الديوان » لبنان » أمين تقي الدين » أغاية حظك أن تظلما

عدد الابيات : 45

طباعة

أغايةُ حظّك أن تُظلماَ

وعُقبى شبابك أن يُرحَمَا

أُعيذك من أدمعٍ جارياتٍ

ومثلُ شبابك يُبكَى دما

ومن نكد العيش قول الذي قا

لَ إن القبورَ طريقُ السَّما

أفي القبر غيرُ عظام رميمٍ

وفي القبر غير دجىً خيّما

شَقينا وآباؤنا قبلنا

فصاروا ونحن نصير لِمَا

هُوَ الموت فابذُل له أدمعاً

وإِن شئت فابذُل له عَنْدَما

فليست تردّ الدموعُ حَبيباً

ولست تجُرّ الدِّما مَغْنما

أقِلّ البكا بعد عباسَ إِني

رأيت بُكا حظّه أكرما

ومن لم يكن حظه في الحياة

لَهُ مُسعِداُ عزّ أن يسلما

حياة الفتى سرُّ هذا الوجودِ

ومِن عبث الدهر أن تفهما

سلام على قبر عباسَ إِني

وقفت به الموقفَ المؤلِما

وقفت به خاشعاً جزعاً

أُودّعُه مُكرَها مرغَما

وما خانني الصبر فيه ولكن

وجدت بكائي له أحزما

بكَيتُ رقيقَ شبابي وإني

لأَبكي به الصاحبَ الأَكرما

رفيق صباً لم يطُل عهدُه

إلى أن غدا حلوُه عَلقما

سقاني رِضاه فلما صَحَوتُ

إذا بفؤاديَ يشكو الظَما

فيا ويحَ حظيَ بعد الشبابِ

وحظُّ الشباب غدا معدَمَا

ومن فَجَعتْهُ المُنَى في صباه

تراءى صِباه له مظلِما

رفيقَ الصبا أين عهدُ الإخاء

أَكان الوفاءُ بأن أُظْلَما

حنانَيكَ لا أدّعي الظلمَ فيكَ

أُعيذ ودادك أن يُلَثما

لقد كنتَ لي ساعدي ويميني

وكنتُ لديكَ الأخَ المكرَما

فإن فَجَعتني بك الحادثاتُ

فما غيَّرتْ قلبيَ المُغرَما

ذكرتُكَ ما أَنسىَ عهداً

نعِمْنا به زمناً منعما

على شاطئ النيل من روضةٍ

إلى روضة كطيورِ الحِمى

طروبَين نسرَحُ في ظِلّه

ضحوكَينِ قَلْباً به وفما

بلى سالَمَتْنَا الليالي ولكنْ

أَرتنا جزاءَ الذي استسلما

يقولون عباس في غربتي

عداه الحِمام فلن يُعصَما

فوا لهفي من صروف الزمانِ

يموتُ الحبيبُ ولن يلثما

فيا روح عباس أين تكونين

في ذا الفضا أم بلغت السَّما

أفي عالمِ النور مثل النجومِ

تضيئين أم في دجى أظلما

أطِلّي علينا وبُوحي لنا

بِسرّ الوجودِ لكي نعلما

أفي الكونِ ربٌ فنشكو له

وربُّك كان بنا أرحما

أم الكون لا شيءَ نحيا ونفنى

وما الروح في الحيّ إلاّ الدّما

أطلي أجيبي أشيري لنا

فقد آن يا روحُ أن نفهما

أَناجيتِ ربَّك في مُلكِهِ

وقلتِ له رحمةً قبلما

فلي والدٌ أعجزته الليالي

وأمٌّ ستقضي أسىً بعدما

ولي طفلة لم تَحُزْ سنَتَينِ

إذا أَنا مُتُّ فلن تَسْلَما

أعباس نَمْ آمِناً مستريحاً

فقد قُضِي الأمرُ أن تُظلَما

ومن مبلغٌ هند في مصر أني

رأيتُ التأسي بها أكرما

إذا كفرت هند في ربّها

فربكِ يا هندُ لن يَرْحَمَا

يقول لعباس نَمْ بسلامٍ

حبيبٌ على قبره سَلَّما

ويا قبرَ عباس كن ليّناً

على جِسمِهِ لا تكن مؤلِما

فتى ملء بردتِهِ عِفّةٌ

طليقٌ محياَ ضحوكٌ فما

أيبلو الحياة ثلاثين عاماً

ولما بَلَتْهُ قضى مرغما

سقت قبرَك الأدمعُ الجارياتُ

وإلاّ سقاه فؤادي الدما

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أمين تقي الدين

avatar

أمين تقي الدين حساب موثق

لبنان

poet-amin-taqi-eddin@

86

قصيدة

39

متابعين

أمين بن سعيد بن محمود بن حسين تقي الدين محام وصحفي وشاعر وکاتب لبناني ولد سنة 1884م، من أهل بعقلين بقضاء الشوف، تعلم ببيروت، وأقام زمناً بمصر فأنشأ فيها مجلة ...

المزيد عن أمين تقي الدين

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة