صادفً ثورتَه العربيّةَ في باريسَ، فناشدَها أن ترجعَ مسرعةً، تاركةَ إياه ليهلكَ برذاذ الليلِ الدافئِ، تحت تماثيل الإسفلت. واصلَ تعليمَ الأغراب تطورَ ديوانِ الأعرابِ، من التقليدِ إلى التحديثِ، ومن إقطاع الباديةِ إلى إقطاع المدنِ، ومن أسمنتِ القافيةِ إلى قافيةِ الأسمنتْ. في آخر لقيا، كانت ثورتُه العربيّةُ في باريسَ سراباً فككّه علماءُ السيميولوجيا المتشظّونَ وسروالاً ليس يناسب جَرْىَ الهرولةِ، فلم يظفْر منها إلا بالأسمنتْ. حرافيشُ القاهرة خفيفونَ، فطاروا مصحوبينَ بلعناتِ الرّواد التاريخيينَ ومخترقينَ جدَارَ الأسمنتْ. لكن الصفوة ناموا فوق الصدر ثقيلينَ، وثقلاءَ، بأيديهم تفويضُ الرَّبِّ، فرزحوا فوق الأفئدة كأسمنتْ. استدعى الطهطاوي وطه استدعى الآباءَ القرناءَ المحتكّين بسلك الضوء العريانِ، استدعى عافيةَ البتانون إذا إصطكتْ ببناتِ أفينيونَ، ولكنْ لم يخلُدْ من ثورته العربيةِ في باريسَ سوى الأسمنتْ .
حلمي سالم شاعر وناقد مصري ولد سنة 1951م, يعتبر من ابرز شعراي مصر المعاصرين في السبعينات.
حصل على ليسانس الصحافة من كلية الآداب بجامعة القاهرة، وهو صحفي بجريدة الأهالي التي تصدر ...