الديوان » العصر المملوكي » شهاب الدين الخلوف » حسر اللثام عن المحيا الأزهر

عدد الابيات : 54

طباعة

حَسَرَ اللِّثَامَ عَنِ المُحَيَّا الأزْهَرِ

فَأبَانَ عَنْ فَلَقِ الصَّبَاحِ المُسْفِرِ

وَرَنَا بِأحورِ لَحظِه لَمَّا انْثَنَى

فَرَأيْتُ أبْيَضَ يُنْتَضَى مِنْ أسْمَرِ

وَاخْضَرَّ آسُ عذَارِ وَرْدَةِ خَدّهِ

فَحَمَاهُ سَالفُهُ بِعَقْرَبِ عَنْبَرِ

وَرَوَى مُبَرَّدُ رِيقِ مَبْسَمِهِ لَنَا

عقدَ الجوَاهرِ عن صحَاحِ الجَوْهَرِي

قمرٌ أبَانَت وجْنَتَاهُ شَقَائِقاً

نُعْمَانُهَا بِالمَنْعِ أصْبَحَ مُنْذِرِي

أصْلُ المِلاَحَةِ فِيهِ فَرْعٌ أسْحَمٌ

قَامَتْ أدلَّتُهُ بِفَرْقٍ نَيِّرِ

يَهْتَز مِنْ مَرَحِ الشَّبَابِ قَوَامُهُ

كَالغصْنِ صُوفِحَ بالنسيمِ السَّحَرِي

فِي أفْقِ وجنَتِهِ المُنيرة كوْكَبٌ

نَادى بِهَا العشاقَ يا للمُشْتَرِي

وَبِثغرِهِ شهدٌ يُنَادِي عَوْفُهُ

يَا أيُّهَا الحَلَوِي يَا ابْنَ السّكَّرِي

مَا زِلْتُ أطْلبُ قُرْبَهُ حَتَّى دَنَا

والصد مِنْ شِيَمِ الظِّبَاءِ النُّفَّرِ

فَحَلَلْتُ جَنَّةَ وَصْلِهِ فَأبَاحَنِي

رِضْوَانُ مبسمهِ شَرَابَ الكَوْثَرِ

ورشفتُ رِيقتَهُ فَشَبَّ بِمُهْجَتِي

لَهَبُ الجَوَى من رَشْفِ ماءِ السكَّرِ

حَيْثُ الصَّبَاحُ أبَانَ صَارمَ نُورِهِ

فَمَحَا بِهِ آيَ الظَّلاَمِ الأعْكَرِ

وَامْتَدَّ مِضْمَارُ الربَى لما انْبَرَتْ

تَجْرِي بِهَا خَيْلُ النسيم الاعطرِ

وَشَدَتْ عَلَى العيدَانِ وَرْقَاءُ الحِمَى

بِلُحُونِ مَعْبَدَ من حصار العكبرِي

وَافترَّ ثغرُ الأقحوَانةِ ضَاحِكاً

لَمَّا بَكَى جَفْنُ الغمَام المُمْطِرِ

فَالغَيْمُ بَيْنَ تَقَشُّعٍ وَتَرَاكُمٍ

وَالشَّمْس بَيْنَ تَبَرج وَتَسَتُّرِ

وَالروض بَيْنَ مُعَصْفَرٍ وَمُوَرَّدِ

والافق بَيْنَ مُمَسَّكٍ وَمُعَنْبَرِ

وَالدوح بَيْنَ مُتْوَّجٍ وَمُشَنَّفٍ

وَالغصن بَيْنَ مُوَشَّحٍ وَمُؤَزَّرِ

والنَّهْرُ بَيْنَ مُزَرَّدٍ وَمُدَرّعٍ

وَالزَّهْرُ بَيْنَ مُدَرْهَمٍ وَمُدَنَّرِ

فِي رَوْضَةٍ لَوْلاَ شذا أنْوَارِهَا

قُلْنَا لآلٍ في بسَاط أخْضَر

حصَباؤُهَا مِنْ جَوْهَرٍ ونَسِيمُهَا

مِنْ عَنْبَرٍ وميَاهُهَا من سُكَّرِ

وَطُيورهَا مَدتْ أكُفَّ دُعَائِهَا

بِبقَا أبي عمرِو المليكِ الأكبَرِ

مَوْلاي عثمَان الَّذِي إنْعَامُهُ

أزْرَى بِسيلِ الشَّاهق المُتَحَدّرِ

ملكٌ لَهُ هِمَمٌ تَرَفَّعَ قدرُهَا

عَنْ هِمَّةِ النعمانِ والإسكندرِ

مُسْتَظْهِرٌ بِظَهِيرَةٍ مِنْ فِكْرَةٍ

تُمْضِي الأمُورَ بِمُظْهَرٍ وَبِمُضْمَرِ

فَإذَا اسْتَنَارَ بِرَأيِهِ مُتَحَيِّرٌ

أهْدَاهُ لِلإرْشَادِ بَعْدَ تَحَيُّرِ

فَهْمٌ أدّق مِنَ النَّسِيمِ وفظنةٌ

رَدَّتْ أقَاصِي الغَيْبِ رَدَّ المُبْصِرِ

مُسْتَكْثِرٌ فِي كُلّ يَوْمٍ سُؤْدَدا

وَمُشَارِفُ الإقْلاَلِ مَنْ لَمْ يُكْثِرِ

سفرَتْ لَنَا آثَارُ دَوْلَةِ مُلْكِهِ

عَنْ وَجْهِ بدرٍ بِالكمَال مُنَوَّرِ

ذُو هِمَّةٍ رُفِعَتْ بِإسْمٍ ظَاهِرٍ

نُصِبَتْ لَهَا العَلْيَا بِفِعْلٍ مُضْمَرِ

غَيْثٌ نُرَجِّيهِ وَيُرْهَبُ بأسُهُ

وَلَرُبَّ غَيْثٍ بِالصّوَاعِقِ مُمْطِرِ

فَإذَا العَدُو طَغَى سَقَاهُ عَلْقَماً

وَإذَا الوَلِي دَعَا حَبَاهُ بِسُكَّرِ

يَا مَنْ يُقَصّرُ إذْ يَرومُ لَحَاقَهُ

هَلْ نِسْبَةُ الأعْرَاضِ مِثْل الجَوْهَرِ

مَنْ ذَا يُضَاهِي البَدْرَ حَالَ تَمَامِهِ

أوْ مَنْ يَقُولُ الذّئْبُ مِثْلُ القَسْوَرِ

شَرُفَتْ مَعَانِيهِ فَلَيْس لِوَصْفِهَا

حد فَيُعْرِبَهُ لِسَانُ المُخْبِرِ

مِنْ معشرٍ كَرُمَتْ عشَائِرُهُمْ لِذَا

حَازُوا العُلا أكْرِمْ بِهِمْ مِنْ مَعْشَرِ

كَرُمَتْ أصُولُ فَخَارِهِمْ شَرَفاً وَقَدْ

طَابَتْ فُرُوعُهُم لِطِيبِ العُنْصُرِ

عَزَمَاتُهُمْ بِيضُ الصَوَارِمِ إنْ دَجَا

خَطْبٌ وَأيْدِيهِمْ غِمَارُ الأبْحُرِ

قَدْ صَحَّحُوا فِي الحربِ سُمْرَ رماحهم

فَإذَا انْبَرَتْ لِلْحَرْبِ لَمْ تَتَكَسَّرِ

الطَّاعِنِينَ النَّحْرَ وَهْوَ مُمَنَّعٌ

وَالضّارِبِينَ الهَامَ تَحْتَ العثْيَرِ

وَالسَّائِسِينَ الملكَ لاَ آرَاؤُهُمْ

تُخْطِي وَلاَ مَيْسُورُهُمْ بِمُعَسَّرِ

لَوْ لَمْ يَخَافُوا تِيهَ سَارٍ نَحْوَهُمْ

وَهَبُوا النُّجُومَ مَعَ الصبَاحِ النَّيِّرِ

فَبِأيّ جُودٍ لَمْ تَفِضْ أيْديِهم

أمْ أي جَبَّارٍ بِهِمْ لَمْ يُقْهَرِ

حُزْتُمْ بَنِي الفَارُوقِ فِي عليائكم

شِيَماً كَرُمْنَ وَأنْعُماً لَمْ تُكْفَرِ

فَلْيَهْنَكُمْ فِي الدَّهْرِ أن جيَادكم

سَبَقَتْ إلَى أمَدِ العُلَى وَالمَفْخَرِ

وَلْيَكْفِكُمْ مَجْداً بأن لِبَيْتِكُمْ

شَرَفاً يَفُوقُ سنَاه نُورَ النَّيِّرِ

يَا بْنَ المُلُوكِ الشَّائِدِينَ حِمَى الهُدَى

بذَوَابِلٍ سُمْرٍ وَبِيضٍ بُتَّرِ

قَدْ أعْطِيتْ تَرْشِيشُ مِنْكَ نهايةَ ال

لحظّ المقَوَّمِ وَالنصيب الأوْفَرِ

وَأعَدْتَ فِينَا سيرَةً عُمَرِيَّةً

أضْحَتْ تَتِيهُ عَلَى جَمِيعِ الأعصُرِ

عَلِقَ الرَّجَا بِحِبَالِ جُودِكَ إذ غدا

كَهْفَ المُقِلَ وَعُدَّةَ المُتَحَيِّرِ

مَا بَعْدَ دِيمَتِكَ الرَّوِيَّةِ دِيمَةٌ

بَشْكُو لَهَا ظَمَأ لِسَانُ المُقْتِرِ

لِلَّهِ كَمْ لَكَ مِنْ يَدٍ مَأثُورَةٍ

عِنْدِي وَكَم لَكَ مِنْ نَدىً مُسْتَغْزَرِ

فأسلمْ أمِيرَ المُؤْمِنِينَ مُسَرْبَلاً

سربَالَ مَنْصُورِ اليَدَيْنِ مُظَفَّرِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن شهاب الدين الخلوف

avatar

شهاب الدين الخلوف حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Shehab-Al-Din-Al-Khalouf@

401

قصيدة

64

متابعين

أحمد بن محمد بن عبد الرحمن شهاب الدين. شاعر تونسي، أصله من فاس، ومولده بقسنطينة، وشهرته ووفاته بتونس اتصل بالسلطان عثمان الحفصي، وأكثر من مدحه. زار القاهرة أكثر من مرة. ...

المزيد عن شهاب الدين الخلوف

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة