عدد الابيات : 72

طباعة

عقابيلُ داءٍ ما لهُنَّ مطبَّبُّ

ووضعٌ تغشَّاهُ الخَنا والتذَبذُبُ

ومملكةٌ رهنُ المشيئاتِ أمرُها

وأنظمةٌ يُلهى بهنَّ ويُلْعَب

وناهيكِ مِن وضعٍ يعيشُ بظّله

كما يتَمنَّى مَن يخونُ ويكذِب

وقرَّ على الضيمِ الشبابُ فلم يَثُرْ

وأخلدَ لا يُسدي النصيحةَ أشيب

كأنْ لم يكنْ في الرافدينِ مُغامرٌ

وحتى كأنْ لم يبقَ فيه مجرِّب

أعُقماً وأُمَّاتُ البلادِ ولودةٌ

وإنَّكِ يا أُمَّ الفراتينِ أنجب

وما أنكَّ يُزهى منكِ في الصِّيدِ أصيدٌّ

ويَلْمَعُ في الغُلْبِ الميامينِ أغلب

إذا قيلَ مِن أرضِ العراق تطَّلعَتْ

عيونٌ له وانهالَ أهلٌ ومرحب

يُحكِّمُ في الجُلَّى أغرُّ مُشَّهَرٌ

ويحْتاجُ في البلوى عذيقٌ مرَجَّب

فما لكِ لا بينَ السواعدِ ساعدٌ

يُحَسُّ ولا بينَ المناكبِ مَنكِب

تنادتْ بويلٍ في دياركِ بومة

وأعلنَ نَحْساً في سماكِ مُذَنَّب

وأُلْبِسْتِ من جَورٍ وهضمٍ ملابساً

أخو العزِّ عنها وهو عريانُ يرغب

تكاثرت الأقوالُ حَقاً وباطلاً

وقالَ مقالَ الصدقِ جلْفٌ مُكذَّب

وشُكِّكَ فيما تدَّعيه تظنِّياً

ولو أنَّه شحمُ الفؤادِ المذَوَّب

وباتَ سواءً من يثورُ فيغتلي

حماساً ومن يلهو مُزاحاً فيلعب

فما لكَ من أمرينِ بُدٌّ وإنما

أخفهما الشرُّ الذي تتجنب

سكوتٍ على جمرِ الغضا من فضائحٍ

تُمَثَّلُ أو قولٍ عليه تُعذَّب

تحفَّتْ أُباةٌ حين لم يُلْفَ مركبٌ

نزيهٌ إلى قصدٍ من العيشِ يُركب

فلا العلمُ مرجوٌّ ولا الفَهمُ نافعٌ

ولا ضامنٌ عيشَ الأديبِ التأدُّب

ومُدَّخَرٌ سوطُ العذابِ لناهضٍ

ومُدَّخَرٌ للخاملِ الغِرّ مَنْصِب

أقولُ لمرعوبٍ أضلَّ صوابَه

تَردّي دساتيرٍ تُضِلُّ وتُرْعِب

تداولَ هذا الحُكْمَ ناسٌ لوَ انَّهم

أرادُوهُ طيفاً في منامٍ لخُيّبوا

ودعْ عنكَ تفصيلاً لشَتَّى وسائلٍ

بها مُلِّكُوا هذي الرقابَ وقرِّبوا

فأيسَرُها أنْ قد أُطِيلَ امتهانُهم

إلى أنْ أدَرُّوا ضَرعَها وتحَلَّبوا

وأعجبُ ما قد خلَّفتْهُ حوادثٌ

قليلٌ على أمثالهنَّ التَّعّجب

سكونٌ تَغشَّى ثائرينَ عليهمُ

يُعَوَّلُ أنْ خطبٌ تجرَّمَ أخْطب

عتابٌ يحُزُّ النفسَ وقعاً وإنه

لأنزهُ من صوبِ الغوادي وأطيب

عليكُمْ لأنَّ القصدَ بالقولِ أنتمُ

وليسَ على كلّ المسيئينَ يُعتب

هَبوا أنَّ أقواماً أماتَ نفوسَهُم

وألهاهُمُ غُنْمٌ شهيٌّ ومكسَب

قصورٌ وأريافٌ يَلَذُّونَ ظِلَّها

وجاهٌ وأموالٌ ومَوطيً ومَركب

يخافونَ أنْ يَشْقوا بها فيؤاخَذو

إذا كشفوا عمَّا يَروَن وأعربوا

فما بالُ محروبينَ لم يحلُ مَطعمٌ

لهُم ، فيُلهيهمْ ، ولم يصفُ مَشْرَب

خَلِيَّينَ لا قُربى فيُ خْشَى انتقاصُها

لديهمْ ، ولا مالٌ يُبَزُّ فيُسْلَب

سلاحُ البلادِ المرهفُ الحدِّ ماله

نَبا منهُ في يومِ التَّصادُم مضرب؟

على أنَّني إذ أُسْعُ الأمرَ خِبْرَةً

يلوحُ ليَ العذرُ الصحيح فأصْحِب

همُ القومُ نِعم القومُ لكنْ عراهمُ

ذهولٌ به تُصْبي الغَيارى وتُخلَب

تَغوَّلَ منهم حزمَهُم إلْبُ دهرِهم

عليهم وقد يُوهي القويَّ التألّب

وكلّ شُجاعٍ عاونَ الدهرَ ضَّده

مرّجيهمُ فهو المضامُ المغلَّب

قليلونَ في حين ِ الرزايا كثيرةٌ

وطيدونَ في حينِ الأساليبُ قُلَّب

جريئونَ لكنْ للجراءةِ موضعٌ

وعاقبةٌ ، إنّ العواقبَ تُحْسَب

يُلاقون أرزاءاً يَشُقّ احتمالُها

وليس بميسورٍ عليها التَّغلّب

فهاهم كمَنْ سُدَّ الطريقُ أمامَه

وضلَّله داجٍ من الليلِ غَيْهَب

على أنَّهم لا يهتدُونَ بكوكبٍ

وقد يُرشِدُ الحَيرانَ في اللِّيل كوكب

إلى الأممِ اللاَّتي استَتَمَّتْ وُثُوبَها

تَشَكَّى اهتِضاماً أُمَّةٌ تَتوَّثب

إذا خلصَتْ مِن عَثْرةٍ طوَّحتْ بها

عَواثرُ مَن يُؤخذْ بها فهو مُحْرَب

وإنْ فاتَها وحشٌ صَليبٌ فؤادُه

تَعَرَّضَ وحشٌ منه أقسى وأصلَب

يُعينُ سِياسياً عليها تفرُّقٌ

وَينصُرُ رَجعيّاً عليها تَعصّب

أُريدَ لها وجهٌ يُزيلُ قُطوَبها

فزيدَ بها وجهٌ أغمُّ مُقطَِّب

وَرِّبتما لاحتْ على السنِّ ضِحكةٌ

له تَنفُثُ السمَّ الزعافَ وتَلصِب

يُرى أبداً رَّيانَ بالحِقْدِ صَدرهُ

كما شالَ لَّلْدغِ الذنابَينِ عَقرب

وتلكَ من المُستَحْدثِ الحُكمِ عادةٌ

يَرى فُرصةً منه اقتِداراً فيضرِب

وما جِثتُ أهجوهُ فلمْ يبقَ مَوضعٌ

نَزيهٌ له بالهجو يُؤتى فيُثْلَب

ولكنه وصفٌ صَحيحٌ مُطابقٌ

يجىءُ به رائي عَيانٍ مُجِرّب

تُشَرَّدُ سُكَّانٌ لسُكنى طوارئ

وتُؤَخذُ أرضٌ من ذويها فتوَهب

وواللهِ لولا أنّ شَعباً مُغَلَّباً

يُلَزُّ بَقرنيهِ كمِعزى ويحلَب

لما عَبِثَتْ فيه أكُفٌّ جَذيمةٌ

ولمْ يَعُلهُ هذا الهجينُ المهلَّب

ولكن رَضوا من حُبّهمْ لبلادِهمْ

بأنَّهمُ يَبكُونها حينَ تُنكَب

فيا لكَ مِن وضعٍ تعاضلَ داؤهُ

تُشاطُ له نَفْسُ الأبيِّ وتُلهب

وللهِ تَبريحُ الغَيارى بحالةٍ

كما يَشتهيها أشعبيُّ تُقَلَّب

يُنَفَّذُ ما تَبغي وتَنهى " عقائلٌ "

وتَعزِلُ فينا " غانياتٌ " وتَنصِب

كأندلُسِ لَمَّا تَدَهْوَرَ مُلْكُها

مُكَنّى جُزافاً عِندنَا ومُلَقَّب

ورُبَّ وسامٍ فوقَ صدرٍ لو انَّهُ

يُجازَى بحّقٍ كانَ بالنعلِ يُضرَب

نشا ربُّهُ بينَ المخازي وراقهُ

وِسامٌ عليها فهو بالخزيِ مُعْجَب

أفي كلِّ يومٍ في العراقِ مؤمَّرٌ

غريبٌ به لا الأمُّ منه ولا الأب

ولم يُرَ ذا بَطْشٍ شَديدٍ وغِلظَةٍ

على بَلَدٍ إلا البعيدُ المُجنَّب

أكُلُّ بَغيضٍ يُثقِل الأرضَ ظِلُّهُ

وتأباهُ يُجبى للعراقِ ويجْلَب

وحُجَّتُهم أن كانَ فيما مضى لنا

أبٌ ، اسمهُ عندَ التواريخِ يَعْرُب

عِديدُ الحَصى أنباؤهُ ولِكلِّهمْ

مَجالٌ ومَلهىَ في العراقين طَيّب

وقد أصبحوا أولى بنا من نُفُوسِنا

لأنَّهمُ أرحامُنا حينَ نُنْسَب

فأمَّا بَنُوه الأقربونَ فما لهمْ

نصيبٌ به إلَّا مُشاشٌ وطَحْلب

فيا أيُّها التاريخُ فارفُضْ مَهازِلاً

سَتْرفُضها أقلامُنا حين تُكتَب

وقُلْ إنَّني أُودعتُ شتَّى غَرائبٍ

ولا مثلَ هذي فهي منهُنَّ أغرَب

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد مهدي الجواهري

avatar

محمد مهدي الجواهري حساب موثق

العراق

poet-jawahiri@

216

قصيدة

2

الاقتباسات

2341

متابعين

محمد مهدي الجواهري (26 يوليو 1903 – 27 يوليو 1997): شاعر عربي عراقي، يعتبر من بين أهم شعراء العرب في العصر الحديث. تميزت قصائده بالتزام عمود الشعر التقليدي، على جمال ...

المزيد عن محمد مهدي الجواهري

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة