إنّا سنمضي يا جزيرة حُلْمنا لا تمسكينا بعدُ ، يكفينا بأرضك ما لقينا أَلَقَاً سَرَابيّاً لقينا وخيوط ضوء واهيات غرَّرتنا لما دعتنا ورَمَتْ بنا في القفر ، في العَبَثِ المُريعِ وضيَّعتنا * * * لما رأينا من بعيدٍ ظِلَّكَ الرَّطْبَ الظليلْ يُومي ويدعو خَطْوَنا التَّعِب الكليلْ قلنا وصلنا واسترحنا ولسوف ندخلها كِراماً آمنين وهنا سنُلقي عِبْئَنا وهنا سينسى روحُنا المكدودُ أحزانَ السنينْ قلنا وقلنا وعلى رَفيفِ مروجِك الخضراءِ ضاحكْنا الرجاءْ اللهَ ما أحلى الرجاءْ للتائهين على الطريق للمُدْلِجينَ بلا رفيق قلنا وقلنا لكن وَهَمنا ، يا سذاجة ما وَهَمنا لما أتينا ثمَّ ألْقَيْنَا رواسِينَا بأرضك حالمينْ * * * جئنا نلملمُ ما تبعثرَ من خُطَى أعمارِنَا ونشقُّ أتلامَ الهوى لبِذَارِنَا ولقد مضينا نزرع الأشواقَ ، والحب المنضِّر ، والحنين لكن علمنا بعد حين أنَّا زَرَعْنَا زَرْعَنا في المِلح ، في الأرضِ البَوَارْ أنَّا ضَلَلْنَا حينَ ألقَيْنا البِذَار في قَلْبِ أرضٍ لا تَغِلّ كان الجفافُ نصيبَنَا ، ولغيرنا خِصْبٌ وظِلّ * * * لا تمسكينا يا جزيرةَ حُلْمِنَا إنَّا سنمضي عنك ، لن نبقى هنا نُعطيك من أشواقنا عبثا ومن أعمارنا فيضِي وأعطي الآخرين من خِصبكِ المغداق ، أعطي للسِّوى ِظلاًّ وماءْ فلقد عَزَفْنَا عنك ، أفرغْنَا القلوبَ من الرجاءْ * * * إنَّا سنَمضي عن شواطئك الملوَّنةِ الضَّحُوكْ سنعود نُسلم للرياحِ شرَاعَنَا ونظلُّ نحمل تِيهَنَا وضَيَاعَنَا يا تِيهَنَا وضَيَاعنا في الصاخب الهدّارِ ، في هذا الخِضَمِّ بلا قرار سنصارع الموجَ الكبير وهناك نُعطي عُمْرَنَا للصاخبِ الهدَّارِ نُعطي عُمْرَنَا وكفاحنا وهناك سوف نواجه التِّيهَ المحتَّمَ والمصيرْ ونحن نحضن كِبْرَنا وجراحَنَا
ولدت الشاعرة فدوى طوقان في مدينة نابلس سنة 1917، وتلقت في مدارس المدينة تعليمها الابتدائي،
توالت النكبات في حياة فدوى طوقان، حيث توفي والدها، ثم توفي أخوها ومعلمها إبراهيم، أعقب ...