الديوان » العصر العباسي » المتنبي » قد علم البين منا البين أجفانا

عدد الابيات : 41

طباعة

قَد عَلَّمَ البَينُ مِنّا البَينَ أَجفانا

تَدمى وَأَلَّفَ في ذا القَلبِ أَحزانا

أَمَّلتُ ساعَةَ ساروا كَشفَ مِعصَمِها

لِيَلبَثَ الحَيُّ دونَ السَيرِ حَيرانا

وَلَو بَدَت لَأَتاهَتهُم فَحَجَّبَها

صَونٌ عُقولَهُمُ مِن لَحظِها صانا

بِالواخِداتِ وَحاديها وَبي قَمَرٌ

يَظَلُّ مِن وَخدِها في الخِدرِ حَشيانا

أَمّا الثِيابُ فَتَعرى مِن مَحاسِنِهِ

إِذا نَضاها وَيَكسى الحُسنَ عُريانا

يَضُمُّهُ المِسكُ ضَمَّ المُستَهامِ بِهِ

حَتّى يَصيرَ عَلى الأَعكانِ أَعكانا

قَد كُنتُ أُشفِقُ مِن دَمعي عَلى بَصَري

فَاليَومَ كُلُّ عَزيزٍ بَعدَكُم هانا

تُهدي البَوارِقُ أَخلافَ المِياهِ لَكُم

وَلِلمُحِبِّ مِنَ التَذكارِ نيرانا

إِذا قَدِمتُ عَلى الأَهوالِ شَيَّعَني

قَلبٌ إِذا شِئتُ أَن يَسلاكُمُ خانا

أَبدو فَيَسجُدُ مَن بِالسوءِ يَذكُرُني

وَلا أُعاتِبُهُ صَفحاً وَإِهوانا

وَهَكَذا كُنتُ في أَهلي وَفي وَطَني

إِنَّ النَفيسَ غَريبٌ حَيثُما كانا

مُحَسَّدُ الفَضلِ مَكذوبٌ عَلى أَثَري

أَلقى الكَمِيَّ وَيَلقاني إِذا حانا

لا أَشرئِبُّ إِلى ما لَم يَفُت طَمَعاً

وَلا أَبيتُ عَلى ما فاتَ حَسرانا

وَلا أُسَرُّ بِما غَيري الحَميدُ بِهِ

وَلَو حَمَلتَ إِلَيَّ الدَهرَ مَلآنا

لا يَجذِبَنَّ رِكابي نَحوَهُ أَحَدٌ

ما دُمتُ حَيّاً وَما قَلقَلنَ كيرانا

لَوَ اِستَطَعتُ رَكِبتُ الناسَ كُلَّهُمُ

إِلى سَعيدِ اِبنِ عَبدِ اللَهِ بُعرانا

فَالعيسُ أَعقَلُ مِن قَومٍ رَأَيتُهُمُ

عَمّا يَراهُ مِنَ الإِحسانِ عُميانا

ذاكَ الجَوادُ وَإِن قَلَّ الجَوادُ لَهُ

ذاكَ الشُجاعُ وَإِن لَم يَرضَ أَقرانا

ذاكَ المُعِدُّ الَّذي تَقنو يَداهُ لَنا

فَلَو أُصيبَ بِشَيءٍ مِنهُ عَزّانا

خَفَّ الزَمانُ عَلى أَطرافِ أَنمُلِهِ

حَتّى تُوُهِّمنَ لِلأَزمانِ أَزمانا

يَلقى الوَغى وَالفَنا وَالنازِلاتِ بِهِ

وَالسَيفَ وَالضَيفَ رَحبَ الباعِ جَذلانا

تَخالُهُ مِن ذَكاءِ القَلبِ مُحتَمِياً

وَمِن تَكَرُّمِهِ وَالبِشرِ نَشوانا

وَتَسحَبُ الحِبَرَ القَيناتُ رافِلَةً

في جودِهِ وَتَجُرُّ الخَيلُ أَرسانا

يُعطي المُبَشِّرَ بِالقُصّادِ قَبلَهُمُ

كَمَن يُبَشِّرُهُ بِالماءِ عَطشانا

جَزَت بَني الحَسَنِ الحُسنى فَإِنَّهُمُ

في قَومِهِم مِثلُهُم في الغُرِّ عَدنانا

ما شَيَّدَ اللَهُ مِن مَجدٍ لِسالِفِهِم

إِلّا وَنَحنُ نَراهُ فيهِمِ الآنا

إِن كوتِبوا أَو لَقوا أَو حورِبوا وُجِدوا

في الخَطِّ وَاللَفظِ وَالهَيجاءِ فُرسانا

كَأَنَّ أَلسُنَهُم في النُطقِ قَد جُعِلَت

عَلى رِماحِهِمِ في الطَعنِ خِرصانا

كَأَنَّهُم يَرِدونَ المَوتَ مِن ظَمَأٍ

أَو يَنشَقونَ مِنَ الخَطِّيِّ رَيحانا

الكائِنينَ لِمَن أَبغي عَداوَتَهُ

أَعدى العِدا وَلِمَن آخَيتُ إِخوانا

خَلائِقٌ لَو حَواها الزِنجُ لَاِنقَلَبوا

ظَميَ الشِفاهِ جِعادَ الشَعرِ غُرّانا

وَأَنفُسٌ يَلمَعِيّاتٌ تُحِبُّهُمُ

لَها اِضطِراراً وَلَو أَقصَوكَ شَنآنا

الواضِحينَ أُبُوّاتٍ وَأَجبِنَةٍ

وَوالِداتٍ وَأَلباباً وَأَذهانا

يا صائِدَ الجَحفَلِ المَرهوبِ جانِبُهُ

إِنَّ اللِيوثَ تَصيدُ الناسَ أُحدانا

وَواهِباً كُلُّ وَقتٍ وَقتُ نائِلِهِ

وَإِنَّما يَهَبُ الوَهّابُ أَحيانا

أَنتَ الَّذي سَبَكَ الأَموالَ مَكرُمَةً

ثُمَّ اِتَّخَذتَ لَها السُؤآلَ خُزّانا

عَلَيكَ مِنكَ إِذا أُخليتَ مُرتَقِبٌ

لَم تَأتِ في السِرِّ ما لَم تَأتِ إِعلانا

لا أَستَزيدُكَ فيما فيكَ مِن كَرَمٍ

أَنا الَّذي نامَ إِن نَبَّهتُ يَقظانا

فَإِنَّ مِثلَكَ باهَيتُ الكِرامَ بِهِ

وَرَدَّ سُخطاً عَلى الأَيّامِ رِضوانا

وَأَنتَ أَبعَدُهُم ذِكراً وَأَكبَرُهُم

قَدراً وَأَرفَعُهُم في المَجدِ بُنيانا

قَد شَرَّفَ اللَهُ أَرضاً أَنتَ ساكِنُها

وَشَرَّفَ الناسَ إِذ سَوّاكَ إِنسانا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


يَسلاكُمُ

يغفل عنكم و ينساكم و منه قول الشاعر " سلا مصر هل سلا القلب عنها" أي هل نسيها و فارق حبها قلبه

تم اضافة هذه المساهمة من العضو أحمد محمد فرج شرف


معلومات عن المتنبي

avatar

المتنبي حساب موثق

العصر العباسي

poet-Mutanabi@

323

قصيدة

62

الاقتباسات

7457

متابعين

احمد بن الحسين بن الحسن بن عبدالصمد الجعفي الكوفي الكندي ابو الطيب المتنبي.(303هـ-354هـ/915م-965م) الشاعر الحكيم، وأحد مفاخر الأدب العربي. له الأمثال السائرة والحكم البالغة والمعاني المبتكرة. وفي علماء الأدب من ...

المزيد عن المتنبي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة