الديوان » السعودية » إبراهيم الوافي » وجه آخر للقصيدة

حينما ..تصبحُ الأرضُ غُرَّةَ أنثى ..
يجوعُ اليتامى الصغارُ ..
يبيعونَ قارورةَ الماءِ وقتَ الظهيرةِ
للأثرياءِ الذينَ يَعَضُّونَ نَهْدَ المدينةِ بالمركباتْ
وتُعْشِبُ أرصفةٌ خانها الماءُ ..
أغْرَقَها بغسيلِ النوافذِ ..
دمْعُ الممرَّاتِ
حزنُ الحفاةِ العراة الذينَ ينامونَ في قلقٍ بانتظارِ الأضاحي ..
وتنمو على شفَةِ السَّطْرِ بعضُ جراحي ..
أجوبُ النهارَ .. وأشعلُ في البيت قنديلَ فيروز ..
أدنو إلى شاشةِ ( النِّتِّ )
أبحثُ عن وجْهِهَا مستديرًا ..
يُطَوِّقُهُ شَرشَفٌ للصّلاةْ
هي الآنَ أخرى ..تصبُّ الحليبَ لأطفالِها ..
حين كانتْ تشرِّعُ كأسي ..
ترجُّ الحكايا بأذكارِها حين كَانت تهزُّ برأسي ..
هي الأنَ أنثى بلا ساحلٍ ..
يستفزُّ النوارسَ ..
أو شهقةٍ .. يحنقُ الملتحونَ بها ..
حين تخطو أمامَ دكاكينِ بيع الحليِّ ..
وأزياءِ باريسَ ...
أنثى ..تنامُ بعيدًا .. بعيدًا ..
عن الثلجِ والكأسِ والأغنياتِ العِذابْ
هي الآن واقفةٌ .. دونها نصفُ بابْ ..!
أنا قامتي نخلةٌ .. كيف باللهِ
أحني لها هامتي حين أنوي الدخولَ إليها .. بها
يومَ أن وقَفَ الطائفونَ على بابِ ربي ..
وما في يديْها ثوابْ ..!
***
هي الأرض سيدةً
تستدير كثيرا .. تراوغ شمسَ السماءِ
بأن تمزج الرملَ بالريحِ
ثم يسافرُ بين أصابعِ وقتي .. وينثالُ مثلَ
الحريرْ
إليها القصيدةُ في مشهدٍ جاءَ قبلَ الأخيرْ
ومن غيرُها يدركُ الآنَ أني بقلبينِ
أولهما غائمٌ حالمٌ كبكاءِ الفقيرْ
وثانيهما مطرٌ ساحليٌ .. تَهُبُّ به الريحُ
تقْتَادُ فيهِ النساءَ اللواتي اغتَصَبْنَ المساءَ الضريرْ ..!
هي الأرضُ لكنها ..لم تعد تستحثُّ هطولَ القصائدِ
حينَ استعدتُ يدي من أصابعِها ..
عدتُ ضوءًا كسيرْ !
هي الأرضُ هاربةً من ورائي
ومازلتُ أعدو ..
أَعُدٌُّ العواميدَ حينَ تضيءُ بشارعنا ..
أحمل الخبزَ للبيتِ ..
ألثَمُ خدَّ ( وفاءٍ ) وأسرقُ لُعبتَها
وأقولُ ( لليلى ) .. تأخَّر ( شَايَكِ ) ..
هل زرتِ أمي الضحى ؟
.. أي صنْفٍ طبخْتِ ؟
أُحِبُّ البطاطسَ مقليَّةً
والطماطمَ معصورةً ..
وأحبك دفئًا وعشًّا صغيرْ..!
***
هي الأرض أنثى
تمدُّ لسانَ الدقائقِ ..
تمضي فلا أغلقُ البابَ من بعدِها
أهيئ طاولتي للبكاءِ ..
أرمِّمُ كرسيّها جانبًا
وأجيءُ بتوأمهِ عندما لاتعودْ ..
هي الأرضُ لم تستقِمْ للخلودْ ..!
هي الأرضُ .. بيضاءَ تُشبِهُ نَوْرَسةً
فرَّخَتْ في مراكبَ بحَّارةٍ سكنوا شاطئًا
من وراءِ الحدودْ
هي .... الآنَ محمومةٌ بالدُّوَارِ
مضمَّخةً بالرَّحيلِ
تشيرُ بإصبعِها للكلامِ فيمضيْ بها
نَحْوَ عجْز العيونِ
وصوتِ القلوبِ التي لا تجودْ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن إبراهيم الوافي

avatar

إبراهيم الوافي حساب موثق

السعودية

poet-ibrahim-al-wafi@

12

قصيدة

102

متابعين

إبراهيم أحمد الوافي شاعروأديب سعودي، ولد في ينبع النخل عام 1969م. المؤهلات العلمية: بكالوريس لغة عربية - كلية الآداب - جامعة الملك سعود . ماجستير في الأدب العربي - كلية الآداب - جامعة ...

المزيد عن إبراهيم الوافي

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة