الديوان » لبنان » جبران خليل جبران » كساؤك ما يكسوك أهلك في مصر

عدد الابيات : 45

طباعة

كساؤك ما يكسوك أهلك في مصر

وسترك هذا إن حرصت على الستر

أتحرث أرضا في ابتغاء نباتها

تكابد ما يشقي من البرد والحر

تصبر في ري وصرف وخدمة

دراك على عيش أمر من الصبر

فإن حل ما أعطاك ربك من جنى

جاء لما أنفقت فيه من العمر

رميت بحر المال مرمى زراية

كأنك تلقيه جزافا إلى البحر

فتعدل بالأصداف ما رحت مزجيا

وتبذل فيه عائدا ثمن الدر

أجل كان حق العلم ما هو غانم

من الجهل والتفريط لم يخل من عذر

ولكن عصرا في الأباطيل جزته

تقضي بما فيه وصرت إلى عصر

فلم يبق إلا رعيك النعمة التي

أصبت ولم تجهد بشيء من الشكر

بثوبك من نسج الحمى تخدم الحمى

ونفسك موفور الكرامة والأجر

أطلعت حرب العالم العامل الذي

له ما له من كل مفخرة بكر

أرى المدح أوفى المدح ليس بمجزيء

أقل جزاء من مآثرك الكثر

جمعت شتات الشرق بالرأي واليا

عن السيف ما لم يستطعه من الأمر

وأدركت في العلياء أبعد غاية

ليقظان داجي الهم متقد الفكر

سبيلك نفع الناس توليه شاملا

وتخلصه بدءا وعودا من الضر

وحولك أعلام يكاد نظامهم

يدور مدار الشمس والأنجم الزهر

إذا ما ذكرنا كل أروع نابه

من النخبة المثلى ومقتحم جسر

فمن للمعالي في الرجال كمدحت

ومنزله من ندوة المجد في الصدر

ومن كفؤاد للحصافة والحجى

ومن كفؤاد للوفاء وللبر

ألا أيها المصر الصناعي رعتنا

ولسنا تغالي إن دعوناك بالمصر

فكم بك من صرح بآخر ممسك

وكم بك من قصر مضاف إلى قصر

رأينا بك الأوهام وهي حقائق

كأنا نرى سحرا وما هو بالسحر

إذا ما التقى أهلوك فالساح أبحر

أو افترقوا فالسبل نهر إلى نهر

ألوف رجال كادحين وصبية

من الفتية اللدن المثقفة السمر

طوائف تجني من حديدك شهدها

كما تجتنيه النحل من ناصر الزهر

قصاراهم كفيل برزقهم

وما نفع علم ضرعه غير ذي در

ويدري فتاهم أين مطلب قوته

إذا جامعي زاغ عنه ولم يد

طعامهم لون ولكن ميسر

ومشربهم عذب بلا رنق يجري

لك الله كم كسرا جبرت وخلة

سترت وكم خير أأدلت من الشر

ليومك يوم فيه للفتح غرة

جلت وجه الاستقلال مبتسم الثغر

يطالعها راجي الفلاح لقومه

فيدرك سر الفوز في مكمن السر

إذا المصنع الأهلي عز فإنه

بناء عزيز الشأن للوطن الحر

ولم أر نصرا أجل مغبة

وأيسر في التكليف من ذلك النصر

لمصر إذا استكفت كفاء بنفسها

ففيم الرضى من وافر الخير بالنزر

إذا ما تقاضى الغرب جزية بيعه

أليس يؤدي الشرق جزية ما يشري

مزارعكم ضاقت بطلاب رزقها

وصارت قراكم بعد يسر إلى عسر

حذار من الفقر المنيخ بكلكل

فما من مذل للأعزاء كالفقر

تواصوا بمصنوعاتكم تكملوا بها

جنى الريف من نقص مؤد إلى الخسر

بكم قوة مذخورة إن رشدتم

بتصريفها حولتم غير الدهر

نظمت لكم نصحي وفي صدق نصحكم

لأنفسكم مغن عن النظم والنثر

وإني معيذ عزمكم من تردد

إذا هو لم تحفزه طنطنة الشعر

هلموا اشهدوا صبت النجاح وقد بدا

مبينا يحيي بالتيمن والبشر

وقولوا بجهر للمسرين ريبهم

أفي الشمس ريب بعد رائعة الفجر

إذا ما تناسى بعضكم فضل بعضكم

فأي مصير للحمى يا أولي الذكر

أتى بنك مصر كل ما تشهدونه

فهل من أمين لا يزكيه في مصر

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن جبران خليل جبران

avatar

جبران خليل جبران حساب موثق

لبنان

poet-khalil-gibran@

1075

قصيدة

838

متابعين

جبران خليل جبران فيلسوف وشاعر وكاتب ورسام لبناني أمريكي، ولد في 6 يناير 1883 في بلدة بشري شمال لبنان حين كانت تابعة لمتصرفية جبل لبنان العثمانية. توفي في نيويورك 10 ...

المزيد عن جبران خليل جبران

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة