةِ النَّصْرِ أعْلَمُهُمْ

بِالفَتْحِ وَالنَّصْرِ فِي خَتْمٍ وَإبْدَاءِ

هِزَبْرُ حَرْبٍ يَصُونُ المُلْكَ مُرْهَفُهُ

وَرُبَّ كنْزٍ غَداً يُحْمَى برَقْشَاءِ

يَا مَالِكا أيَّدَتْ تَصْوِير منطقه

عِنْدَ القِيَاسِ بَرَاهِينُ الأدِلاَّءِ

رَفَعْتُ جملةَ نَظْمٍ فيك ما انْخَفَضَتْ

بِحّرْفِ مِيمٍ وَلاَ دَالٍ ولا حَاءِ

فَلْتُهْنَ بِالعيد عيدِ الفطرِ إذْ طَلَعَتْ

نُجُومُ إسْعَادِهِ فِي أفْقِ بشرَاءِ

هلاَل شَوَّالِهِ حَيَّاكَ مُبْتَسِماً

كَاللاَّمِ للِدَّالِ أوْ كَالنُّونِ لِلرَّاءِ

فَاهْنَأ بِهِ وَبِأضْعَافٍ تَعِيشُ بهَا

فِي طِيبِ عَيْشٍ وَاجلاَلٍ ونعمَاءِ

وَهَاكَ عَذْرَاءَ نَظْمٍ قدْ زَفَفْتُ بِهَا

لِخَيْر بَعْلٍ يُرَى مِنْ خير أكْفاءِ

جَلَّتْ عَنِ الوَصْفِ إذْ جَلَّتْ صِنَاعتُها

عَنْ قُبْحِ خَرْمٍ وَإقْوَاءِ وَإيطَاءِ

إنْ لَمْ تَكُنْ صنعةُ الأعشى فصانِعُهَا

يَرْوِى عَن ابن هلال شمس لألاءِ

يُنْسِيكَ ثَغْرُ أقَاحِيهَا إذَا ابتسمت

كَمْ مقلةٍ للِشَّقِيقِ الغَضّ رَمْدَاءِ

لا زِلْتَ كَالنجمِ فِي سَعْدٍ وَفي شرف

تُنْشِي الجميلَ وَتُنْسِي حاتم الطائي

ما رَقْرَقَ القَطْر فِي الأغْصَان أدْمُعَهُ

وَمَا رَنَا الزَّهْرُ عَنْ أجْفَانِ وَطْفَاءِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن شهاب الدين الخلوف

avatar

شهاب الدين الخلوف حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Shehab-Al-Din-Al-Khalouf@

401

قصيدة

64

متابعين

أحمد بن محمد بن عبد الرحمن شهاب الدين. شاعر تونسي، أصله من فاس، ومولده بقسنطينة، وشهرته ووفاته بتونس اتصل بالسلطان عثمان الحفصي، وأكثر من مدحه. زار القاهرة أكثر من مرة. ...

المزيد عن شهاب الدين الخلوف

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة