كلما ناديت ذاك الجرف عاد صوتك الخابي مع الريح وأمطار الرماد ومع القش الذي غشى الوهاد وطيور كمناديل الحداد: بحة الهائم في نهر البكاء تقتفي خطوك في كل مساء .. عائداً تخفق أطمارك، مهزوماً وحيدا تحتمي بالظل، محموماً طريدا قمر السعف المندى، عاد في الكأس التي تشرب طينا. آه خل الريح تستفّ الجبينا فرّ ذاك الطائر الأخضر، في البرديّ غاب عبثاً تبحث في القش المغطى بالضباب. لا تقلّب طرفك الحائر، لا تسفح دموعك إنها الريح، وقد أطفأت الريح شموعك. لا تدق الباب، فالباب جدار ليس خلف الباب إلا ورق الأمس وأكفان الغبار كل ما تلمسه كفاك: نؤي وحجار وهشيم ذبلت أوراقه بعد انتظار. قمر الشاطئ والنخل، الذي يهمي رذاذاً واخضرار عاد في الكأس التي تشرب طينا. تحتمي بالظل، محموما طعينا كلما ناديت ذاك الجرف عاد صوتك الضائع في الريح وأمطار الرماد. وبحيرات السهاد أبدا تطفو على أمواجها السحب وأوراق الشتاء وطيور كمناديل الحداد تشعل الأفق بكاء. أيها العائد في ليل النهار لا تدق الباب، فالباب جدار إنه القش الذي بعثر في الوجه كذرات الغبار إنه القش المثار ذلك العشب المندى بالمطر مثلما تأوي العصافير إلى أعشاشها، تأوي إليه وكغصن أسقطته الريح من عالي الشجر ترتمي بين يديه ذلك العشب المندى بالمطر هب في كل مهب وانتثر. حفنة الريح الأخيرة أبداً يحملها العائد في ليل الظهيرة
حسب الشيخ جعفر 1942م، شاعر عراقي، ولد في مدينة العمارة.تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي في محافظة ميسان. انتقل وهو في سن الثامنة عشرة إلى موسكو على نفقة من قِبل الحزب الشيوعي ...