الديوان » العراق » محمد مهدي الجواهري » الى البعثة المصرية

عدد الابيات : 79

طباعة

رُسُلَ الثقافةِ من مُضَرْ

وَجْهُ العراق بكِم سَفَرْ

حَرَصَ القضاء عليكم

وَرَعتْكُمُ عينُ القَدَر

جئتتُمْ وهاطلةُ الغَمام

معاً ورُحْتُم والقمَر

رشَّ السماءُ طريقَكم

أيُحبُّكم حتى المطر !

في القلبِ منزلُكم وبين

السَمع منا والبَصر

نحن الحُجولُ وانتم

في كل بارزةٍ غُررّ

ليل الجزيرة لم يكنْ

لولاكمُو فيه سَحَر

يا سادتي ان العراق

جميعُه بكُمُ ازدَهَر

والمحتفونَ بكم وإنْ

كانوا ذوي كَرٍّ وفَرّ

وجميعُهُم اهلُ البلاد

ولا يُقاسُ بِما نَدَر

فأجَلُّ من زُمَرٍ تَلَقَّتْكُمْ

قد اختبأتْ زُمَر

وأجَلُّ ممن قادَهُمْ

حبُّ الظهورِ مَن استَتَر

خَفيَت ذواتٌ جَمّةٌ

وبَدَتْ لكم بعضُ الصُور

وأُزيِحَ من ظَفِروا به

ومشى اليكم من ظَفِر

ملءَ النوادي معجَبون

بفضلِكِم ملء الحَجَر

كنَّهُمْ لم يملِكوا

حقّ الجلوس على السُرُر

غيرُ المناسِب ان يَمسَّ

حريرَ سادَتنا الوَبَر

فاذا أرَدْتُم ان يُتاح

لهم بصُحبْتكم وَطَر

فضَعوا بقارعةِ الطريق

لَهُم بُيوتاً من شَعَر

وسيسُمعونَكُمُ من الترحيب

خاتَمةَ السُوَر

وَضْع العراقِ خذوه من

عذبَات أقلامِ أُخر

ولحفظِ حُرِيّاتِهِمْ

من أن تُداسَ وتُحتَقَر

لَتُرحْ لمصرَ سُعاتُكم

ليَجئْكُمُ منها خَفَر

هم مُرهقون لانَّهمْ

لا يصدَعون لمن أَمَر

ومُضايَقون لانَّهمْ

ما في عزائِمهم خَوَر

عندي مقالٌ يستَوي

من لامَ فيه ومن عَذّر

سقَطَتْ على الأرض الثمار

وجاءَكم يمشي شَجَر

ماذا احدّثُكُمْ حديثَ

القَلب من جَمْر أحَرّ

كلُّ المسائل مُرَّةٌ

وسكوتُنا عنها أمَر

أعليكم يَخفَى وفي

كلِّ الورى ذاعَ الخَبر

لستُمْ من القوم الذينَ

يُخادَعون بما ظَهَر

حتى نغالِطكم ونزعمُ

أنَّنا فوقَ البَشر

رُسلَ الثقافة من أجلِّ

صفاتِكم بُعْدُ النَظر

ولداُتنا في كلِّ نَفع

للسياسةِ أو ضَررَ

غَطَّى علينا سادتي

وعليكُمُ جِلدُ النَمِر

وعلى السَواء لنا كما

لكُمُ يُكادُ ويُؤتمرَ

وعلى قياسٍ واحدٍ

حُفِرتْ لكم ولنا الحُفَر

انتُمْ لنا عِبرٌ وفيما

نحن فيه لكُمْ عِبَر

عن أي شيءٍ تَسألون

فكل شيء مُحتكَر

لم يخلُ دَرْب من عراقيلٍ

ولم يسَلَم مَمَرّ

وسَلُوا الخبيرَ فانني

ممن بواحدةٍ عَثَر

حتى لقد اشفقت أن

يعتاقَ رحلتَكم حَجَر

تهتاجُنا النعرات طائشةً

وينجَحُ من نَعَر

في كلِّ حَلق نغمةٌ

ولكلِّ أنملةٍ وَتَر

ويعاف من لم يرض

أصحاب النفوذِ وينتهِر

تمشى سموم المُغرِضين

بسُوحنا مشيَ الخَدَر

يتقاذَفُون عقولَنا

وقلوبَنا لَعِبَ الأُكر

ولقد نُُصفِّق للخطيب

ونحن منه على حَذَر

باسم البلاد يجل من

جرَّ البلادَ الى الخَطَر

يا سادتي : لا ينتَهي

فيضُ الشعور اذا انفَجَر

ولكي أريحَكُمُ أجيءُ

لكم بشيء مُختَصَر

إن السياسة لَم تبقِّ

على البلادِ ولم تَذَر

وبرغم ما في الرافدينِ

من المصائبِ والغِيَر

وبرغم أنا قد تزعَّمَ

عندنا حتى البَقَر

فهنا شبابٌ ناهضونَ

عقوقُهم إحدى الكُبَر

كِتَلٌ تَحَفَّزُ للحياة

يسوقهُا حادٍ اغّر

تمشي على نُور الثقافة

مشيَ موثوقِ الظَفَر

فيها الشجاعةُ من عليٍّ

والسياسةُ من عُمّر

واذا أمَرتُم ان أسامرَكم

فقد لذَّ السَمَر

عن نَهْضةٍ أدبية

ما إن لها عنكُمْ مَفَر

لولاكُمُ ما كان للشعراء

فينا من أثَر

قبر الاديبِ الالمَعَيِّ

هنا وفي مصرَ انتَشَر

الله يُجزي من أفاد

ومن أعانَ ومن نَشَر

اني اسائلُكم وأعلَم

بالجواب المُنتَظَر

هل تَقبَلون بأن يقالَ

اديبُ مصرَ قد افتَقَر

او أنَّ " شوقي " من

حَراجة عيشِه كالمُحتَضَر

او أنَّ " حافظَ " قد هوى

فتجاوبونَ : الى سَقَر

حاشا : فتلكَ خطيئةٌ

وجَريمةٌ لا تُغتَفَر

" شوقي " يعيشُ كما يَليقُ

بمن تَفكِّر او شَعَر

وسطَ القصورِ العامراتِ

وبين فائحةِ الزَهَر

برعايةِ الوطَن الأعَزِّ

وغيرةِ الملِك الأبَر

وتحوطُ ابراهيمَ عاطفةٌ

الأمير من الصِغَر

أما هُنا فالشعر شيء

للتملُّح يُدَخَر

وعلى السواءِ اغابَ

شاعرُنا المجوِّدُ أم حَضر

سَقَطُ المتاع وجوُده

عند الضرورة يُدَّكَر

في كل زاويةٍ أديبٌ

بالخمول قد استَتَر

وقريحة حَسَدوا عليها

ما تجودُ فلم تثر

والى اللقاءِ وهمُّنا

أن الضيوف على سَفر

جَمَعَ الالهُ مصيرَنا

ومصيرَ مصرَ على قَدَر

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد مهدي الجواهري

avatar

محمد مهدي الجواهري حساب موثق

العراق

poet-jawahiri@

216

قصيدة

2

الاقتباسات

2341

متابعين

محمد مهدي الجواهري (26 يوليو 1903 – 27 يوليو 1997): شاعر عربي عراقي، يعتبر من بين أهم شعراء العرب في العصر الحديث. تميزت قصائده بالتزام عمود الشعر التقليدي، على جمال ...

المزيد عن محمد مهدي الجواهري

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة