عدد الابيات : 59

طباعة

ساجٍ على الأعشاب والرَّبواتِ

شبحٌ على جفنيهِ لَمْحُ سناتِ

نشوان تُدْنيه بقايا نغمةٍ

مني ويُبعده صدى خَلَجاتي

ناجيتُه شغفاً وبي تهويمةٌ

تطوي العَشِيَّ على رفيف غداة

حتى ارتميتُ على الشواطئ مُثْقلاً

بالذكريات تعجُّ مُزْدَحمات

صديانَ للضَّفَتَيْنِ أمرحُ فيهما

وأعبُّ من رئتيهما نهلاتي

يا شَطُّ ما نسيَ الملاعبَ شاعرٌ

غنَّى على أفيائكَ الخَضِلات

ما في خيالي بعضُ ما بك من رُؤًى

قد وشَّحَتْ عَبْرَيكِ بالآيات

إني هنا ناغيْتُ مهدَ طفولتي

وعلى الفرات تخايَلَتْ ندواتي

هذي الخمائلُ ما برحتُ أرى بها

صورَ الطفولة كالضحى ألِقات

كانت بحيث النخلُ يمسح ظلُّه

قدميَّ منساباً على خطواتي

أنَّى التفتُّ رأيتُها مبثوثةً

في الشاطئين نديَّةَ اللَّمحات

كجناح ساهرةٍ تمدُّ جناحَها

مترفِّقاً يهفو على خُصلاتي

فإذا سهدتُ سَهدْتُ في أجفانها

وإذا شكوتُ تململتْ لشَكاتي

ولَكَمْ عثرتُ فغمغمتْ مذعورةً

ولكم ضحكتْ فعوَّذَتْ ضَحِكاتي

ولكم لمحتُ على الطريق ظلالَها

وأنا على الجرْفَيْن بين لِداتي

نهفو على سُوَر الكتاب كأننا

بين السطور براءةُ السُّورات

هي بنتُ هذا الشعب في أريافه

لا في مجنَّحةٍ من الشُّرفات

هي بنت فلاّحٍ يشدُّ ذراعَه

بالمِنْجَلِ المخضوبِ والمِسْحاة

هي أخت مَكْدودٍ يلفُّ جراحَه

صدأُ الحديد على دروب عُفاة

هي من حروف الله أولُ كِلْمةٍ

عَذُبَتْ على شفتيَّ في النَّبَرات

أمي وألفُ تحيّةٍ لدفينةٍ

بين الرمال السُّمر والذَّكوات

وأبي ولستُ بجاحدٍ أُكْرومةً

خطَّتْ على الأيام دربَ حياتي

وغذَتْنِيَ الفصحى وكان نجيُّها

في خير ما أبقتْ رمالُ فلاة

كنتُ الرفيقَ له فدَرْبي دربُه

مُتشابِهُ الآصالِ والغَدَوات

هو في ضميري ما برحتُ محبّةٌ

وعلى لساني تمتماتُ صلاة

ياشطُّ إني في رحابك فاغتفِرْ

وِزْرَ السنينَ مضين مُحْتربات

أنا لي هنا جيلٌ ألِفْتُ بعيدَه

كقريبهِ ولمحت فيه سِماتي

صافٍ على رَنْقِ الحياة وبؤسها

مرحٌ على الآلاء والنكبات

يكفيه في تموزَ ظِلُّ مُعَرَّشٍ

وغلالةٌ سمراءُ في السَّبَرات _

الله في شفتيه رمزُ محبةٍ

والحب فوق مظنة الشبهات

جيل من الفتيان ما لمحتْ له

ظلَّ المطيفِ ملاعبُ الفتيات

باريتُهُ الترْكاضَ في زهْوِ الصبا

نلهو مع الأيام في الغابات

بين النخيل لنا مرابعُ سمحةٌ

وعلى الضفاف الخضْر والقنوات

كنا إذا انحدر الصباح وصفَّقتْ

أطياره في النخل مصطحبات

نجري على سَنَنٍ إلى غاياتنا

ركْضَ المهار مضيْنَ في الحَلَبات

وإذا تَمَطَّى اللَيل ينشر ظله

كنّا من الأشباح في الظلمات

وإذا أطلَّ الصيف يمتصُّ الندى

فلنا بمُبْتَرَدٍ ضجيجُ عُراة

نتفيَّأ الأغصان وهْي سخيَّةٌ

ونقول للنخل المكَلَّل: هات

ومتى لمحنا الطير في أعشاشها

حُمْنا على الأعشاش مثلَ بُزاة

نصطاد عصفوراً يعسُّ فراخَه

ونطارد الغُربان بالرَّميات

ونروع أسراب الحمائم في الضحى

فتلوذ بالأشجار والوُكُنات

وكم اقتنصنا بالحِبالة بلبلاً

يغريه في المشتى بريقُ نواة

هي نزوة ومن المرارة أنني

أسترجع الذكرى من النزوات!!

جيلٌ وعدتُ على الطريق متمتماً

ما بين أفياءٍ ومنعطفات

أتصفَّح الأحياء وهْي مواثل

وأرد ألف تحيةٍ مهداة

فوجدتني وكأنني أسطورة

بين الجدود أطوف والجدات

ياشطُّ ما طُوِيَ الشراع ولاخبا

لَمْحٌ من الأقباس والجذوات

والليل والمجداف ينقر خلسةً

فيداعب الأمواج مُصْطَفِقات

وعتاب أيام وصوتُ مُرَجِّعٍ

يسخو على العَبْرَيْنِ بالآهات

ويد تدور مع الظلام على رحى

نزفتْ بقايا الروح بالزفرات

والموقد الخاوي وقِدْرٌ تمتمتْ

فوق الأثافي السودِ والجمرات

وحكاية عن فارس من قَشْعَمٍ

أو قصة طُويتْ على مأساة

يلهو بها نفرٌ على أكتافهم

وِقْرٌ من الإرهاق والإعنات

حتى إذا شرب الظلام دموعه

وانساب دفء الشمس في الطرقات

نهضوا ليومهمُ، ويومهمُ فمٌ

لِبَنينَ كالأشباح أو لبنات

هي صورة بك من ظلال شحوبها

مافي طريق الفجر من عتمات

«والسندباد» وهل عرفت مصيره

في غمرة الأسفار والهَبَوات؟

جوّاب آفاقٍ بعيد مطامحٍ

دامي الشراع مخضَّب المرساة

يطفو به موج فيحبس قلْعَه

حذَرَ العواصفِ والخِضمِّ العاتي

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن إبراهيم الوائلي

avatar

إبراهيم الوائلي حساب موثق

العراق

poet-ibrahim-al-waeli@

4

قصيدة

207

متابعين

إبراهيم بن محمد الشهير بحرج الوائلي...يعتبر من الشعراء العراقيين الذين عاشوا زمنا حرجا من أزمنة العراق الصعبة حيث المتغيّرات السياسية والاجتماعية والبيئية وما ينجم عنها من متغيرات تطرأ على تركيبة ...

المزيد عن إبراهيم الوائلي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة