الديوان » العصر المملوكي » شهاب الدين الخلوف » سلوا النار عما شب بين الأضالع

عدد الابيات : 378

طباعة

سلوا النار عما شب بين الأضالع

ولا تسألوا عما جرى من مدامع

وإن شئتم ذكرى حبيب ومنزل

فليس سوى ما في حواشي أضالع

وإن رمتم شرح الغريب لتعلموا

نتائج فكري من قضايا وقائع

فأصل بلائي من قدود نواعم

ومنشا سهادي من عيون هواجع

وما أنا في العشاق أول مبتد

ولا أنا في الأشاق آخر تابع

أملاك رقي أنتم الداء والدوا

فما لكم لا تبرئون مواجعي

أخذتم فؤادي واطرحتم بقيّتي

فما ضركم أن لو أخذتم مجامعي

وقد أهلكت نفسي الأماني وأيتمم

بنيات طرفي واسترقت مطامعي

ولما حجبتم عن عيوني شهدتكم

بعين فؤادي في ذوات مسامعي

وحين جفا نومي عيوني لسهدها

تجافت جنوبي فيكم عن مضاجعي

وقد زاد نيل الدمع في مص وجنتي

أشير له عند الوفا بالأصابع

وحيث أطير العقل واستوقع الحشا

شكوت لكم من طائر خلف واقع

أبي الحب إلا أن يكون كما يشا

حريق صبابات غريق مدامع

ومن لي بأن يرضى بذاك وليتني

أفوز بما يرضاه من كل واقع

وقال عذولي أنت في الحب مدعي

فهل لك في إبطال دعوى المنازع

فاثبت دعوائي على رغم أنفه

وجئت بما لم يأت فيه بدافع

وما لي شهود غير سقمي وأدمعي

وهل لشهود في الهوى من مدافع

وجدت الهوى دعوى فأبذلت مهجتي

وأرسلت دمعي واجتنبت مضاجعي

وماذا عسى أن يبلغ الصب في الهوى

سوى أن تواريه لحود المصارع

فيا مهجتي ذوب أسى وتفجعا

فإن فؤادي للمبتلي غير جازع

ويا مقلتي سحي دما ومدامعا

فإن جفون الصب غير موانع

ألا في سبيل الحب قلبا وناظر

تركتهما ما بين خاش وخاشع

هما اقتسما ما حل بي وتعاهدا

على أن يكونا بين دام ودامع

لييلة أقصتني لييلي وقد سرت

على أورق يدني لها كل شاسع

فودّعتها رغما وأودعتها إلى

كريم حيفظ لم يضيع ودائعي

كتمت الهوى عنها فأشته حالتي

ونم به واشي العيون الدوامع

ولولا الجوى والدمع والسهد والضنى

لما كان سري في هواها ذائع

تقاطع مضنى لم تزره فنادها

فديتك زوري ثم من بعد قاطعي

فما الحب إن يصدقه فيك بكاذب

ولا القلب إن يتلفه فيك بضائع

مهاة تثنى قدها فحسبها

هلالا على غصن من البان يانع

رنت عن عيون سطرت لي حروفها

مصارع عشاق وذكرى وقائع

وبشرني إذ خط في الرمل شعرها

براية فرح أيدت سعد طالع

لها ناظر ماضي الولاية شاهد

بتوحيد معنى حينها عن مضارع

يصون كنوز الحسن عنا ببيضه

فيا لكنوز طلسمت بموانع

وناضر خد قد سبى كل ناظر

وغنت بلفظ أطربت كل سامع

وفرع روى ع ليله كل حالك

وبرق روى عن صبحه كل ساطع

تزور تسري في ليال ذوائب

وأنجم إفراط وسحب براقع

بأعطاف أغصان ومفلة شادن

ووجنة بستان وأنفاس ضائع

توابع حسن أكد النعت عطفها

بلا بدل يا حسنها من توابع

وما هي إلا الشمس ألقت شعاعها

على سطح قلبي فاهتدى للمطالع

وما غربت إلا وأبدت صفاتها

بدور أمدت بالسنا كل طالع

أضاعت فؤادي إذ به خيم الهوى

على أن ودّي فيها ليس بضائع

أيا عرب الوادي ويا بان روضة

ويا ناظر الرائي وسمع المسامع

عتبتم ولا والله لم أك ناقضا

عهودا مضت بين اللوى والأجارع

ولا والهوى أسلو هواكم ولو سقى

فؤادي بأكواس السموم النواقع

وكيف بأن أسلو هواكم وقد غدا

به القلب في إبان سقي المراضع

وخلتم بأني قد طمعت بسلوة

وقد سد والي الحب باب المطامع

وقلتم تهنت بالمنام عيونه

وكيف ينام اللي لحلف الفجائع

أيا راكب الوجناء أرسل زمامها

وأقل بمشط الخطو فود البلاقع

وإن جئت سلعا قف وسل عن أهله

أبا السفح قالوا أم سروا للمصانع

وسربي بسري امتطوا صبوة السرى

وصح بي فصحبي خلفوا كل ضالع

ونح بي فنحبي حاز إذ حرروا النوى

وقل بي فقلبي شارة غير جازع

وإن جئت جز عامل وجز عن يمينه

وسارع إلى الوادي وشع كل لامع

ويمم حمى ليلى وخيم ببابها

وسل عن شفا البلوى فتى أم نافع

ومرغ أعالي الوجه في صفحة الثرى

وقبل بثغر الدمع خد المرابع

ولازم لباس الذل في باب عزها

ومد إلى حبارها كف خاضع

فقد يرحم المولى إذا ذل عبده

وتجري سفين الأمن نكب الزعازع

أما والذي عمت سحائب فضله

جميع الورى من كل عاص وطائع

لقد شيبت بالحجاز حمامة

على فتن من يانع البان فارع

كما ذكرتني بالعذيب وبارق

بروق ثنايا من غمام يراقع

أيا عصبة الشواق بالله عرجوا

على سرحة الشاطي الأنيق المرابع

وقوموا اقبسوا من طور احشائي جذوة

بها اقتبست نار الهوى من اضالع

وعوجوا على النادي لتسقوا مدامعا

بها نشأت هطل الهوى في الهوامع

وإن شئتم برقا فمن قلب هالع

وإن خلتم سيلا فمن دمع ضارع

ومهما سمعتم للسواجع أنه

فذاك انيني لا أنين السواجع

وإن جزتم الوادي المقدس فاكشفوا

لثام الحيا واجنوا به كل رائع

إلا ليت شعري هل أرى أبرق اللوى

فتسكن روعاتي وتهدى مضاجعي

وهل أقطع الوعسا إلى رابع الذي

حباني به الأحرام حل المرابع

وهل لي خلاص في خليص واجتنى

بعسفان أو في مرو خصب الموارع

وهل لي اعتمار من مساجد من سمت

بتنزيهها عن إفك أهل الشنائع

وهل أغنم التقبيل في الحجر الذي

تبوا منه العهد أحصن مانع

وهل لي بالبيت العتيق تطوف

وأبسط عند المدعي كف ضارع

وهل لي في الركن اليماني موقف

ويسعد بالركن الشامي طالبي

وهل لي في وسط المقام تركع

وألزم عند الحجر حالة خاضع

وهل لي سعي بين مروة والصفا

فيصفو به تكدير قلب مخادع

وهل لي مقيل في الحطيم وزمزم

فيخصب مرباعي ويصفو مشارعي

ويا هل أقيم في مسجد الخيف ليلة

ليأمن قلبي من مهول فظائعي

وهل يا أهيل السفح لي موقف على

علا عرفات يوم نيل المطامع

ويا ليت شعري هل أرى المشعر الذي

يكون شعاري فيه إشعار خاضع

وهل في منى التحليق أستمطر المنى

وأرمي لتقصير جمار مدامعي

وهل أرى بدرا في حنين مزملا

وأذهب بالصفرا صفرا وجائعي

وهل لي في واد الغزالة مرتع

وأقنص من غزلانها كل راتع

وهل لي على سفح المفرح وقفة

فيفرح بلبالي وتبرا فجانعي

وهل لي انتشاق من نواسم طيبة

فتكرم أنفاسي وتزكو طبائعي

وهل لي استماع من بلابل دوحها

فتنعم أبصاري ويلتذ سامعي

وهل لي بها قرب ولو عمر ساعة

ومن لي بوصل لم يشب بقواطع

وأدخل من باب السلام مسلما

على خير قبر ضم خير أضالع

وأذكر عهدا قد تقدم بالحمى

وعصرا تقضى بين تلك المرابع

مرابع أقمار وسرح ربا رب

وروضة أزهار وأيك سواجع

ومشكاة مرتاد ومنجاة هالك

وفقعة منحط ووصلة قاطع

ومنقذ مأسور وثروة مقتر

وسلوة محزون ومأمن جازع

ومنبع عرفان ومظهر حكمة

ومهبط قرآن ومسجد راكع

وبهجة غرسال وقطب وزارة

وكنز صحابي وعمدة تابع

وإن كان فيه عاذلي غير مبصر

فإني إلى تضليله غير سامع

وإن كان فيها مالك الحب نافعي

فإن مديحي أحمد الرسل شافعي

رسول براه الله من فيض نوره

فمدّت بأضواه شموس المطالع

رسول الله براه من قبل آدم

وأظهره من بعد أهل الشرائع

رسول به شيت وإدريس أصبحا

جليسي جلال في أجل مواضع

رسول به نوح وهود وصالح

كفوا ووقوا من شر أهل البدائع

رسول به لوط نجا وبجاهه

كفاه إله العرش بؤس الفظائع

رسول به ناجي الخليل وباسمه

كفي الحق اسماعيل قطع الأخادع

رسول به إسحاق أصبح آمنا

وصار أبا للأنبياء الشوارع

رسول به يعقوب قد عاد مبصرا

وكان فقيد الاتصال القواطع

رسول به الصديق حاز ملاحة

بها قطع الغادات رخص الأصابع

رسول به موسى وهارون أيدا

ويوشع والأسباط زهر المطالع

رسول به داود عز وباسمه

سليمان لم يبرح سعيد الطوالع

رسولبه أيوب قد زال ضرّه

وذو النون عوفي من جوار الضفادع

رسول به ذو الكفل لم يخش كائدا

ودان لذي القرنين كل ممانع

رسول به إلياس والخضر توجا

بتاجي بقاء وارتقاء مطالع

رسول به زكى شعيبا إلهه

وبرّأه من نقص كيل البضائع

رسول به لاذ العزيز فلم يخف

مقاله أهل الشرك أهل الشنائع

رسول به يحي الحصور ارتقى علا

جليل المباني مستقاض المنابع

رسول أتى عيسى المسيح مبشرا

بمبعثه الآتي بنسخ الشرائع

رسو لبه قد بشر الرسل كلهم

توابعهم أكرم بهم من متابع

رسول به لاذ النبيئون فارتقوا

على شامخ العز الجليل المرافع

رسول به بدر السما انشق مثلما

ببدر له قد شق قلب المخادع

رسول له قد مال ظل بحيرة

كما قد وقته السحب حر السوافع

رسول أعاد الشمس بعد غروبها

وأوقفها للعير وقفة خاضع

رسول أعاد الجدل في وسط كفه

حساما حديد المنتضى والمقاطع

رسول عليه الوحش صلى وسلمت

عليه أثيلات البقاع البلاقع

رسول أعاد العين بعد ذهابها

وأرسلها قطرا لسقي المراب

رسول به لاذ البعير فلم يخف

ورقي من شر القواضي القواطع

رسول تردى العدل والفضل فاتدى

نوالا لمحتاج وعز الخاضع

رسول دعته في الحبائل ظبية

أجزئي من التحيبل يا خير شافع

فإن ورائي رضعا قد تركتهم

وأكابدهم حر الفقد المراضع

فإن عشت عاشوا مخصبين وإن مت

فيا موتهم شرا بأدهى الفجائع

فمن بعتقي كي أروي كبودهم

وأرجع للصياد رجعة طائع

فناداه سرحها فإني ضمينها

وحسبك من خير مواساة جائع

فأفرح عنها فاغتدت ثم عاودت

تسير إلى الصياد سير مسارع

فناداه يا مختار هل لك حاجة

فقال له الاطلاق من غير مانع

فقال اذ هبي يا ظبية القاع وافخري

بشأنك ما بين الظباء الرواتع

رسول أتى جبريل يدعوه للعلا

فأركبه متن البراق المطاوع

وما استصعب الميمون إلا لحكمة

بها بان فخو المصطفى ذي الشفائع

وسار وجبريل وميكال تاليا

كما سار بدر بين نجمي مطالع

وسار به من مسجد الأمن قاصدا

إلى المسجد الأقصى الزكي المرابع

وصلى بأملاك الإله ورسله

فيا عز متبوع ويا فوز تابع

وقام ارتقى المعراج حتى انتهى به

لى أول الأفلاك ثم لسابع

إلى السدرة القصوى لكرسي ذي العلا

إلى فلك العرش البديع الصنائع

وسايره جبريل حتى إذا انتهى

إلى الحجب نادى جز لحضرة رافع

فهذا مقامي يا حبيبي فسر إلى

مقام كريم وافر الظل واسع

فسار إلى أن جاوز الحجب وارتقى

إلى مشهد جم المكارم جامع

فكبر إجلالا فناداه ربه

صدقت أنا الأعلى بغير منازع

فدس بسط إكرامي بنعلك وارتقب

شهود جلال دون ستر ممانع

وشاهد جمالي وادن منى فإنني

أنا الله باري الكون منشي الطبائع

فداس بساط العز بالنعل وارتقى

على رفرف غض الجوانب يانع

وشاهد وجه الحق جهرا بعينه

لدى حضرة التقديس من غير مانع

وأدناه يا عبدي خصصت برؤية

بها سدت في الدارين أهل الشرائع

محب هو المحبوب لا شيء غيره

سوى كاس قرب لم يشب بقواطع

وأوحى الذي أوحى إلى عبده لذا

دعته العلايا خير راء وسامع

سعى سعي مقبول لوجهة ربه

فعادت به الخمسون خمسا لراكع

وعاد قرير العين في حفظ ربه

لمجعه والليل ضافي الوشائع

وأصبح ينبي أهل مكة بالذي

أفيض عليه من بديع البدائع

ليمناه آيات بها سبح الحصى

وفاض بها ماء نشا عن أصابع

رسول أراد الله إظهار دينه

فايده بالدامغات القواطع

ففي الذكر والإنجيل والصحف كم بدت

وفي اللواح والتوراة آي لقانع

وفي نزع ما في قلبه بعد شقه

اعتبار لبيب خانع غير خادع

وفي بيعة الرضوان كم راض جامحا

وتوح بالرضوان كل مبايع

وفي الضب والصياد والشاة والضبا

وفي الذئب والمولود دمغ المدافع

وفي الشعب والثعبان والريح والحيا

وفي السوط والعرجون قطع المنازع

وفي الفحل والأشجار والترب والحصى

وفي العذق والأحجار قرع المسامع

وفي الجذع والتفجير رشد لمبصر

وفي الوحي والأخبار آي ليسامع

وفي السقي والإطعام والصاع والعبا

نكال لظلال نوال لتابع

وفي الصوم والإحياء لاحت مظاهر

تؤيدها اسرار كتب جوامع

وفي حال كسرى والنجاشي شواهد

تنوء بوصفي واصل ومقاطع

وفي خزي رأس الكفر عمر وحزبه

دنوا أولي التقوى القيام الرواكع

وفي قرب سلمان وبعد أبي لظى

وزوجته تاييد كل متابع

وفي شأن مولاه بلا غرائب

كشان صهيب مع يسار ورافع

وفي غورث إذ جاءه وفاضلة

وشيبة إعلام بكشف المخادع

وفي وفد زيد الخير وابنة حاتم

ووفد أخيها ما تلي في المجامع

وفي نطق أصنام وجن ببعثه

وفي كف أزلام قراع المقارع

وفي حجب علم الغيث من كل مارد

وإحراق من ألقى له بالمسامع

وفي عنز ثوبان وشاة أم معبد

وفي حائل المقداد ري لكارع

وفي الليث لما أن أطاع سفينة

وفي البدنات الخمس أعظم رادع

وفي برء عيني حيدر يوم خيبر

ونصرته بالرعب أقوى الروادع

وفي ناقة أدت إليه شهادة

وفي طرف بحر كم أرى من بدائع

وفي ليلة الميلاد لاحت شواهد

بها أخبر الكهان سيف التتبا

ولاحت قصور الشام حتى كأنها

سماء تجلت عن نجوم طوالع

وهز لها إيوان كسرى مسرة

لإظهار نور من سنا الحق ساطع

وأخمند من نيران فارس جمرها

وقد غيض من ساوى أصول المنابع

وأنباء الكهان عنه عجائبا

كقس وشق والسطيح وشافع

وباهت به إذ أرضعته حليمة

لذلك عزت بين كل المراضع

إذا هجعت عيناه لم يلف قلبه

سوى يقيط مستبصر غير هاجع

تكون من نور فلا ظل إن مشى

ولا الطير إن يبدو عليه بواقع

تكون من نور فلا ظل إن مشى

ولا الطير إن يبدو عليه بواقع

ضليع فم أقنى أزج ملح

شهيّ اللمى والثغر حلو المنازع

كحيل لحاظ أزهر اللون أبيض

الطلى سائل الأطراف فخم الأضالع

جميل الميحا بادن متماسك

شنيب الثنايا مستطيل الأصابع

مليح فصيح أهيف القد باسم

عن الدر أو عن مثل حب الهوامع

سري زكي كامل الذات طيب

نقي تقي واصل غير قاطع

بشير نذير صادق القول مرسل

سراج منير مانح غير مانع

عصام اليتامى ري من جاء ظامئا

ثمال الأيامي مستغاث الجوازع

مطاع مكين عند من صير اسمه

ينادى به مع إسمه في الصوامع

هو الشافع المقبول إن ضجت الورى

من الموقف الضنك الشديد الهيازع

تراهم سكارى هائمين وماهم

سكارى ولكن لالتهاب اللذواع

ففل ينادي لست ذاك وإنني

لفي شاغل عن صحبي ومتابعي

يؤمّون بالشكوى أبا الناس آدم

فمن دونه شافع بعد شافع

إلى أن يوافون المسيح ابن مريم

فيدفعهم للأرفع المتواضع

فيأتونه يدعونه يا محمد

أجرنا وهم بين باك وضارع

يقول نعم سمعا وطوعا أنا لها

أنا المصطفى خير الورى ذو الشفائع

ويأتي لساق العرش يسجد تحته

ويبسط للرحمن راح خاشع

ويدعوه يا وهاب هب لي شفاعة

تعم الورى ما بين عاص وطائع

فإني موعود بها قبل نشأتي

ووعدك حق يا حفيظ الودائع

فيدعوه مولاه أقم راسك الذي

غدا بين سجاد لعزي وراكع

وقل ما تشا يسمع وسل ععط واشفعن

تشفع فأنت اليوم أوجه شافع

سأقسم هذا اليوم شطرين بيننا

ليأمن فيه من لظى كل جازع

فأنت تنادي يا إلهي شفاعتي

وأدعو أنا الرحمن غوث المطامع

فمن ذا يضاهيه وكل مشفع

يلوذ بعلياه لهول القوارع

ومن ذا يناويه وأملاك ربه

ترض عداه في لظى بالمقامع

ترى الرسل يوم الدين تحت لوائه

وحسبك أن أضحى إمام الشوافع

وأول من ينشق عنه ضريحه

إذا أمر الباري برد الودائع

تواضع للمخلوق إذ عز قدره

تواضع مولى لا تواضع ضارع

وأروى بعقب الماء ألفا ونصفها

كما بصواع قد كفى ألف جائع

وأنبأه لحسم الذراع بسمه

وأبدى له بعفور طاعة سامع

وأوما إلى الأصنام في فتح مكة

فلم يبق منها قائم غير واقع

وأخبر أهل العير عن كنه حالها

وعن ناقة ضلت بواد متالع

وحد ببدر للعداة مصارعا

فلم يخطئوا عن ورد تلك المصارع

واوسع أهل الجهل علما وحكمة

وأبدى لأرباب الجفى حلم خالع

ووافته في يوم الجلاد ملائك

تذود العدا عن حزبه بالمقارع

وصارت له الخضراء طهرا ومسجدا

وحل له ما لم يحل لشارع

وأيد بالذكر الحكيم الذي حوت

فواصله ما في جميع المجامع

تضمن ما في الكتب والصحف متنه

وأنزل تبيانا لكل الوقائع

يبشر أبرارا بتتويج هامة

وينذر فجرا بضرب المقامع

ويكشف إبهاما بتأييد مبصر

ويتحف إفهاما بتسديد سامع

ويعجز أفكار الخلائق وصفه

ولول أنهم جاءوا بأبدع بارع

له الحوض يوم العرض يروي من الظما

وناهيك من حوض شهي المكارع

حمى بيضة الإسلام في عش وكرها

بسمر رشاق أو ببيض قواطع

وصان حماه من حسود وكائد

بخدام يمن من رماح ورافع

معانيه قد جلت فلم تحص كثرة

كذاك معاليه سمت عن متابع

ومن ذا يعد النبت والرمل والقطا

ويحصي الحصى أو يحص ذات المراضع

فيا له من معجزات خوارق

ويا ماله من بينات بدائع

فمن آيه إعلام ما هو كائن

وإخباره بالغيب عن كل واقع

ومن آيه إعطاء سلمان بيضة

من التبر فاستوفت حقوق المقاطع

ومن آيه أن رد عين قتادة

وشق خبيب بعد قصم الأضالع

ومن آيه أن ردّ رجل ابن أكوع

وكف ابن عفرا بعد قطع الأصابع

وقائع أشجى وقعها مهج العدا

وكم نعم في طي تلك الوقائع

تملك رق الجود واستخدم الحيا

فمن يأت ذا ضر يجد خير نافع

صراط هدى يقضي على الجور عدله

بسوط عذاب من يد الحق قارع

وسيف انتقام إن دجى ليل جامع

وغيث انتفاع إن أضا صبح طالع

إذا جاد فالطوفان جرعة شارب

وإن مال فالأرضون راحة جارع

هزبر وغى خاض الوغى بسوابح

كنبل قسيّ أو كصلد مدافع

فمن أحمر قان وأدهم حالكٍ

وأشقر وردي وأصفر فاقع

وأبلق وضاح وأشهب ناصل

وأخضر داجي وأبيض ناصع

طوالع من ليل الغبار كأنها

نجوم رجوم أو رياح زعازع

تعاف حياض الماء إن أضرم الوغى

فلا ورد إلا من دماء الأخادع

بهذّبها بالكر كل مجاهر

بسلب حياة القرن غير مخادع

بيوم وغى يحمي الثرى عين شمسه

ويطلع فيه زهر سمر شوارع

إذا شمّرت عن ساعدها الحرب واغتدت

وزّرت على الطغيان أو زار خادع

وأضرمت البيض الحداد سعيرها

وصانت حماها بالطول الفوازع

وأثقلها حمل السلاح وجاءها

مخاض فجاءت بين موف وواضع

ونادى مناديها هلموا وسارعوا

إلى جامع الحرب المهول المصارع

أقام صلاة الحرب قائم سيفه

فمن ساجد من خوفه خلف راكع

وهبّت رياح النصر تحت لوائه

وخاض بسفن الخيل بحر المعامع

وذاد تبوس الغي عن ورد رشده

ذياد المطايا عن عذاب المشارع

وقلدها عقدا بطعن كأنه

موانع ألحاظ بأحشا زعازع

ومزّق أحشاها وقصّ جناحها

وقدّ عراها بالسيوف القواطع

فلا رأس إلا تحت حافر سابح

ولا زند إلا وهو في كق قاطع

فسل عنه بدرا أو حنينا أو طائفا

وخندق والبطحا وأرض متالع

وسل أحدا أو سل مريسع أو فسل

قريظة والأحزاب أهل الوقائع

تجده على الأصحاب وابل رحمة

ولكن على الأعداء سوط قوارع

يقود أسودا فوق جرد كأنهم

صواري انتقام في متون قرائع

يروعون من تحت الدروع كأنهم

ضراغم في أثواب رقط لواسع

إذا أنعموا قلنا غيوث مكارم

وإن نقموا خلنا ليوث وقائع

ومهما دجى ليل الوغى أظهروا به

نجوم بلاء في سماء بلاقع

رجال وفوا لله ما عاهدوا به

فهم أهل صدق بين باد وتابع

تجار شروا رضوانه بنفوسهم

يرون التقى والبر أشنى الصنائع

ليوث مجالات غيوث سماحة

بحور كرامات عيون طلائع

رياح مسرات صفاح تجالد

نجوم هدايات رجوم زوائع

أماثل أنجاد معاقل سؤدد

أفاضل أمجاد صدور مجامع

فمن مثل شيخ الصدق والزهد والتقى

أبي بكر الصديق عين الطلائع

ومن يشبه الفاروق نجم الهدى الذي

جلا بحسام الحق ليل البدائع

ومن مثل ذي النورين كنز الحيا الذي

به جمع القرآن أهل الجوامع

ومن مثل باب العلم حيدر من غدا

سريذ مقامات هزبر وقائع

ومن مثل سعدية وطلحة أو

الزبير ثم ابن عوف في علا وتواضع

ومن ذا يضاهي عامرا في أمانه

وعميه أو سبطيه زهر المطالع

ومن يشبه الأصحاب والآل إذ بدا

لهم سيف برهان من الحق قاطع

ومن مثل زوجات شرفن به على

جميع النساء ما بين بكر وواضع

فمن مثلهم أو من يداني محلهم

وهم خير أصحاب وخير توابع

ومن ذا يوفي وصفهم بعدما بدا

مديحهم في ضمن آي صوادع

بصحبته امتازوا وعزوا بجاهه

فهم سحب أنداء وشهب موانع

ولم لا وقد سادوا بصحبة من علا

على الرفرف العالي السعيد الطوالع

محمد المحمود عند إلهه

فلاغروا إن أضحى حميد المهايع

هو الشمس لا والله بل منه وقد غدت

تمد بأنوار زواه سواطع

هو البدر بل أسناه ولولاه ما جرت

جواري انتفاع في مجاري منافع

هو الغيث بل أندى من الغيث راحة

إذا لمسته للندى كفّ طامع

هو الليث بل أعدى من الليث سطوة

إذا ما اعتدت صيد الخطوب البواقع

هو النقطة الأولى التي امتد خطها

إلى أن نشت عنها خطوط الطوالع

هو الرحمة العظمى التي عم نفعها

جميع الورى ما بين دان وشاسع

هو العروة الوثقى التي ما تمسكت

بها راحة إلا اكتفت شر قاطع

هو الآية الكبرى لمن كان مبصرا

صنائع إعجاز وقدرة صانع

هو المقصد الأسنى هو السور والمنى

هو الغاية القصوى لقمع المقارع

هو الغوث فالجأ للكريم بجاهه

تجد خير جواد وأكرم شافع

كريم طباع لم يخيب مؤملا

وهل خاب من يرجو كريم الطبائع

أيا كم كفى ظلما ورد ظلامة

وشد على باغ ورق لضارع

وكم عاهة أبرى بتفلة ريقه

كما رد ملح الماء عذبا لكارع

وكم قد جلا فقرا ونفس كربة

وخيب ذا بغي وجاد لطائع

وكم فك مأسورا وقيد عاديا

وقام بمسكين وباهي بخاشع

وكم بر واستوصى وبناهل وازدهى

ببر وصوام وتال وراكع

ولم يأل جهدا في عبادة ربه

إلى أن علافي عدن أعلى مرافع

أيا غافلا عما يراد به انتبه

وراجع إلى التقوى وبادر وسارع

وإياك أن تغريك دنياك بالبقا

فما هي إلا مثل أحلام هاجع

فما الناس إلا لاحق بعد سابق

وما هم إلا طائر بعد واقع

وما دهرنا إلا كلمحة ناظر

وهل نحن إلا كالخيال المسارع

نؤمل في الدنيا هنا غير مدرك

ونبكي من الدنى أعلى غير راجع

وكل امرئ يجزى بما هو صانع

ويا ربح سباق ويا خسر ضائع

نهاني الهوى عن رشد نفسي لغيّها

وضلّلها بالترهات الفوادع

ولم يرض منها غير تضليل سعيها

واتبعها نهج الغوي المتابع

فثابت بخزي حين باءت بخسرها

وأوقعها المغدور شر الوقائع

غليك فكم تبدين يا نفس زلة

أما آن أن تنوي التقى وتراجعي

إلى كم ترى عين الضلالة موردا

وحتى متى ترعى وخيم المراتع

ألم تعلمي أن المعاصي وخيمة

وأن ارتكاب البغي أدهى المصارع

فعوجي إلى نهج الهداية وارجعي

لمولى كريم قابل التوب واسع

عليم حليم غافر الذنب ساتر

رؤوف لطيف راحم العبد رافع

وأياك أن تخشى ذنوبا تضاعفت

وإن كن أضعاف الخطوب الصوادع

فرحمة ربي قد أحاطت بخلقه

إحاطة أفلاك بزهر طوالع

وهل أنت يا زلاء في بحر عفوه

سوى ذرة ببيد بلاقع

وحسبك من مدح المشفع شافع

لدفع مضرات وجلب منافع

فلا تعدلي عن مسرح المدح وابشري

بعفو من الرحمن عذب المشارع

ولوذي بطلق الوجه بالخير مرسل

وبالخير أمار واللخير صانع

فيا بهجة الحسنى ويا روح جسمها

ويا هامة العليا وعين المجامع

ويا صاحب السلطان والتاج واللوى

ورب مقام الحمد يا خير بارع

ويا صاحب البرهان والقضب والعمى

ويا ذا المعالي والنهى والمجامع

ويا صاحب النعلين يا من بكفه

زلال لظمان وزاد لجائع

ويا صاحب الميوان يا معدن الوفا

ويا ذا الصراط المستقيم المهايع

ويا من حماه الله في الغار إذ دعا

بآي كتاب صادق القول صادع

ويا خير مبعوث إلى خير أمة

بآي كتاب صادق القول صادع

ويا بشر محزون ويا أنس موحش

ويا غيث محتاج ويا غوث هالع

ويا ملجأ العاصي ويا كوكبا الهدى

ويا مطلب الراجي استداد الذرائع

قصدتك ذا جرم وأنت مشفع

فكن شافعي من مؤبقات فظائع

وخذ بيدي إن زلت الرجل واكفني

بجاهك ترويع الليال الروائع

ألست رسول الله يا خير شافع

وأشرف محبوب وأجود بارع

ألست الذي باهى به الله رسله

وشرفه قدرا على كل شارع

ألست حبيب الله والصفوة والذي

له السبق ما فيه له من مدافع

ألست الذي مد الأنام أكفهم

إلى هامد من جود كفيه هامع

ألست الذي رحبت بي في الكرى ومن

ترحب به لا يخشى تضييق واسع

فجد بقبول يا أجل مؤمل

ومن بجود يا كريم الوسائع

فقد صرت بالإمداح فيك مشخصا

أنادي به في كل ناد وجامع

ولم امتدح علياك إلا لأنني

أنوّل في الدارين أغنى المنافع

وأقسم بالعرض المجيد وما حوى

وبالكتب والرسل الهداة الشوارع

لو أنّ مياه الأرض طرا ونبتها

مداج وأقلام كعد الطوالع

والأرضين طرا والسموات كلها

صحايف أعداد العيون التوابع

وكل البرايا يكتبون مدى المدى

فضال ما أوتيته من جوامع

لما بلغوا العشار من عشر عشرما

حباك به من فضله المتتابع

ولم لا وقد حياك في الفتح والضحى

وفي نون والإسر بآي بوارع

ولكنما التطفيل شغلي وبالحرا

على كنز جود لم يطلسم بمانع

وما ذاك من حولي ولا لي به قوى

ولكنه من فضل ربي وصانعي

أراد بإجرا مدح محبوبه على

لساني فأجراه بغير بدائع

فرد لساني آلة لمديحه

وعمر أحشائي به ومجامعي

فيا رب لا تسلب جميلا وهبته

وتمم بخير يا جميل الصنائع

إذا ما دعا روحي تجيب دعاءه

بلبّيك يا فرد سما عن مضارع

فنعم بريحان وروح وجنة

فؤادي ومتع بالخطاب مسامعي

ولا تخزني يوم المعاد فإنّني

جعلت رجائي بين بر وشافع

وحاشاك أن أشكو ولست براحم

وحاشاك أن أدعو ولست بسامع

ومن ذا الذي أدعوا وأرجوه طامعا

سواك فحقق بالقبول مطامعي

فأنت ملاذي يوم ألزم طائري

وأنت غياثي يوم غض الأصابع

ومن ذا الذي وافى يرجيك واغتدى

يعضّ يديه ىيسا غير طامع

فيا رب يا الله يا سامع الدعا

أقل عثرتي واصرف أليم وجائعي

ويا رب يا رحمن كن لي ولا تكن

علي إذا أمسيت رهن صنائعي

ويا رب يا جواد برد مضاجعي

بشائع عفو من أياديك ذائع

وسلم إذا ما المجرمون تصارخوا

لأخذ النواصي والطلا والأكارع

ومحص ذنوبي واعف عني وعافني

من النار وارفع في الجنان مواضعي

وسهل طريقي وأوف ديني وجد بما

أرجيه في الدارين من كل نافع

وميّع بعود للمقام وزمزم

وزورة قبر ضم أعضاء شافع

وكن لأمير المؤمنين الذي حمى

حمى الدين من أعدائه بالقواطع

وصن بعواليه علا الملك وأوله

من الفضل ما يدني له كل شاسع

وسدده بالرأي السعيد وخصّه

بنصر وفتح في جميع الوقائع

ومتعه بالعمر الطويل ولا تعن

عليه وكن عونا له في المعامع

وسامحه واختم بالجميل زمانه

وأسكنه في أعالي القصور الفوارع

وجد لولي العهد واسعد به الورى

ونوّله ما يرجو بغير مدافع

وأيده في كل الأمور ونجّه

بجاهك من كيد الخبيث المخادع

وبارك عليه وأته منك نعمة

تعم البرايا بين شيخ ويافع

وعامله باللطف الخفي وكن له

معينا على خطب الزمان المتابع

وحافظ على إخوانه وبنيه

والعشيرة واحفظهم بحفظ الشرائع

وجد بالرضا لابن الخلوف وجازه

بفضل على مدح المكرم واسع

ومتع ونعّم والدي تكرّما

ولا تخزهم يوم اصطكاك المسامع

ويسّر إلى الأشياخ شؤبوب رحمة

بسيل كأعناق السيول الدوافع

وكن لجميع المسلمين وجازهم

بعدن وجنبهم شرور المخادع

وصل على المختار ما لاح بارق

وما سبح قطر من هوام هوامع

وبارك على الأصحاب والآل كلما

أمال غصون البان سجع السواجع

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن شهاب الدين الخلوف

avatar

شهاب الدين الخلوف حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Shehab-Al-Din-Al-Khalouf@

401

قصيدة

64

متابعين

أحمد بن محمد بن عبد الرحمن شهاب الدين. شاعر تونسي، أصله من فاس، ومولده بقسنطينة، وشهرته ووفاته بتونس اتصل بالسلطان عثمان الحفصي، وأكثر من مدحه. زار القاهرة أكثر من مرة. ...

المزيد عن شهاب الدين الخلوف

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة