الديوان » لبنان » فوزي المعلوف » خل البداوة رمحها وحسامها

عدد الابيات : 54

طباعة

خَلِّ البَدَاوَةَ رمحَهَا وَحسَامَهَا

وَالجاهلِيَّةَ نوقَهَا وخيامَهَا

مَضَتِ العصورُ الخَالِيَاتُ فَمَا لَنَا

نَحْيَا بِهَا مُتَلَمِّسِينَ ظَلَامَهَا

أَيَكُونُ عَصْرُ النورِ طَوْعَ بنانِنَا

وَنَلُمُّ من تِلْكَ العُصُورِ حُطَامَهَا

مَاذَا تُفيدُ الشعرَ وقفةُ شاعرٍ

يَبْكِي الطُّلُولَ قُعُودَهَا وَقِيَامَهَا

يَرْثِي، وَلَا طَلَلٌ هُنَاكَ وَإِنَّمَا

هِيَ عَادَةٌ ضَمِنَ الخُمُولُ دَوَامَهَا

رَثَّتْ قَصَائِدُهُ فَمَطْلِعُهَا «قِفَا

نَبْكِ» الدِّيَارَ وَقَدْ يَكُونُ خِتَامَهَا

شَرْطُ البَلَاغَةِ وَضْعُ كُلِّ مَقَالَةٍ

بِمقَامِهَا إِمَّا طلبتَ زِمَامَهَا

أَتَكُونُ فِي الفِرْدَوْسِ بَيْنَ أَزَاهِرٍ

نَفَحَ الغَدِيرُ أَقَاحَهَا وَخُزَامَهَا

وَتَجِدُّ فِي الصحراءِ تَطْلُبُ زَهْرَةً

مِنْ تُرْبَةٍ لَفَحَ الهَجِيرُ رِغَامَهَا

فَاتْرُكْ تَقَالِيدَ القَدِيمِ مُهَدِّمًا

أَقْدَاسَهَا وَمُحَطِّمًا أَصْنَامَهَا

بَلِيَ القَدِيمُ بِلى عِظَامِ عِظَامِهِ

فَإِلَامَ تَنْبُشُ فِي القُبُورِ عِظَامَهَا

وَدَعِ السِّيَاسَةَ حَرْبَهَا وَسَلَامَهَا

وَاحْفَظْ لِنَفْسِكَ فِي الحَيَاةِ سَلَامَهَا

شَطَّ المزَارُ فَمَا صِيَاحُكَ نَافِعٌ

شَيْئًا وَقَدْ أَلْوَتْ بِلَادُكَ هَامَهَا

أَتَكُونُ فَارِسَهَا وَتُحْجِمُ دُونَهَا

مُسْتَنْجِدًا حورانَهَا وَشَآمَهَا

والبَحْرُ بَيْنَكَ فِي الجِهَادِ وَبَيْنَهَا

وَقَّاكَ نِيرَانَ الوَغَى وَسِهَامَهَا

لِلَّهِ مِنْ حَرْبٍ تُثِيرُ ضِرَامَهَا

لِتَرَى سِوَاكَ وَقِيدَهَا وَطَعَامَهَا

إِنَّ الأُلَى اسْتَلُّوا هُنَا أَقْلَامَهَا

غَيْرُ الأُلَى اسْتَلُّوا هُنَاكَ حُسَامَهَا

وَالحَامِلُونَ عَلَى الصُّدُورِ كِلَامَهَا

غَيْرُ الرُّوَاةِ عَنِ الصُّدُورِ كَلَامَهَا

هَذِي بِلَادُكَ مَا نَفَعْتَ قِيَامَهَا

فِي مَا نَظَمْتَ وَلَا بَعَثْتَ نِيَامَهَا

هِيَ لَمْ تَزَلْ هِيَ رَغْمَ كُلِّ شَكِيَّةٍ

أَبَدًا تسوسُ ذِئَابُهَا أَغْنَامَهَا

وَمَتَى رَأَيْتَ كَمَا تَرَى حُكَّامَهَا

فَاحْكُمْ بِفَوْضَى ضَعْضَعَتْ أَحْكَامَهَا

وَاتْرُكْ لِخُدَّامِ السِّيَاسَةِ أَمْرَهَا

فَهيَ الَّتِي اخْتَارَتْهُمُ خُدَّامَهَا

وَذَوُو السُّيُوفِ رَعَوْا هُنَاكَ ذِمَامَهَا

وَلَكَ اليَرَاعَةُ فَارْعَ أَنْتَ ذِمَامَهَا

بَلَدُ البَدَائِعِ يَحْتَوِيكَ فَحَيِّهِ

بِبَدَائِعٍ عَزَّتْ عَلَى مَنْ رَامَهَا

هَذَا مُقَامُ الوَحْيِ فِي جَنَبَاتِهِ

جَعَلَتْ مَلَائِكَةُ الخَيَالِ مُقَامَهَا

فَاسْتَوْحِ سينَاءَ الجَمَالِ قَصِيدَةً

تُهدي الجمالَ صَلَاتَهَا وَسَلَامَهَا

هِيَ مِنْ عُيُونِ الشِّعْرِ نَزَّلَ وَحْيَهَا

شِعْرُ العُيُونِ وَأَنْتَ صُغْتَ نِظَامَهَا

حَلَمَتْ بِجَنَّاتِ النَّعِيمِ نُفُوسُنَا

حَتَّى رَأَتْهُ فَحَقَّقَتْ أَحْلَامَهَا

تَمْشِي الفُصُولُ عَلَيْهِ مِشْيَتَهَا وَمَا

بَرِحَ الرَّبِيعُ مُرَافِقًا أَيَّامَهَا

يُغْوِيكَ فِيهِ البَحْرُ وَهْوَ مُلَمْلِمٌ

أَمْوَاجَهُ حَتَّى تَخَافَ زِحَامَهَا

مَا أَنْ تَرَى فِي جَزْرِهِ إِحْجَامَهَا

حَتَّى تَرَى فِي مدِّهِ إِقْدَامَهَا

وَيرُوعُكَ الجَبَلُ الأَشَمُّ مُعَانِقًا

سُحْبَ السماءِ مُطَاوِلًا أَجْرَامَهَا

خلعَ الخلودُ عَلَيْهِ ثَوْبَ مَهَابَةٍ

سجدَ الزمانُ برغمِهِ قُدَّامَهَا

أَمَّا شَوَاطِئُهُ فَكَمْ لِي وَقْفَةٌ

بِرِحَابِهَا مُسْتَنْزِلًا إِلْهَامَهَا

نَامَتْ عَلَى حِضْنِ المُحِيطِ فَأَيْقَظَتْ

عَيْنَ المُحِيطِ فَلَنْ تذوقَ مَنَامَهَا

وَشَدَا لَهَا بِهَدِيرِهِ تَهْوِيمَةً

أَبَدًا يُوَقِّعُ مَوْجُهُ أَنْغَامَهَا

فَعَلَى الأَصِيلِ هُنَاكَ صُفْرَةُ غَيْرَةٍ

فَضَحَتْ عَوَاطِفَ شَمْسِهِ وَغَرَامَهَا

فَتُحِسُّ فِي بَرْدِ الأَثِيرِ دُمُوعَهَا

وَتَجِسُّ فِي بُرْدِ النَّسِيمِ سِقَامَهَا

حَتَّى إِذَا هَبَطَ الظلامُ وبخَّرَتْ

أَنْفَاسهُ فَوْقَ الرمالِ ضِرَامَهَا

شاهدتَ أَجْمَلَ مَنْظَرٍ فِي وَصْفِهِ

يُعْيي اليراعَةَ أَنْ تَنَالَ مَرَامَهَا

أفُقٌ مِنَ الأَنْوَارِ شَعَّ عَلَى الثَّرَى

وَدَّتْ سَمَاؤُكَ لَوْ كَسَتْهُ غَمَامَهَا

فَتَظُنُّ نَفْسَكَ ضِمْنَ عِقْدِ لآلئٍ

خفِيَتْ مَصَابِيحُ النُّجُومِ أَمَامَهَا

وَتَخَالُ فوقَ البحرِ مِنْ أَشْبَاحِهَا

غِيدًا يُدَغْدِغُ مَاؤُهُ أَجْسَامَهَا

لَمْ تَدْرِ هَلْ جَعَلَتْ بِهِ مِرْآتَهَا

أَمْ أَنَّهَا جَعَلَتْ بِهِ حَمَّامَهَا؟

تِلْكَ الشَّوَاطِئُ لَا عَدِمْتَ جَمَالَهَا

وَجَمَالَ غَادَاتٍ حَكَيْنَ حَمَامَهَا

يَخْطِرْنَ فِي حُلَلِ الدَّلَالِ فَهَلْ رَأَتْ

فِي البِيدِ عَيْنُكَ رِيمَهَا وَنَعَامَهَا؟

مِنْ كُلِّ سَافِرَةٍ رَمَتْ فِي مُهْجَتِي

سَهْمًا فَأَقْعَدَهَا الهَوَى وَأَقَامَهَا

لَثَمَ النسيمُ خدُودَهَا فَتَلَثَّمَتْ

لَكِنَّ مِنْ وَرْدِ الحَيَاءِ لثَامَهَا

خَفَّتْ لِرِقَّةِ رُوحِهَا فَإِذَا خَطَتْ

فَوْقَ الأَزَاهِرِ مَا لَوَتْ أَكْمَامَهَا

وَإِذَا مَشَتْ بَيْنَ العُيُونِ ملمَّةً

كَادَتْ جُفُونُكَ لَا تَعِي إِلْمَامَهَا

فُتِنَ المُحِيطُ كَمَا فُتِنْتُ بِحُسْنِهَا

فَهَوى يُقَبِّلُ مَوْجُهُ أَقْدَامَهَا

رُوحِي فِدَى أَعْطَافِهَا يَا لَيْتَهَا

عَطَفَتْ وَقَدْ عَطَفَ الدَّلَالُ قوَامَهَا

يَا لَلرُّبُوعِ الزَّاهِيَاتِ مُثِيرَةً

ذِكْرَى بِنَفْسِي حَرَّكَتْ آلَامَهَا

ذِكْرَى الغَرِيبِ لِأَهْلِهِ وَبِلَادِهِ

فِي غُرْبَةٍ مَلَأَ الجَوَى أَعْوَامَهَا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن فوزي المعلوف

avatar

فوزي المعلوف حساب موثق

لبنان

poet-fawzi-maalouf@

30

قصيدة

65

متابعين

فوزي بن عيسى إسكندر المعلوف شاعر لبناني ولد في زحلة في 21/5/1899. أتقن الفرنسية "وهو زهرة منتقاة من الطبعة النبيلة في أمته، إذ يمتُّ بنسبه إلى أسرة عريقة في القدم، ...

المزيد عن فوزي المعلوف

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة