عدد الابيات : 65

طباعة

القُدْسُ في خَطرٍ؟! وَيْحي ! ويُفزِعُني

طولُ الشكاةِ وطولُ العَتْبِ والصّخَبُ

فالناسُ بيْنَ مغاني اللّهو تَصْرَعهمْ

أهواؤُهم وأماني العجْزِ و الرّغَبُ

أنّى تلفّتَّ أنغامٌ مُخَدٍّرَةً

ونشوَةٌ وليالٍ هَزّها الطّرَبُ

والقومُ في غفْوَةٍ ! في التيه ! في ظُلَم

يَلقُّهمْ مِنْ دياجيرِ الهوى حُجُبُ

عواصِفٌ مِنْ شتاتِ الأمرِ نازلةٌ

فيهمْ وثائرةُ الإعصار تقتربُ

تمزَّقوا فِرَقاً شتّى يَدور بِهمْ

مرُّ الصِّراع وهوْلُ الشرِّ والحَرَبُ

أَلقَى العَدُوُّ فُتَاتاً فَانْبَرَوْا فِرقاً

تَنَافَسُوهَا فأَلهَاهُمْ هَوىً كَذِبُ

مَاليْ أَلومُ عَدوّي كُلّما نَزَلتْ

بِيَ الهَزَائِمُ أو حَلّتْ بِنا النُّوَبُ

نحنُ الملومون ! عَهْدُ اللهِ نَحْملهُ

وقد تَخَلَّفَ منا العَزْمُ و السببُ

القُدْسُ في خَطَرٍ؟! الآن ؟! واعجباً

أيْنَ السّنُونَ التي مَرّت بها الكُرَبُ ؟!

أَين المواعظُ دوّت في مسامِعنا؟

أين النَّذير و أين الآيُ و الكُتُبُ؟!

أَيْنَ القَوارع هزّتْ كُلَّ ذي صَممٍ

ولمْ يُهَزَّ لنا عزْمٌ ولا قُضُبُ ؟!

وخُطّةُ القوِم تَمضي بَيْنَنَا زَمناً

تَطولُ فيهِ دَواعي المكْرِ و الرّيَبُ

ونَحنُ نمضي على أحْلامِنا وَهَناً

تُنازُلاً في دُروبِ التّيهِ نَضْطَربُ

مسلسلٌ ! كمْ نزلْنا فيه مُنْحَدَراً

يَهْوي بنا! هان فيه العزْم والطّلَبُ

دوَّتْ شِعَاراتُنا ! بُحَّتْ حَناجِرُنا!

جُنّتْ عواطِفُنَا! تَعْلو وتلْتَهبُ

ضجّتْ شِكايتُنَا في كُلِّ مُعْتَرَكٍ

مَعَ الهَزيمة تُطْوَى ثمَّ تَحْتَجِبُ

لهَيْئةٍ مُزِّقتْ في ساحِها أمُمٌ

يا سوءَ ما فَعلوا في الأرض و ارتكبوا

لقد ركنّا لكيْدِ الظالمينَ ولمْ

نَزَلْ على كَيْدهم نشْقَى و نَنْقَلبُ

لم نشْكُ لله ! لم نلجأ ْلرحمتِه

فما استقام على نهجِ الهُدى أرَبُ

أعطاكُمُ اللهُ ما يُرْجى بهِ أمَلٌ

وَمَا يُعَزُّ به الإحسانُ و الدأبُ

هذي الملايينُ فَوْقَ الأرض قد نُثِروا

وَوَفْرةٌ من كنوزِ الأرض والذهبُ

وموقعٌ وَسَطٌ في الأرضِ متّصلٌ

يَضمُّ ذلك حَبْلُ الدِّينِ والسببُ

فبدَّلوا بعطاء الله ما قَذَفَتْ

به أيادي عدّوٍ جودُه عَطَبُ

وبَدّلوا العهدَ ! ويحي ! لم يعدْ لهمُ

إلا الشِعارات دوّتْ عندها العُصَبُ

فأصبحوا شِيَعاً شتَّى ممزَّقة

وساحُها في يد الأعداء تُنْتَهَبُ

القدسُ في خَطَرٍ ؟! ما زال يُذهِلُني

حقّاً ويُفزِعُني من أمرِنا عَجَبُ

القدسُ يا أُمّتي ليْسَتْ بِمنْعَزَلٍ

عن الديار، ولا الخطْبُ الذي خَطبُوا

القُدْسُ يا أمّتي موصولةٌ بِعُرا

وبالحبالِ التي يزكو بها النَّسَبُ

بالبيتِ , بالكعبة الغرّاء ! عُروَتُها

شُدَّت بِها ، بِغَنيِّ النّور تأتَشِبُ

وبالمدينة حَبْلٌ غير منفَصمٍ

عَهْداً مع الله حّقاً ليس ينقَضِبُ

عَهْداً إلى أُمَّةِ الإسلام ما صدقت

أمانةَ العهدِ والحقِّ الذي يَجِبُ

من مكة وظلالِ الكعبةِ انطلقتْ

ركائبُ الحقِّ يحدوها الهوىالعَذِبُ

مَسْرى الرسولِ ! وجِبريلُ الأمينُ به

ودفقةُ النّور في الآفاقِ تنسِكبُ

يَطْوي البُراقُ على أشواقه أملاً

إليك يا قُدْسُ يهفو قلبُه الوَجِبُ

تطوي الزّمانَ وتطوي البيَد وْثبَتُه

تراجَعَتْ دونه الساحات ُوالحقَبُ

المصطفى ! وجلال الوحي يَحْرُسُه

والكونُ من حوله يرنو و يرتَقِبُ

أرخى البراقُ جَناحيه بساحته

فانشَقَّ فجْرٌ مع الأيام مُرْتَقَبُ

هذا النبيُّ ! وهبَّ الأنبياء له

من عالم الغيب ! تُغضي عنده الهُدُبُ

هنا التقي عالَم الغيبِ الذي طلَعتْ

رؤاه والمشهَدُ الحقُّ الذي صَحِبوا

فأمَّهم ! وجنودُ الحقّ شاهِدةٌ

بأن تلك الرّبى للحقّ تنتسبُ

أمانةً في رِقاب المسلمين لهمْ

يوم الحساب أمور غير ما احتسبوا

مَضى البُراقُ يَشقُّ الأُفْق منطلقاً

بومضة للسموات العُلا يَثبُ

ومن رُبى طيبَةٍ فوحُ العصور سَرى

مسكاً غنيّاً ونشراً ليس يُجْتلَبُ

يا قُدسُ ! يالَهْفَةَ الأكْبَاد صادقةً

ولهفَةً عمَّها الإعصارُ والغَضَبُ

يا طلعةَ الشوق والأقْصى يُرَجّعُها

مع العصورِ وحدٌّ صارِم ذرِبُ

القدْسُ يا أُمَّتي فوحُ العصور بها

صَبّتْ مجامِرها الساحاتُ والحِقَبُ

القدس يا قومُ تاريخ تجودُ به

أرضُ الرسالاتِ! ما أزكى الذي تَهَبُ !

أرض الرسالات كم مدّت ملاحمها

دماً على ساحِها بالمسكِ ينسكبُ

القدسُ زَهْرةُ تاريخ مُعَطَّرةٌ

جُذورها في بطون الأرض تحتجبُ

فإن تقَطّعت الأحبال وانفصَمتْ

تلك العرا جَفّت العيدان والقَصَبُ

وإن تُرى قُطّعَتْ تلك الجُذُورُ فهلْ

تظلَّ تَعبقُ في ساحاتها الكُثُبُ

تقول : كلاّ ! فقد خبّأت كلَّ شذى

عندي لكل شهيد كنتُ أرتَقِبُ

خبّأت كلَّ عطوري في مجامِرها

نديَّةً لزحوفٍ ليسَ تنْقَلبُ

يا قومُ ! كلُّ رَوابينا عَلى خَطَرٍ

وقد تَكسَّرَتِ الأسياف والقُضُبُ

وسدَّ كلَّ سبيل للجهاد بها

أين السبيل؟! واين الفتية النُجُبُ

المجرمون طغاةُ الأرض قد زحفوا

زحفاً يموجُ به جَيْشٌ لهمْ لَجِبُ

القدسُ في خطر ؟! ويحي ! أَيرفَعُه

عنّا القصيد ويشفي صدرنا الخُطَبُ

كم مهرجان وكم من ندوةٍ طَلَعَتْ

يدورُ فيها بيانُ الشعر والأدبُ

ما أجمل الأدب الفوّاح تتطلقه

حُمْرُ النِّصالِ وفي الميدانِ يَخْتضِبُ

ولليهودِ ميادين القنا فُتِحتْ

كلٌّ بأُهبَتِه في ساحها يَثِبُ

شادُوا من العلم ما هَابَتْهُم أُمَمَ

بِه وما عزّ فيه القاطع الذربُ

عزائم ٌ لم تزلْ تبني مصانِعَها

من السلاحِ الذي يُرْجى به الغَلَبُ

فهذه الصين تَسعى في مودَّتِهمْ

مهابةً، وسواها مُقْبِل حَدِبُ

قوموا إلى ساحها ياقوم وانتصروا

لله في جولة يُجلَى الدمُ السَّرِبُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عدنان النحوي

avatar

عدنان النحوي حساب موثق

السعودية

poet-adnan-alnahwi@

21

قصيدة

89

متابعين

الدكتوروالداعية الإسلامي عدنان على رضا النحوي، ولد في مدينة صفد على سفح جبل الجرمق الشاهق بفلسطين في 15/1/1928 ودرس مختلف المراحل الدراسية الأولية فيها ونال دبلوما في التربية والتعليم وأصول ...

المزيد عن عدنان النحوي

أضف شرح او معلومة