الديوان » فلسطين » عبد الرحيم محمود » نجوى المحتضرة

عدد الابيات : 34

طباعة

دَنا المَوتُ مِنّي أَبا جَعفَرٍ

وَغاضَ الجَمالُ وَزاغَ البَصَرْ

سَأَقضي غَداً فَالوَداعَ الوَداع

وَداع الفِراقِ وَداع العُمُرْ

وَاِعبُرُ بَرزَخَ هذي الحَياةْ

وَكُلُّ عَناءٍ لَهُ مُستَقَرْ

لَكَ اللَهُ سَعَّرتَ نارَ الجَوى

بِقَلبي وَجانَبتَ لَمّا اِستَعَر

فَكُنتُ أُنادي الحَريقَ الحَريقْ

وَنادَيتُ يا نارُ كوني أَحَرْ

وَما كُنتَ تَعطِفُ عَطفَ العَشيق

وَتَخنو حُنُوَّ الحَبيبِ الأَبَرْ

تَعَذَّبتُ في الحُبِّ مَن في الهَوى

تَذَوَّقَ ما ذُقتُ مَن في البَشَرْ

أَهَنتُ عَزيزي وَأَسلَمتُ نَفسي

إِلَيكَ لِتَرضى أَلا تَذَّكِرْ

وَخالَفتُ أَهلي وَعادَيتُهُم

وَهُم مِثلَما قَد عُلِمَت الغُسُرْ

وَحاذَرتُ مِنكَ النَوى وَالصُدود

وَلَم يُغنِ عَنّي شَديدُ الحَذَرْ

وَها أَنَت قَد بِنتَ وَاِحَسرَتاه

وَغادَرَتني لِعَذاري أُخَرْ

وَلَم يَبقَ مِنكَ سِوى ذِكرَيات

وَلَم يَبقَ لي مِنكَ إِلّا صُوَرْ

فَها أَنتَ في الدَيرِ تَشكو الهَوى

وَمِن أَلَمِ البُعدِ لا تَختَصِرْ

وَها أَنتَ تَبكي بُكاءَ الرَضيع

فَأَمتَصُّ مِن مُقلَتَيكَ العِبَرْ

وَأَرمي بِنَفسي عَلى ساعِدَيك

فَتَرفُقَ بِالخَصَر لا يَنكَسِرْ

تُدَغدِغُ نَهدِيَ يا لَلغَرام

وَيا لِزَمانٍ تَقَضّى وَمَرْ

وَها أَنَذا في فِراشِ المَمات

أَتَسمَعُ نَجوى الَّتي تَحتَضِرْ

عَجِبتُ لِقَلبي يَصونُ العُهود

وَيُوفي الوُعودَ لِمَن قَد غَدَرْ

فَلَيتَكَ يا قَلبُ لَمّا عَلِقت

بِهِ صَرَعَتكَ أَيادي القَدَرْ

لَقَد قُدتَني لِسَبيلِ الفَناء

وَمَن كانَ هاديهِ أَعمى عَثَرْ

لِمَ الذُلَّ يا رَبَّةَ الكِبرِياء

لِإِذلالُكَ النَفسَ إِحدى الكُبَرْ

سَتَقضينَ عَمّا قَريبٍ فَما

يَهُمُّكِ هَجر الَّذي قَد هَجَر

تَنَاسَيهِ لا يَزدَهيهِ الغُرور

فَيَشمَتُ قَلبٌ لَهُ كَالحَجَرْ

أَموتُ وَتَهوى مِنَ الغيدِ غَيري

لِهذا مِنَ المَوتِ عِندي أَمَرْ

أَبَعدي تَهونُ عَلى مَن تُحِب

لِيَ اللَهُ غائِرَة تَستَعِرْ

وَدَدتُ لَوَ اَنَّكَ بَينَ اليَدَين

أَضُمُّكَ لِلصَّدرِ ضَمّاً عَسِرْ

وَأَلتَفُّ لَفَّ الأَفاعي عَلَيك

وَأَنظُرُ سُمِّيَ فيكَ اِنتَشَرْ

وَيَجمَعُنا مَيِّتينَ السَريرُ

وَيا طالَما جَمَعَتنا السُرُرْ

وَتَقضي وَيَقضَينَ حُزناً عَلَيك

وَما نالَ مِنكَ سِوايَ الوَطَرْ

وَلكِن لِماذا بَل اِبقَ اَبراهيم

وَخُذ في هَوى الغيدِ بَعدي وَذَرْ

سَأَصبِرُ باقيَ هذي الحَياة

وَأَيُّ الأَحِبَّةِ مِثلي صَبَرْ

وَلكِن تَعالَ وَقِف فَوقَ رَأسي

وَقَبِّل مَعينَ الّلمى وَالحَوَرْ

وَبَلِل مُصَوّحَ وَردِ الخُدود

بِمَدمَعِكَ الساجِم المُنهَمِرْ

أَموتُ أَبا جَعفَرٍ فَالوَداع

وَداعَ الفِراقِ وَداعَ العُمُرْ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عبد الرحيم محمود

avatar

عبد الرحيم محمود حساب موثق

فلسطين

poet-abdalrahim-mahmoud@

34

قصيدة

1

الاقتباسات

125

متابعين

عبد الرحيم محمود حوالي ثوري وشاعر فلسطيني، ولد في بلدة عنبتا إلى الشرق من طولكرم عام 1913م . وأنهى دراسته الابتدائية في بلدته عام 1925، وأكمل دراسته المتوسطة في مدينة طولكرم، وأنهى ...

المزيد عن عبد الرحيم محمود

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة