عدد الابيات : 49

طباعة

حَنَانَيْك ! ما أَحْلى الوَفَاءَ وعِطْرَهُ

إِذا نَشَرَتْهُ مُهْجَةٌ وسَرَائِرُ

وما أَجْمَلَ الأيَّامَ زهْوُ عَطائِها

حَنانٌ وأَشْوَاقٌ زَهَتْ وبَوَادرُ

وما أَحْسَنَ الدُّنْيَا إِذَا الحُبُّ نَفْحَة

يَمُوجُ بهَا بِرٌّ غَنيٌّ وطاهِرُ

وما أَعظَمَ الحبَّ الغَنيَّ ، ونبْعُهُ

يَقينٌ وإِيمانٌ جَلَتْهُ المآثِرُ

هو الحُبُّ نَبعٌ لا يَغيضُ فتَرْتَوي

نُفُوسٌ وتُروَى لهْفَةٌ ومَشاعِرُ

هو النّبْعُ : حُبُّ الله ، حُبُّ رَسُوِلِهِ

إِذَا صَحَّ روَّى الكونَ والنّبْعُ زَاخِرُ

فَتُرْوَى بِهِ خُضْرُ الرِّياضِ وَوَرْدَةٌ

وتُرْوَى بَوادٍ بعدها وحواضرُ

وتمْضِي به حُلْوْ النَّسَائم والنَّدى

ويَنْشُرُه في سَاحِرِ اللّحْنِ طائِرُ

حَنَانَيْك ! هذا الحبُّ بِّرٌّ ورَحْمَةٌ

ولُحْمَةُ أَرْحَامٍ نَمَتْ وأواصِرُ

وصُحْبَةُ إِخْوانٍ تَدُومُ مَعَ التُّقى

وعَدْلٌ مَعَ الإِنْسَانِ مَاضٍ وقادرُ

وأَجْمَلُهُ بَيْتٌ عُرَاهُ مَوَدَّةٌ

لَهَا سَكُنٌ حانٍ عَلَيْهِ وناشِرُ

تُظلِّلُهُ الأَنْداءُ رَيّاً ورَحْمَةً

ويَحْفَظُه خَيرٌ مِنَ الله عَامِرُ

تَمُوجُ به الأَنْوارُ بَيْنَ رِحَابِهِ

فَتَنْشَأُ فِتيانٌ به وحَرائِرُ

شَبابٌ أَشِدّاءٌ كأَنَّ وجوهَهم

من النُّور صُبْحٌ مَشْرِقُ الأُفْقِ ظاهِرُ

وتُتْلَى به الآيَاتُ نُوراً وحكمةً

فتنشأ فِيه حانِياتٌ نَوَاضِرُ

هي الأُمُّ يَرعَى لَهْفَة الشَّوق بَعْلها

وبيتاً وأَجْيالاً رَعَتْها المَفَاخِرُ

هو الأَبُ قوَّامٌ مَعَ الرشْدِ بَذلُهُ

ولِلأبِ حَقٌّ بالقِوامَةِ ظَاهِرُ

ويَجْمَعُهُمْ في البَيْتِ حُبٌّ كَأَنَّه

رَفِيقُ النَّدى ظِلٌّ هِنيءٌ ووافِرُ

هو الحُبُّ أَشواقٌ هُناكَ ولَهْفَةٌ

يموجُ بِهَا قَلْبٌ وفيٌّ وَخَاطرُ

نَقِيٌّ كأنْفَاسِ الصَّباحِ ، رَفِيفُه

غَنِيٌّ كَدَفْقِ النُّور ، في القَلْب عَامِرُ

كَأَنّ فَتِيتَ المِسْكِ مِنْه ، أو أنَّهُ

من الْعَبَقِ الفَوّاحِ ورْدٌ وزَاهِرُ

كأَنّ النّسيم الحُلْوَ خفْقُ حَنينه

ورفُّ النَّدَى مِنْهُ غَنيٌّ وناضِرُ

هو البيْتُ ! إِن أَعْدَدْته كان أُمَّةً

لها في مَيَادينِ الحَيَاةِ البشائِرُ

مَضَينَا نَشُقُ الدّربَ شَقّاً ونعتَلي

صُخُوراً ونمضي دُونَها ونُغَامِرُ

يَعَضُّ عليْنا الشوكُ تَدْمي به الخُطا

وتَدْمي به أَكبَادُنُا والنَّواظِرُ

يَقودُ خُطانَا مِنْ هُدَى الحقِّ دِينُنَا

وأفئِدةٌ تُجْلَى به وبَصَائِرُ

وعَهْدٌ مَعَ الرَّحْمن أَبْلَجُ نورهُ

تَدَفَّقَ فانْزاحَتْ بِذاك الدّياجِرُ

تدورُ بِنَا الآفَاقُ حَيْرَى يَروعُهَا

دماءٌ على سَاحَاتِهَا ومَجَازرُ

فتلك دِيارُ المُسْلمين تَواثبَتْ

ذئابٌ عَليْها أو وُحُوشٌ كَواسِرُ

تُمزِّقُ أرضاً أَو تُمزِّقُ أُمَّةً

وأَشلاؤُها في الخافقين تَنَاثَرُ

تَنوَّعَتِ الآلام : أحْزَانُ أُمَّةٍ

وأَهواءُ قومٍ لوَّثَتْهم مَعَايِرُ

فكم غَادَرَ الدّرْبَ السَّويَّ أَخُو هوىً

يُطاردُ أشْبَاحَ الهَوىَ وهو سَادِرُ

وظَلَّ على العَهْدِ النَّقيِّ أَجِلَّةُ

لآلئُ مِنْ صَفْو الوَفَاءِ جَواهِرُ

حنانَيْك ! هذا الدَّرب نحْملُ دُونَهُ

رسَالَةَ تَوحِيد جَلَتْها المقادِرُ

سنَمْضي بإذن الله نُوفي بِعَهْدنا

مَعَ الله مَهْمَا رَوَّعَتْنَا المخاطِرُ

يُضيء لَنَا نُورُ اليَقِين سَبيلَنَا

فَتَنْزاحُ عَنَّا غُمَّةٌ وعَوَاثِرُ

هُوَ الحُبِّ مِنْ نَبْعِ الصَّفَاءِ رُوَاؤه

تَمُوجُ بِه أَحْناؤنا والضمائِرُ

فهذا جَمَالُ الحُبِّ هذا جَلالُه

رَعَاهُ وزكَّاهُ الجِهادُ المثابِرُ

فما العُمْرُ إلاَّ رَوْضَةُ وغراسها

جِهادٌ غَنيُّ بالعطاءِ وناشرُ

حَنَانيكِ ! كَمْ جُرح ضَمَدتِ وأنَّةٍ

مَسَحْتِ وهَمٍّ في الفؤادِ يُدَاورُ

وكَمْ كَان مِنْ رأي رشيدٍ بَذَلِتِه

فأطْلَقَه ُ قَلْبُ ذَكيُّ وخَاطِرُ

وَكمْ لَيْلَةٍ قد بِتُّ أَرعى نَجْومها

فيطْرُقُني هَمّ وهَمُّ وآخَرُ

فَشَارَكتني همّي حَناناً وحكْمِةً

وقُمنا بِذكر الله تُجلى الخَوَاطِرُ

ضَرَعْنا إلى الرَّحمن سِرّاً وجهرةً

فَقَلبٌ يُنَاجِي أو لِسَانٌ يُجِاهِرُ

فَزَعْنا إِلى أَمن الصلاة وأَمْنُها

خُشوعٌ وهاتِيكَ الدّمُوع المواطِرُ

مَضينا نشُقُّ الدَرْبَ والصَّخْرُ دونَنَا

وأَشواكُهُ ، والله حَامٍ وناصِرُ

ومَنْ يتَّقِ الرَّحمن يَنْجُ ومَنْ يَخُنْ

مَعَ الله عهْداً لَمْ تَدَعْهُ الفواقِرُ

ولا يَصْدُقُ الإيمَانُ إِلاَّ إِذا جرى

هواه لِيَرْعَى الحقَّ والحقَُّ ظاهِرُ

وَهَذا جَلالُ الحُبِّ يَمضي به الفَتى

فَتُرْوَى به الدُّنْيا وتُرْوَى الضّمائِرُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عدنان النحوي

avatar

عدنان النحوي حساب موثق

السعودية

poet-adnan-alnahwi@

21

قصيدة

90

متابعين

الدكتوروالداعية الإسلامي عدنان على رضا النحوي، ولد في مدينة صفد على سفح جبل الجرمق الشاهق بفلسطين في 15/1/1928 ودرس مختلف المراحل الدراسية الأولية فيها ونال دبلوما في التربية والتعليم وأصول ...

المزيد عن عدنان النحوي

أضف شرح او معلومة