حدّثيني عن الحياة عسى أعطي فؤادي اللجوجَ عنها جوابا * حدّثيني عن القلوبِ التي كانت قلوباً واليوم صارت ترابا كيف كانت بالأمس ثملى ولا تحسب للموت في الحياة حسابا نابضات حُباً وبغضاً وإيماناً وشكّاً وراجياتٍ ثوابا ها أنا ألمسُ التراب فلا ألمسُ همّاً أو غبطةً أو عذابا وأُصيخ إلى التراب فلا أسمع شكوى أو لهفةً أو عتابا أترينَ الأشواق صارت بروقاً ودموع الأحزان أضحت سحابا وأنين القلوب أمسى رعوداً وأمانيّها استحالت ضبابا؟ أم ترينَ التراب عادَ تراباً وسراب الآمال عاد سرابا؟ * حدّثيني عن الخدود التي بالأمس كانت مذابحاً للجَمالِ تُنطِقُ المؤمنين بالكفر والكفَّار بالسبح للقوي المتعالي نتبارى بلا انقطاعٍ إليها ونضحّي لها بأغلى الغوالي كم سجدنا أمامها وابتهلنا وقرعنا صدورنا في الليالي وحرقنا القلوبَ منّا بخوراً ونظمنا العيونَ عقد لآلي ها أتينا لنُترع الروح ممّا كان فيها لطرْفنا من كمال وغريبٌ أن لا نرى حيث كانت غيرَ دودٍ يدبّ بين الرّمال ويح قلبٍ يرى الخيال جمالاً! ويح عقلٍ يمحو جمالَ الخيال ! * حدّثيني عن نسمةٍ جعلت آدمَ حيّاً وكان ترباً وماءَ يا لها نسمةً أرتنا بصيصاً في ظلام البقاء فزدنا عماء ما لبسنا الحياة حتى لبسنا في ثنايا ثوب الحياة الفناء فغدونا إذا رجونا عزاءً صار ذاك الرجاءُ فينا بلاء ونسينا أنّا ترابٌ فلا بالأرض نرضى ولا ننال السماء نسمة الله أين؟ أين استقرّت بعد أن عادت الجسوم هباء؟ أإلى صدر خالق الكون آبت تحمل الهمّ والأسى والشقاء؟ أم طوتها الأقدارُ لكن لحينٍ؟ أم هواءً كانت فعادت هواء؟ * حدثيني عن الحياة لكي أعطيَ عني أمام نفسي حسابا فعسى الخالق الذي ضمنَ صدري لا يزيد النيرانَ فيه التهابا
شاعر ومفكر وناقد وقاصّ ومسرحيّ لبناني. ولد في بسكنتا في جبل صنين في لبنان عام 1889 وانهى دراسته المدرسية في مدرسة الجمعية الفلسطينية فيها، تبعها بخمس سنوات جامعية في ...