قصري بناهُ الوحيُ رحبَ المجال
في القبّةِ الزّرقاءِ منذ الوجود
فارقصنَ فِيهِ يا بنات الخيال
يا حَبّذا منكنّ هزّ القُدود
وامرَحنَ في ساحاتِ ذاك الجمال
والبسنَ من تلكَ الدراري عقود
تلوحُ في دُهم الليالي الطوَال
علامةً للنفسِ في زهدها
وَا لَذّة العيشِ برعيِ النجوم
بينَ أسى الشاكي ورشفِ المُدام
إذ تطردُ الاحلامُ جيشَ الهموم
إذ تنجلي الآمالُ تحت الظلام
دبّي رعاكِ الله بنتَ الكُروم
وغلغلي في القلبِ حتى ينام
على بساطٍ مُدّ فوقَ الغيوم
حاكَتهُ أيدي النفس من وجدها
ما تنفعُ الشكوى ودمعي بحور
حفّت حياةٌ سُلّ منها الشباب
لم يُبقِ منها الدهرُ إِلاّ قشور
لولا قليلٌ أودعوها التراب
لكنّ في قصري وراء البدور
باقٍ إِلى يَومِ النشور اللُّباب
قد وَقرَتهُ النفسُ قبل العبور
من هذه الدنيَا إِلى مَهدها
يا عاذلي في سُهدِ ليلى الطويل
ولائمي لمّا أطلقتُ النواح
دَعني فما لي غيرُ هذا السبيل
فمن حوَاشي الليل يبدو الصباح
فإن رَأيتَ الدمعَ مني يسِيل
فَذا بِشَرعِ الحُبِّ عينُ الصّلاح
أو قلتَ قصري ما علَيه دليل
أقصر وخلّ النفسَ في رُشدها
من أينَ حسنُ الزُّهر لولا السواد
هيهاتِ لولا الصبرُ عيشٌ يطِيب
يا قلبُ والآمالُ أحلى وساد
لمَن بهذا الكونِ أمسى غريب
نم آمناً من بعدِ هذا السّهاد
فإنّ ما ترجوهُ خلفَ المَغيب
ومَن رأى الدّنيا بعينِ الرّشاد
حاشاهُ أن يبكي على فَقدِها
أنا على دربي بظلّ الأمَان
أشدو كدرويشٍ غريبٍ شريد
وكلُّ يومٍ لي برغمِ الزّمان
فوزٌ علىالدّنيَا وعيشٌ رَغِيد
حتى إذا ما نامَ هذا الجَنان
لحقتُ أحلامي بقصري البَعِيد
إذ ألتقي بالنفسِ حولَ الجِنان
فالنفسُ ما زالت على عَهدها
شاعر لبناني، من شعراء المهجر الامريكي، ولد في سبكتنا في لبنان سنة 1871م انتقل سنة 1889 م
الى باريس، فأقام ثلاث سنوات، وانتقل إلى مانشستر فأقام نحو ذلك، وهو ...